وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله الاوصياء الراضين المرضيين ...
السلام عليكم ـ مستمعينا الاكارم ـ ورحمة الله وبركاته واهلاً بكم في برنامجكم هذا آملين ان تقضوا معه وقتاً طيباً ومفيداً.
مستمعينا الافاضل ـ لقد كان من اخلاق امير المؤمنين علي بن ابي طالب(ع) امتناعه عن تناول الاطعمة الشهية فقد اقتصر على ما يسد الرمق من الاطعمة البسيطة كالخبز والملح وربما تعداه الى اللبن او الخل، وكان في ايام رسول الله(ص) يربط الحجر على بطنه من الجوع وكان قليل التناول للحم وقد قال(ع): "لا تجعلو بطونكم مقابر للحيوانات".
يقول ابن ابي الحديد: انه ما شبع من طعام قط، وقد اتي له بفالوذج وهو حلواء تصنع من الدقيق والماء والعسل، فلما رآه قال(ع):"انه طيب الريح، حسن اللون، طيب الطعم، ولكن اكره ان اعوَّد نفسي ما لم تعتد".
وقد روى الامام ابو جعفر(ع) قال: «اكلَ عليٌّ من تمر دقل ثم شرب عليه الماء، وضرب يده على بطنه وقال: من ادخله بطنه النار فابعده الله».
لقد تحرج رائد العدالة الاجتماعية في طعامه كاشد ما يكون التحرج وقد تحدث(ع) عن زهده بقوله: فوالله ما كنزت من دنياكم تبرا، ولا ادخرت من غنائمها وفرا، ولا اعددت لبالي ثوبي طمرا، ولا حزت من ارضها شبرا.
ان امير المؤمنين(ع) ـ مستمعينا الاكارم ـ لم ينل من اطائب الطعام حتى وافاه الاجل المحتوم، فقد افطر اخر يوم من حياته في شهر رمضان على خبز وجريش ملح، وامر برفع اللبن الذي قدمته ابنته السيدة ام كلثوم، وهو في نفس الوقت كان(ع) يطعم اليتامى العسل بيده حتى قال بعض اصحابه، وددت اني كنت يتيماً.
لقد زهد الامام(ع) في جميع متع الحياة الدنيا وتجرد تجرداً تاماً من جميع رغباتها، وقد روى صالح بن الاسود قال: رأيت علياً قد ركب حماراً وادلى برجليه الى موضع واحد وهو يقول: انا الذي اهنت الدنيا. اجل والله لقد احتقر الامام(ع) الدنيا فلم يحفل بأي مظهر من مظاهر السلطة والحكم، واتجه نحو الله تعالى، وعمل كل ما يقربه اليه زلفى.
واما الآن ـ مستمعينا الاعزاء ـ ننتقل الى علم آخر من اعلام أهل بيت النبوة وهو الامام محمد بن علي الباقر(ع) لنتحدث عن كرمه وسخائه حيث جبل(ع) على البر والاحسان للبؤساء والمحرومين وادخال السرور عليهم، يقول ابن الصباغ: "كان محمد بن علي بن الحسين مع ما هو عليه من العلم والفضل والرئاسة والامامة ظاهر الجود في الخاصة والعامة، مشهوراً بالكرم في الكافة، معروف بالفضل والاحسان مع كثرة عياله وتوسط حاله".
وقد روى المؤرخون بوادر كثيرة من جوده كان منها: روى الحسن بن كثير قال: شكوت الى ابي جعفر محمد بن علي الحاجة وجفاء الاخوان، فتأثر وقال(ع) بئس الاخ يرعاك غنياً ويقطعك فقيراً، ثم امر غلامه فأخرج كيساً فيه سبعمائة درهم وقال(ع):"استنفق هذه فاذا نفدت فاعلمني" وروى عبد الله بن عبيد وعمرو بن دينار قالا: ما لقينا ابا جعفر محمد بن علي الا وحمل الينا النفقة والكسوة. ويقول(ع): هذه معدة لكم قبل ان تلقوني. وروت مولاته سلمى قالت: كان يدخل عليه اخوانه فلا يخرجون من عنده حتى يطعمهم الطعام الطيب ويلبسهم الثياب الحسنة ويهب لهم الدراهم.
وكان يقول لها: (ما يؤمَّل في الدنيا الا المعارف والاخوان) وكان يقول(ع): ايضاً ما حسنت الدنيا الا صلة الاخوان والمعارف. وكان من معالي اخلاق الامام الباقر(ع) ايضاً تكريمه للفقراء وتبجيله لهم لئلا يرى عليهم ذل الحاجة، وقد عهد لاهله انه اذا قصدهم سائل لا يقولون له يا سائل خذ هذا وانما يقولون: يا عبد الله بورك فيك. وقال(ع): سموهم باحسن اسمائهم.
اجل ـ مستمعي الكريم ـ انها اخلاق الانبياء التي جاءت لتسمو بالانسان وتغذيه بالعزة والكرامة، وتنفي عنه الذل والخنوع، وكان الباقر(ع) كثير البر والصدقة لفقراء المدينة وقد احصيت صدقاته فكانت ثمانية الاف دينار وكان(ع) يتصدق على فقراء المدينة في كل يوم جمعة بدينار، ويقول: الصدقة يوم الجمعة تضاعف الفضل على غيره من الايام.
وقبل الوداع ـ مستمعينا الكرام ـ نسأل الباري عز وجل ان يجعلنا واياكم من المتمسكين بكتابه العظيم وبعترة رسوله الكريم محمد(ص) كي ننال خير الدنيا والآخرة انه سميع مجيب.
ونشكركم ـ ايها الاحبة الاكارم ـ على حسن المتابعة وجميل الاصغاء وحتى اللقاء القادم نستودعكم الله تعالى والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
*******