يعتبر هذا السرطان، المعروف أيضًا بسرطان البنكرياس، من الأمراض الخبيثة التي تحتل المرتبة الرابعة عالمياً في معدلات الوفيات الناتجة عن السرطان.
وينشأ المرض نتيجة نمو وانتشار الخلايا السرطانية في نسيج البنكرياس، مما يعيق وظائفه الحيوية في إنتاج إنزيمات الهضم وهرمونات مثل الإنسولين التي تنظم مستوى السكر في الدم.
ومن أبرز التحديات التي تواجه علاج سرطان البنكرياس التشخيص المتأخر، إذ لا تظهر أعراض واضحة في مراحله المبكرة، وعادةً ما يلجأ المرضى إلى الطبيب بعد تطور الورم وصعوبة العلاج. تشمل الأعراض المحتملة ألماً بالبطن، فقدان وزن مفاجئ، اصفرار الجلد والعينين، ومشاكل في الهضم، والتي غالباً ما تُشخص بشكل خاطئ على أنها أمراض أخرى.
تتميز هذه الحالة بسرعتها ومقاومتها للعلاجات التقليدية، بالإضافة إلى التعقيد البيولوجي، ما يجعل تطوير علاج فعال تحديًا كبيرًا. وبفضل هذه التعقيدات، تم إدراج دواء سرطان البنكرياس ضمن منتجات الشركات المعرفية الإيرانية الرائدة.
من التقنيات الحديثة في علاج هذا المرض، إنتاج أدوية نانوية واستخدام أجهزة العلاج الكهربائي الكيميائي (ECT)، حيث بدأت الشركات المعرفية الإيرانية منذ سنوات تطوير هذه الأدوية، وأُنشئت في إيران كأول دولة آسيوية خطوط إنتاج هذه الأجهزة المتقدمة لتحسين نتائج العلاج.
ساهمت التكنولوجيا المحلية في إنتاج ثلاثة أدوية مضادة للسرطان ومضادة للعدوى الفطرية الحادة كانت تستورد بتكلفة تفوق 6.5 ملايين دولار. وأوضح سعيد سركار، رئيس مركز تطوير التقنيات الاستراتيجية في معاونت العلمي، خلال مؤتمر صحفي أن تكلفة هذه الأدوية انخفضت من 800 دولار للحقنة الواحدة إلى نحو 25-30 دولارًا، مع توفيرها تحت مظلة التأمين الصحي، ما يعني تخفيضًا يصل إلى 90% مقارنة بالأدوية المستوردة.
كما أسهم إنتاج الأدوية النانوية المضادة للسرطان في توفير أكثر من 7 ملايين دولار من العملة الصعبة. من بين هذه الأدوية المهمة دواء "أوليستا أورين" المستخدم لعلاج سرطان الدم، والذي يشابه في عمله الأدوية العالمية المتقدمة، ويعتبر خطوة تمهيدية لإنتاج دواء "إيماتينيب" الشهير.
يُستخدم "إيماتينيب" في علاج أنواع محددة من سرطان الدم، مثل اللوكيميا وأورام الجهاز الهضمي، ويعمل على وقف نمو الخلايا السرطانية. كما أعلنت إحدى الشركات المعرفية مؤخرًا عن إنتاج دواء "فينورلبين" لعلاج سرطانات الثدي والمعدة.
تكتسب التطورات العلمية والتكنولوجية أهمية كبرى، لدرجة أن قائد الثورة اعتبرها المحور الثاني بعد الوحدة لتعزيز قوة إيران. وتأتي التكنولوجيا الصحية في طليعة هذه المجالات لأهميتها في صحة الإنسان وترابطها العميق مع تقنيات مثل الهندسة، النانو، التكنولوجيا الحيوية، والذكاء الاصطناعي، مما يجعلها ركيزة أساسية للتنمية الصناعية وقوة تصديرية غير نفطية.
تشير إحصائيات منظمة الغذاء والدواء إلى أن 99% من احتياجات البلاد من الأدوية تُغطى محليًا، بينما تشكل نسبة الاستيراد 1% فقط، لكنها تمثل 18% من حجم السوق لقيمتها العالية وتركيزها على الأدوية المتخصصة والمكلفة.
تؤكد الدراسات الاقتصادية على أهمية تعزيز تصنيع الأدوية المكلفة داخليًا، نظرًا للحاجة إلى دمج تقنيات متقدمة مثل النانو والتكنولوجيا الحيوية التي قد تفتقر إليها شركات الأدوية التقليدية.
على سبيل المثال، أدى التركيز على إنتاج الأدوية البيولوجية إلى توفير 3.8 مليار دولار خلال السنوات الأخيرة. هذه الأدوية تُنتج باستخدام مصادر حيوية وتقنيات متقدمة بدلاً من الطرق الكيميائية التقليدية، وتشمل البروتينات، الأجسام المضادة، الفيروسات المهندسة، أو الخلايا الحية.
في العام الماضي، أنتجت الشركات المعرفية الإيرانية 140 منتجًا صحيًا متقدمًا طرح في الأسواق المحلية والدولية، تنافس بقوة في قطاع الصحة. تم إنتاج 40 نوعًا من أصل 150 دواءً بيولوجيًا متقدمًا في البلاد، وتُصدر هذه المنتجات إلى 35 دولة.
ويؤكد الخبراء على ضرورة إعطاء أولوية لإنتاج الأدوية ذات القيمة المضافة العالية والتكلفة المرتفعة، وهو هدف لا يمكن تحقيقه إلا بالاعتماد على التقنيات الحديثة. وتتضمن خطة التنمية السابعة هدفًا لتصدير أدوية بقيمة مليار يورو سنويًا، بينما تبلغ قيمة الصادرات الدوائية الحالية نحو 136 مليون دولار مع إمكانات نمو كبيرة.
وأكد مسؤولو تطوير التكنولوجيا أن إلى جانب أدوية السرطان، وصلت منتجات مبتكرة أخرى إلى مرحلة الإنتاج الصناعي، يمكنها أن تحل محل الاستيراد وتفتح الأسواق الدولية، مع ضرورة استثمار المسؤولين الصحيين والدوائيين هذه الفرصة والاستفادة القصوى من قدرات الشركات المعرفية.
أعلنت معاونت العلمي والتكنولوجي أن جزءًا كبيرًا من هذه الإنجازات جاء نتيجة تعاون وثيق بين الشركات المعرفية، مراكز البحث الجامعية، والمستشفيات المرجعية، ما أسهم في تقليل الوقت اللازم للتحول من البحث إلى الإنتاج والتسويق.
وعلى صعيد السياسات، يجب أن تضع الحكومة برامج متعددة المستويات لتعزيز سلسلة القيمة للأدوية المتقدمة، تشمل دعم الأبحاث التطبيقية للأدوية المتخصصة والمكلفة، تقديم تسهيلات تأمينية لتغطية الأدوية والمعدات الطبية، والتركيز على إنتاج المواد الخام الحيوية، لتحقيق فوائد صحية واقتصادية مستدامة.