والصلاة والسلام على نبي الرحمة محمد المصطفى وعلى آله الطيبين الابرار الاخيار ...
السلام عليكم ـ مستمعينا الاكارم ـ ورحمة الله وبركاته وأهلاً بكم في برنامجكم هذا راجين ان تقضوا معه وقتاً طيباً ومفيداً ...
مستمعينا الاعزاء ـ لقد عرف الامام علي(ع) كأخيه الرسول الاكرم(ص) بالكرم والسخاء فقد كان اندى الناس كفاً واكثرهم براً واحساناً للفقراء وكان(ع) لا يرى للمال قيمة سوى ان يرد به جوع جائع او يكسو عرياناً، وكان يؤثر الفقراء على نفسه ولو كان به خصاصة، وقد ذكر المؤرخون نماذج كثيرة من بره واحسانه كان منها: روى الاصبغ بن نباتة قال: جاء رجل الى الامام(ع) فقال له: يا امير المؤمنين ان لي اليك حاجة قد رفعتها الى الله قبل ان ارفعها اليك فان قضيتها حمدت الله وشكرتك، وان لم تقضها حمدت الله تعالى وعذرتك؟
فقال له(ع): اكتب حاجتك على الارض فاني اكره ان ارى ذلك السؤال على وجهك فكتب الرجل: اني محتاج، فأمر الامام(ع) باحضار حلة فاهداها له، فلبسها الرجل وقال:
كسوتني حلة تبلى محاسنها
فسوف اكسوك من حسن الثنا حللا
ان نلت حسن ثنائي نلت مكرمة
ولست تبغي بما قد قلته بدلا
ان الثناء ليحيي ذكر صاحبه
كالغيب يحيي نداه السهل والجبلا
لا تزهد الدهر في خير تواقعه
فكل شخص سيجزى بالذي عملا
وأمر له الامام بمئة دينار، فدفعها له، وبادر الاصبغ قائلاً: يا امير المؤمنين، ومئة دينار؟! لقد استكثر الاصبغ اعطاء الرجل مئة دينار فأجابه الامام(ع): (سمعت رسول الله(ص) يقول: انزلوا الناس منازلهم وهذه منزلة الرجل عندي).
واما الآن ـ مستمعينا الافاضل ـ مع نور آخر من انوار الرسالة المحمدية انها فاطمة البتول وبضعة الرسول(ص) حيث روى جابر بن عبد الله الانصاري(رض) قال: صلى بنا رسول الله(ص) صلاة العصر، فلما فرغ منها جلس في القبلة والناس حوله فاقبل شيخ طاعن في السن وهو يشكو الجوع قائلاً: يا نبي الله انا جائع فاطعمني، وعار فاكسني، فامره رسول الله(ص) باتيان بضعته، فهي التي تسعفه، فانطلق الشيخ الى بيت الزهراء(ع) فسلم عليها وقال: يا بنت محمد، انا عاري الجسد، جائع، فواسيني يرحمك الله، وكانت الزهراء(ع) في ضائقة اقتصادية، فلم تجد شيئاً تسعف به سوى جلد كبش ينام عليه ولداها الحسنان(ع) فقالت له: خذ هذا ايها الشيخ، فزهد فيه ورده اليها، فعمدت سلام الله عليها الى عقد في عنقها فخلعته وناولته له كان قد اهدته لها فاطمة بنت عمها الشهيد حمزة(ع) فاخذه الرجل وانطلق نحو النبي(ص) وقال: يا رسول الله اعطتني هذا العقد، وقالت بعه عسى الله ان يعوضك به خيراً فبكى النبي(ص) وقال: وكيف لا يصنع الله بك خيراً وقد اعطته بنت محمد سيدة بنات آدم. وبادر الطيب ابن الطيب عمار بن ياسر(رض) فاشترى العقد بعشرين ديناراً ومئتي درهم، وبردة يمانية، وراحلة تبلغه الى اهله، واطعمه البر واللحم، فانطلق الشيخ فرحاً مسروراً وهو يدعو لسيدة نساء العالمين(ع) قائلاً: اللهم لا اله لنا سواك، اللهم اعط فاطمة ما لا عين رأت ولا اذن سمعت. وعمد عمار ذلك الصحابي الجليل(رض) الى العقد فطيبه بالمسك ولفه في بردة يمانية واعطاه بيد عبد له وقال له: خذ هذا العقد فادفعه الى رسول الله(ص) وانت له، ومضى العبد فدفع العقد الى رسول الله(ص) فأمره النبي ان يمضي به الى سيدة النساء فاخذته واعتقت العبد، فلما سمع النبي(ص) بذلك ضحك وقال: عظيم بركة هذا العقد اشبع جائعاً وكسا عرياناً واغنى فقيراً، واعتق عبداً ورجع الى صاحبه.
مستمعينا الاكارم ـ وفي ختام البرنامج نذكر نموذجاً رائعاً من حلم سبط الرسول وسيد شباب اهل الجنة الامام الحسن(ع) حيث كانت عنده شاة فرآها وقد سكرت رجلها فقال لغلامه: من فعل هذا بها؟ قال الغلام انا فقال له الامام(ع) لم ذلك؟ قال: لاجلب لك الهم.
فتبسم الامام(ع) وقال له: لأسرَّنَّكَ، ثم اعتقه واجزل له العطاء.
نعم مستمعي الكريم ـ هكذا كان أئمة اهل البيت(ع) رمزاً للانسانية الكاملة وللخلق الرفيع لا يثيرهم الغضب ولا يزعجهم من اساء اليهم فهم شجرة النبوة وموضع الرسالة ومختلف الملائكة ومعدن العلم، قد وضعوا نصب اعينهم قول الله تعالى: «ادفع بالتي هي احسن فاذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم» (فصلت، 34).
وختاماً ـ ايها الاكارم ـ نشكركم على حسن المتابعة وجميل الاصغاء ونرجو لكم كل خير. وحتى اللقاء القادم نستودعكم الباري تعالى والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
*******