تختزن هذه الأرض تنوّعاً طبيعياً وثقافياً قلّ نظيره، إلا أنها ما تزال بعيدة عن الاهتمام الذي تستحقه.

يرى خبراء الجيولوجيا أن محافظات فارس، كهكيلويه وبوير أحمد، هرمزغان، وبوشهر، بما تزخر به من ظواهر جيولوجية فريدة وتضاريس آسرة، ليست مجرد لوحات طبيعية تُمتع العين، بل هي أيضًا مختبر حيّ لتاريخ الأرض، وفرصة لتجربة الطبيعة والثقافة والتاريخ في آنٍ واحد.

فارس .. أرض القباب الملحية والكهوف والشلالات
تقع محافظة فارس في قلب جبال زاغروس، وتُعدّ من أغنى مناطق إيران بالظواهر الجيولوجية. فمن قباب الملح المشتقة من رواسب هرمز، إلى الطيات المحدبة والصدوع مثل كازرون وقمهر، تتشكل مناظر طبيعية أخّاذة، تُزينها الينابيع والشلالات مثل مارغون سبيدان، أحد أعلى شلالات الينابيع في العالم.

كما تضم فارس كهوفاً كارستية بارزة مثل كهف شابور وكهف سيدة خاتون، وبحيرات ملحية مثل مهارلو وبختيغان، إضافةً إلى أحافير بحرية تكشف تاريخ الحياة القديمة في المنطقة.

كهكيلويه وبوير أحمد .. متحف زاغروس الحي
تتألق هذه المحافظة بقممها الجبلية وعلى رأسها قمة دنا (4430 م)، التي تُحيط بها وديان عميقة، أنهار دائمة، وشلالات مثل كامردوغ وياسوج. وتُعد الكهوف الكارستية مثل ده شيخ وتادوان مواقع مثالية لدراسة التكوينات الجيرية والمياه الجوفية.

إلى جانب الطبيعة، يضفي نمط حياة بدو بختياري على هذه الأرض بعدًا ثقافيًا أصيلًا، يجعل من زيارتها تجربة متكاملة.

هرمزغان .. جزر ملونة وحديقة جيولوجية عالمية
تطل هرمزغان على الخليج الفارسي وبحر عمان، وتحتضن جزيرة قشم، المسجلة ضمن شبكة اليونسكو للحدائق الجيولوجية. تضم قشم أكثر من 25 موقعاً جيولوجياً مدهشاً، من بينها وادي ستاراغان، وخانق تشاهكوه، وقبة الملح، وتُكمل غابات المانغروف، الأنهار والينابيع، المشهد الطبيعي الساحر للمحافظة.

بوشهر .. سواحل التعرية وأكبر قبة ملحية في الشرق الأوسط
تُعرف بوشهر بسواحلها الطويلة على الخليج الفارسي وجزرها الصغيرة، كما تحتضن قبة جاشك الملحية التي تُعد الأكبر في الشرق الأوسط بمساحة 3666 هكتاراً، ويُطلق عليها اسم "الجبال الثلجية" بسبب مظهرها الفريد.

إلى جانب الظواهر الجيولوجية، تزخر بوشهر بتراث تاريخي مثل سراديب سيراف القديمة والقلاع الإسلامية والمباني القاجارية.

السياحة الجيولوجية؛ فرصة للتنمية المستدامة
يؤكد الخبراء أن استثمار هذه الإمكانات لا يتطلب فقط الترويج والتعريف بالمواقع، بل يحتاج إلى حماية قانونية، تطوير البنية التحتية، ودعم السياحة المحلية.

كما أن تصميم جولات متخصصة يقودها خبراء، إلى جانب إشراك المجتمعات المحلية في الحماية والترويج، يمكن أن يحول جنوب إيران إلى وجهة عالمية للسياحة الجيولوجية والثقافية.