والصلاة والسلام على الحبيب المصطفى محمد وعلى آل بيته الطيبين الاطهار ...
السلام عليكم ـ مستمعينا الافاضل ـ ورحمة الله وبركاته واهلاً ومرحباً بكم في برنامجكم هذا آملين ان تقضوا معه وقتاً طيباً ومفيداً ...
مستمعي الكريم ـ لقد كان من صفات النبي(ص) الحياء، قال ابو سعيد الخدري: كان رسول الله(ص) اشد حياءً من العذراء في خدرها، وكان من شدة حيائه انه لما فتح مكة التي كانت مركزاً للقوى المعادية له، دخلها وقد حفت به قواته المسلحة لكنه كان لا يحدق النظر في رجال قريش لكي لا يثير فيهم الشعور بالخجل والانكسار رغم ان قريشاً هي التي جهدت على مناجزته فخاطبهم(ص) بناعم القول: "اذهبوا فانتم الطلقاء". وكان من حيائه انه لم يكن يصرح باسم من يكرهه وانما يقول: ما بال اقوام يقولون او يصنعون كذا... وكان يقول(ص) الحياء والايمان مقرونان في قرن واحد، فاذا سلب احدهما تبعه الآخر.
وورث هذه الظاهرة الائمة المعصومون(ع) وبالاخص سبطه الامام زين العابدين السجاد(ع) وفيه يقول الفرزدق في رائعته:
يغضي حياءً ويغضى من مهابته
فما يكلم الا حين يبتسم
ان الحياء ـ مستمعي العزيز ـ من الصفات النبيلة وهو ينم عن سمو الذات وشرف النفس وهو من الصفات الاصيلة لخاتم الانبياء(ص).
مستمعينا الافاضل ـ لقد كانت الصدقات في السر وفي غسق الليل من مناهج ائمة اهل البيت(ع) لانها من الاعمال الخالصة لله تعالى لا يشوبها أي غرض من اغراض الدنيا وكان كل واحد من الائمة العظام يعول جماعة من الفقراء وهم لا يعرفونه وكان الامام الصادق(ع) يحمل جراباً فيه الخبز واللحم والدراهم ويذهب به الى اهل الحاجة من فقراء المدينة فيقسمه فيهم وهم لا يعرفونه، فلما انتقل الامام(ع) الى رحمة الله تعالى افتقدوا تلك الصلات فعلموا انها منه، وهكذا كان جده زين العابدين(ع) ومن صلاة الامام الصادق(ع) السرية ما رواه اسماعيل بن جابر قال: اعطاني ابو عبد الله خمسين ديناراً في صرة وقال لي: ادفعها الى شخص من بني هاشم ولا تعلمه اني اعطيتك شيئاً فاتيته ودفعتها له، فقال لي من اين هذه؟ فاخبرته انها من شخص لا يقبل ان تعرفه، فقال العلوي: ما يزال هذا الرجل كل حين يبعث بمثل هذا المال فنعيش به الى الآن، ولكن لا يصلني جعفر بدرهم مع كثرة ماله.
مستمعينا الاعزاء ـ وقد ذكرت اخبار كثيرة تحث على صدقة السر.
ونختم البرنامج ـ مستمعينا الافاضل ـ بذكر منقبة من مناقب امير المؤمنين علي(ع) في الاخلاق السامية التي تدل على سمو ذاته حيث قدم خادمه قنبر على نفسه في لباسه وطعامه فقد اشترى(ع) ثوبين احدهما بثلاثة دراهم والاخر بدرهمين واعطى الثوب الذي اغلى ثمناً لقنبر فقال له: انت اولى به يا امير المؤمنين انت تصعد المنبر وتخطب فقال له امير المؤمنين(ع): انت شاب ولك شرخ الشباب وانا استحي من ربي ان اتفضل عليك.
نعم ـ مستمعي الكريم ـ هذه هي النفس الملائكية التي سمت في سماء العدل فاضاءت الدنيا بكمالها وسمو آدابها ونكرانها للذات.
وفي الختام شكراً لكم ـ ايها الاعزاء ـ على حسن المتابعة وجميل الاصغاء. وحتى اللقاء القادم نستودعكم الباري تعالى والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
*******