والصلاة والسلام على حبيب الله العالمين محمد المصطفى وعلى آله الطيبين الطاهرين...
السلام عليكم ـ ايها الاحبة الكرام ـ ورحمة الله وبركاته وأهلاً بكم في برنامجكم هذا آملين ان تقضوا معه وقتاً طيباً ومفيداً ...
مستمعينا الافاضل ـ لقد كان من اخلاق امير المؤمنين علي(ع) التواضع ومن تواضعه(ع) انه في رجوعه من صفين مر على دهاقين الانبار فقابلوه بمزيد من التعظيم والتكريم فانكر الامام ذلك وقال لهم: (والله ما ينتفع بهذا امراؤكم، وانكم لتشقون به على انفسكم وتشقون به على آخرتكم، وما اخسر المشقة وراءها العقاب وما اربح الراحة معها الامان من النار).
نعم مستمعي الكريم ـ ان المهرجانات الشعبية التي تقيمها الشعوب لملوكها ورؤسائها وتتضمن الزينة والتصفيق والتهليل هي في عرف الامام(ع) ضلال وانحراف عن الحق، وان الرؤساء كبقية افراد الشعب لا ميزة لهم عليهم، يقول الرواة لما قدم الامام(ع) من حرب الجمل مر بالمدائن فهرع اهلها لاستقباله، وعلت زغردة النساء فاستغرب(ع) وسألهم عن ذلك فقالوا له: انا نستقبل ملوكنا بمثل ذلك فقال لهم الامام بما مضمونه: انه ليس ملكاً وانما هو كبقية المواطنين، لا ميزة له عليهم سوى انه يقيم الحق والعدل في البلاد، ومكث(ع) جالساً في مكانه لم ينصرف حتى انصرف الناس الى اعمالهم. وكان من تواضعه(ع) انه لم يسمح لاي احد ان يسير خلفه لا من الشرطة ولا من غيرهم.
لقد كان من معالي اخلاق الامام الحسين(ع) انقطاعه الى الله تعالى واعتصامه به، وتفاعل حبه لله تعالى في عواطفه ومشاعره، يقول المؤرخون انه عمل كل ما يقربه الى الله زلفى، فكان كثير الصلاة والصوم والحج والصدقة وافعال الخير وهذه نماذج من تقواه(ع).
كان ابو الاحرار الحسين(ع) شديد الخوف من الله سبحانه حتى قال له بعض اصحابه: ما اعظم خوفك من ربك؟
فاجابه(ع): لا يأمن يوم القيامة الا من خاف الله تعالى في الدنيا. لقد كان الباري عز وجل نصب عينيه فلم يقم باي عمل من اعمال الخير الا لوجه الله تبارك وتعالى.
وكان الامام الحسين(ع) وكما ذكر ولده زين العابدين(ع) كثير الصلاة والصوم وانه كان يصلي في اليوم والليلة الف ركعة واكد ذلك ابن الزبير حينما علم باستشهاده فقال اما والله لقد قتلوه، كان طويلاً بالليل قيامه، كثيراً في النهار صومه، وقد حج سيد الشهداء(ع) بيت الله الحرام خمساً وعشرين حجة ماشياً على قدميه.
واما الآن ـ مستمعينا الاعزاء ـ نتجه الى قمر آخر من اقمار اهل بيت النبوة وهو الامام علي بن الحسين السجاد(ع) الذي كان من معالي اخلاقه نكران الذات والتجرد من الانانية فلم يكن لها أي طابع في نفسه او سلطان عليه، ومن بودر ذلك انه اذا اراد السفر سافر مع قوم لا يعرفونه ليتولى خدمتهم، ولا يخدمه احد منهم، وسافر مرة مع جماعة لا يعرفونه وهو يخدمهم فبصر به رجل يعرفه فرفع صوته قائلاً: ويلكم اتعرفون هذا؟ قالوا لا نعرفه، فقال: هذا علي بن الحسين بقية الله تعالى في الارض وحجته على عباده، واسرع القوم نحو الامام(ع) يقبلون يديه قائلين: اتريد ان تصلينا نار جهنم، ما الذي حملك على هذا؟ فاجابهم بصوت خافت رقيق النبرات (كنت قد سافرت مع قوم يعرفونني فاعطوني برسول الله(ص) ما لا استحق، واني اخاف ان تعطوني مثل ذلك، فصار كتمان امري احب الي).
ارأيتم ـ مستمعينا الاعزاء ـ هذا السمو والكمال، الذي تميز به الائمة الميامين من اهل البيت(ع) وكان من معالي اخلاق زين العابدين(ع) انه اذا مر بشارع ورأى ما يؤذي السائرين من حجر او مدر "والمدر هو الطين الذي لا رمل فيه" نزل عن دابته ونحاه بيده عن الطريق، كما انه اذا سار في الطريق على بلغته، لا يقول لاحد: الطريق، ويقول(ع): هو مشترك وليس لي ان انحي عنه احداً.
ان هذه الاخلاق ـ مستمعي العزيز ـ تحكي اخلاق جده رسول الله(ص) الذي غير مجرى تأريخ الارض بسمو اخلاقه.
وختاماً ـ ايها الاعزاء ـ نسأله تعالى ان يجعلنا واياكم من السائرين على نهج محمد وآله الاطهار(ع) انه سميع مجيب. ونشكركم على حسن المتابعة وحتى اللقاء القادم نستودعكم الله والسلام عليكم.
*******