البث المباشر

العلم النافع ومستقبل تكنولوجيا في رؤية الفائزين بجائزة المصطفى (ع)

السبت 20 سبتمبر 2025 - 16:17 بتوقيت طهران
العلم النافع ومستقبل تكنولوجيا في رؤية الفائزين بجائزة المصطفى (ع)

استعرض ثلاثة علماء بارزين من إيران والهند وتركيا في أول جلسة نقاشية مستديرة لمؤسسة المصطفى (ص) للعلوم والتكنولوجيا، مساراتهم العلمية ووصفوا إنجازاتهم في مجالات الطاقة المتجددة، التشخيص المبكر للسرطان والذكاء الاصطناعي.

بُثت الحلقة النقاشية الأولى لمؤسسة المصطفى (ص) بحضور الفائزين بجائزة المصطفى (ص) لعام 2025 مع ثلاثة علماء بارزين في مجالات الطاقة المتجددة، الطب الحيوي، والذكاء الاصطناعي.

وفي بداية البرنامج، أشار المقدم للبرامج إلى المكانة التاريخية للمراصد في الحضارة الإسلامية، قائلاً: في العصر الذهبي للحضارة الإسلامية، لم تكن المراصد مجرد أماكن لمراقبة السماء والنجوم، بل كانت أيضًا مركزًا لتبادل الآراء بين العلماء ومناقشة القضايا العلمية والاجتماعية. اليوم، وفي هذا السياق، نستضيف الفائزين بجائزة المصطفى (ص) لمناقشة القضايا العلمية والتكنولوجية الراهنة.

وتابع كلمته بالترحيب بالطلاب من باكستان وأوزبكستان وإيران، وقدّم ضيوف البرنامج:

الأستاذ "محمد خواجه نذير الدين" من الهند، الحائز على جائزة المصطفى (ص) في مجال الطاقة المتجددة، والذي حقق إنجازات مهمة في تطوير الخلايا الشمسية عالية الكفاءة. وقد ساهمت هذه التقنية في زيادة إنتاج الكهرباء بشكل ملحوظ مقارنةً بالنماذج القديمة، ولعبت دورًا فعالًا في نشر الطاقة النظيفة.

الأستاذ "مهمت تونر" من تركيا، الحائز على جائزة في مجال الطب الحيوي وتشخيص السرطان، والذي نجح في فصل الخلايا السرطانية عن طريق تصميم "رقائق ميكروفلويدية"، محققًا بذلك خطوة كبيرة نحو التشخيص المبكر لهذا المرض وعلاجه.

والأستاذ "وهاب ميرركني" من إيران، الخبير في علوم البيانات والذكاء الاصطناعي، صمم خوارزميات وأساليب مبتكرة لتحليل البيانات الضخمة، وكان لهذه الابتكارات تطبيقات مهمة في الطب ومختلف مجالات استخراج البيانات.

 

نصائح علمية للشباب

وفي الجزء الأول من النقاش، تم السؤال عن المسار الذي ينتظر الطلاب المهتمين بالعلوم والتكنولوجيا للوصول إلى مناصبهم.

قال البروفيسور نذير الدين مؤكدًا على أهمية "الطموح العالي وأخلاقيات العمل": "قبل بضع سنوات، كنا، مثلكم أيها الطلاب اليوم، نواجه نفس الأسئلة والمخاوف. إذا تحليتم بالعزيمة والجهد، ستجدون أنفسكم يومًا ما في مكاننا".

كما اعتبر البروفيسور مهمت تونر المثابرة والموهبة أمرًا بالغ الأهمية، وأضاف: "جوهر العمل هو الفضول. إذا لم تنجح في مكان ما، فلا تعتقد أن الأمر قد انتهى". كنت طالبًا ضعيفًا في الجامعة، ولم يتوقع أحد تخرجي، لكنني واصلت بفضول وتعلم مستمر.

كما أكد البروفيسور ميرركني على ضرورة الفضول والمثابرة في آن واحد، قائلًا:

"في علوم الحاسوب والمجالات المماثلة سريعة التطور، يتمتع شباب اليوم بمكانة أفضل من الأجيال السابقة". بدخول مجالات جديدة وإتقانها بسرعة، يُمكنك أن تُصبح من أفضل الخبراء في هذا المجال خلال عام واحد.

وفي نهاية هذا القسم، أشار المُقدّم إلى ما يُسمى بـ"الجيل الرقمي" من الشباب، قائلاً: قد يكون جيلنا مهاجرًا إلى هذا العالم، لكن شباب اليوم وُلدوا فيه.

 

التطرق إلى الإنجازات العلمية

في القسم التالي، خُصص النقاش لوصف الإنجازات العلمية لثلاثة علماء مُختارين في هذا المجال، والتي تضمنت تجاربهم ونتائجهم في مجالات الطاقة الشمسية، والتقنيات الحديثة لتشخيص الأمراض، وعلم البيانات.

واستكمل مُقدّم البرنامج حلقة النقاش المستديرة لمؤسسة المصطفى (ص)، ، مُشيرًا إلى مفهوم "العلم النافع" في التعاليم الإسلامية، قائلاً:

"العلم النافع هو العلم الذي يُحسّن نوعية حياة الإنسان، ويُقلّل الأمراض، ويُقلّل من التفاوتات، ويُتيح فرصًا مُتساوية لحياة أكثر إنتاجية".

وقد قدّم كلٌّ من ضيوف هذه الليلة مثالًا واضحًا على هذا النوع من العلم.

 

خلايا شمسية حديثة ذات تأثير بيئي ضئيل

في الجزء الأول من مناقشات الخبراء، تحدث البروفيسور محمد خواجة نذير الدين من الهند عن أبحاثه في مجال تطوير خلايا البيروفسكايت الشمسية. وناقش في البداية آلية عمل هذه الخلايا، موضحًا أنه عندما تمتص بلورات البيروفسكايت فوتونات ضوء الشمس، تنتقل الإلكترونات من نطاق التكافؤ إلى نطاق التوصيل، ويبدأ تيار كهربائي. وأضاف:

"باستخدام البنية السداسية للبيروفسكايت ومواد مضافة مثل المركبات الحيوية القائمة على الرصاص والجزيئات الكارهة للماء المحتوية على الفلور، تمكنا من تمهيد مسار الإلكترونات، وتنظيم البنية البلورية، وزيادة الاستقرار الكيميائي للخلايا في مواجهة الرطوبة ودرجة الحرارة".

كما تحدث عن مشاكل خلايا السيليكون الشمسية:

"هذه الخلايا، التي تستحوذ على 95% من السوق الصينية، تُنتج بكفاءة تبلغ حوالي 25%، إلا أن عملية تصنيعها عند درجة حرارة 1400 درجة تُطلق كمية كبيرة من ثاني أكسيد الكربون وتستهلك الكثير من الطاقة".

ووفقاً له، تُصنع خلايا البيروفسكايت الجديدة عند درجة حرارة 120 درجة، وتتمتع بكفاءة مماثلة، لكنها لا تُصدر ثاني أكسيد الكربون أثناء عملية التصنيع، مما يُقلل من الآثار البيئية الضارة.

كما اعتبر خواجة نذير الدين أن من نقاط ضعف خلايا السيليكون ضعف أدائها في درجات الحرارة المرتفعة، وأوضح: في الصيف، تصل درجة حرارة هذه الخلايا إلى حوالي 60 درجة، ومع كل درجة حرارة أعلى، تنخفض كفاءتها بنسبة عُشر بالمائة، وفي النهاية تنخفض كفاءتها الفعلية بنحو 14 بالمائة.

وتابع البروفيسور محمد خواجة نذير الدين شرحه مُدرجاً ثلاث ميزات رئيسية لخلايا البيروفسكايت الشمسية مُقارنةً بخلايا السيليكون:

أولاً، لا يتغير أداء هذه الخلايا بشكل ملحوظ مع ارتفاع درجة الحرارة؛

ثانياً، تحت الضوء غير المباشر، فهي أفضل بنسبة تصل إلى 30 بالمائة من خلايا البيروفسكايت الشمسية.

وثالثًا، حتى في ظروف الشتاء التي تنخفض فيها كفاءة خلايا السيليكون، تظل كفاءة خلايانا مستقرة.

وفي إشارة إلى الاستثمار الصيني المكثف في هذه التقنية، أضاف:

"تُنفذ الحكومة الفيدرالية والسلطات المحلية في الصين برامج دعم رئيسية لتطوير خلايا البيروفسكايت. ويمكن للطلاب والباحثين الشباب لعب دور رئيسي في حل أزمة الطاقة من خلال دخول هذا المجال. ويمكن استخدام هذه التقنية حتى في القرى الصغيرة لتوفير الكهرباء وتحقيق استقلالية الطاقة.


التشخيص الدقيق للسرطان باستخدام الرقائق الدقيقة

عقب جلسة المائدة المستديرة، صرّح البروفيسور مهمت تونر من تركيا، الحائز على جائزة المصطفى (ص) في مجال الطب الحيوي، عن تقنية الرقائق الدقيقة التي ابتكرها لتحديد الخلايا السرطانية:

"في عام 2007، نجح فريقنا في مستشفى ماساتشوستس العام في تطوير رقاقة CTC-I، التي استطاعت تحليل دم المريض بالكامل دون الحاجة إلى معالجة أولية وعزل الخلايا السرطانية بنقاء عالٍ".

ووفقًا له، تراوح عدد الخلايا السرطانية المحاصرة في كل مليلتر من الدم، حسب حالة المريض، من بضع خلايا إلى عدة مئات، وقد تمكنت الرقاقة من تحديد 99... نسبة نقائل سرطان الرئة، والبروستاتا، والبنكرياس، والثدي، والقولون.

وأضاف البروفيسور مهمت تونر:

"في عام 2013، ومع تطوير رقاقة CTC-II، تمكنا من الحصول على خلايا سليمة وغير تالفة دون استخدام علامات سطحية. وقد مهد هذا التطور الطريق للبحث في مقاومة الأدوية، ونمو الورم أثناء العلاج، وتصميم طرق علاج شخصية لكل مريض."

كما ذكر الخطوة الثالثة من البحث:

"في عام 2015، ابتكرنا رقاقة لتحديد مجموعات الخلايا السرطانية؛ وهي مجموعات تتميز، على عكس الخلايا المفردة، بخصائص أكثر عدوانية، ويُعد تحديدها أمرًا بالغ الأهمية لمنع انتشار النقائل".

وأكمل البروفيسور مهمت تونر حديثه بتقديم "رقاقة العنقود"، التي طُوّرت في عام 2015 وكانت أول من عزل مجموعات الخلايا السرطانية - حتى المجموعات المكونة من خليتين - مباشرةً من دم المرضى دون الحاجة إلى وسم.

وقال:

"كانت هذه نقطة تحول في علاج السرطان؛ لم تعد هناك حاجة لأخذ عينات الأنسجة الغازية، وأصبح بالإمكان مراقبة مسار المرض، وآلية مقاومة الأدوية، واحتمالية الانتكاس، ومسار العلاج المحدد لكل مريض.

وشرح طبيعة هذه الشريحة قائلاً:

"إنها مصنوعة بنفس التقنية المستخدمة في إنتاج رقائق الكمبيوتر، ولكن بدلاً من معالجة البيانات، تقوم بفحص دم المرضى لفصل خلايا الورم بناءً على خصائصها الميكانيكية والكيميائية الحيوية".

ووفقًا له، فإن هذه الشريحة قادرة على معالجة 300 مليون خلية في ثانية واحدة، وتحديد خلية سرطانية واحدة فقط من بين مليارات خلايا الدم.

وأضاف البروفيسور مهمت تونر:

"طريقتنا هي نوع من *أخذ العينات السائلة*؛ أي أننا نأخذ عينة من دم المريض دون الحاجة إلى جراحة أو إزالة أنسجة لتحديد الخلايا السرطانية التي دخلت الدم من أنسجة الورم. هذه الطريقة غير جراحية، ويجري تقييمها حاليًا في تجارب سريرية على أنواع مختلفة من السرطان.

وقد رسم صورةً واعدةً:

يودي السرطان بحياة 10 ملايين شخص سنويًا. ويمكن للكشف المبكر عنه أن يُقلل من عدد الوفيات بشكل كبير. وقد أوجدت التطورات التي شهدتها السنوات العشرين الماضية في الأدوية المُستهدفة والعلاجات المناعية والأساليب الجديدة مجموعة أدوات فعّالة في مكافحة السرطان، وإذا أُضيف إليها الكشف المبكر، فإن أملنا في خفض هذا العدد العالمي إلى النصف أو حتى إلى مزيد من الانخفاض كبيرٌ جدًا.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة