البث المباشر

ما هي الأسباب وراء عدم تطوير مصافي النفط العراقية؟

الثلاثاء 12 أغسطس 2025 - 11:02 بتوقيت طهران
تنزيل

فيديوكاست- إذاعة طهران: فيديوكاست خاص يتحدث عن العلل والأسباب والقضايا التي تتعلق بعدم تطوير مصافي النفط في جمهورية العراق رغم تمتعه بالاحتياطيات الوفيرة من النفط والإيرادات العالية من العملات الأجنبية.

العراق هو أحد أكبر الدول التي تتمتع باحتياطيات نفطية كبرى في العالم.

- ولكن لماذا لم يتم تطوير مصافي النفط فيه؟.

- لماذا يقتصر العراق على تصديرالنفط الخام'> النفط الخام بدلاً من تصدير منتجاته المكررة؟.

- على الرغم من الاحتياطيات الوفيرة من النفط والإيرادات العالية من العملات الأجنبية، لماذا لا يُعتبر الاستثمار في النفط العراقية'>مصافي النفط العراقية لإنتاج منتجات ذات قيمة مضافة أكبر والسلع الاستهلاكية النهائية أمراً ملحوظًا؟.

- ما هي الأسباب والقضايا التي تكمن وراء هذه المسألة؟.

 

حسنا دعونا نراجع أوضاع النفط في العراق

يمتلك العراق أكثر من 145 مليار برميل من الاحتياطيات المسجلة من النفط، مما يجعله واحدًا من أكبر منتجي ومصدريالنفط الخام'> النفط الخام في العالم.

يحتل العراق في عام 2024، المرتبة السادسة بين منتجيالنفط الخام'> النفط الخام بإنتاج يومي يبلغ حوالي 4.4 مليون برميل، بينما يحتل المرتبة الخامسة بين مصدري النفط بصادرات تصل إلى 3.6 مليون برميل.

ومع ذلك، لم يتمكن العراق من تطوير الصناعات المرتبطة بالنفط، مثل صناعة التكرير، كما فعلت العديد من الدول النفطية الأخرى، مثل روسيا، السعودية وإيران.

هذا في حين أن تطوير صناعة التكرير في العراق يساعد في تعزيز سلسلة القيمة للمنتجات النفطية وتنويع مصادر الدخل، مما يعزز الاقتصاد والصناعة ويعطي العراق استقلالًا سياسيًا أفضل في مواجهة الهيمنة الأمريكية. كما يمكن أن يؤدي إلى خلق فرص عمل أكبر وتقليل معدلات البطالة، خاصة بين الشباب.

ثمة أسباب تكمن وراء عدم امتلاك العراق لهذه الصناعة المتقدمة حتى اليوم:

 

1- العقوبات الدولية بحق العراق واحتلاله من قبل الولايات المتحدة

ردًا على غزو العراق للكويت في التسعينيات، فرضت الولايات المتحدة، من خلال الأمم المتحدة، عقوبات غير مسبوقة تحت عنوان "النفط مقابل الغذاء". كانت هذه العقوبات تهدف إلى كبح جماح صدام حسين وإجباره على الانسحاب من مواقعه وتقليل قوته العسكرية. ومع ذلك، كان أحد الأهداف الخفية لهذا الإجراء هو إظهار قوة الهيمنة الأمريكية على الساحة الدولية وزيادة الضغط على الحكومة العراقية للرضوخ أمام السياسات الغربية في المنطقة.

أثرت هذه العقوبات بشكل كبير على مصافي النفط في العراق، حيث قيدت بشكل كبير وصول هذه الصناعة إلى المعدات الجديدة وقطع الغيار والمواد الأولية اللازمة للمصافي، كما أدى السبب نفسه إلى انخفاض كفاءة العمل في المصافي وتهالك المعدات.

لقد أدى احتلال العراق من قبل التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة في عام 2003 إلى تضرر المنشآت النفطية بسبب النزاعات العسكرية، ووقوع عمليات نهب وتدمير لمرافق صناعة النفط في فترة الإنفلات الأمني بالعراق.

 

2. عدم الاستقرار السياسي والأمني وأزمة الإرهاب

إن احتلال الولايات المتحدة للعراق أدى إلى عدم استقرار البلاد السياسي والأمني وانتشار أزمة الإرهاب ولهذا الواقع أكثر من دليل:

 

- سياسات الحكام الأمريكيين الخاطئة:

مثل حل جميع القوات المسلحة من قبل الحاكم الأمريكي على العراق بول بريمر، وعدم تأسيس جيش جديد، ومحاولة تأزيم الأوضاع في العراق لتبرير التواجد العسكري فيه، مما أدى إلى خلق حالة من الفوضى وعدم الاستقرار السياسي والأمني في العراقز

 

- ظهور الجماعات الإرهابية:

لقد أدت سياسات القادة الأمريكيين في العراق إلى ظهور جماعات متطرفة مثل القاعدة وداعش، التي استخدمت السلاح والعنف لمهاجمة الاحتلال الأمريكي ومعارضة النظام الجديد خاصة بين عام 2014 إلى 2017 حيث تحولت تلك الحركات بسبب جرائمها وهجماتها الإرهابية إلى تهديد جدي للشعب العراقي.

 

- استخدام بعض الشركات الأمريكية للجماعات المسلحة المحلية لتوفير الأمن لاستثماراتها في العراق:

أدى الاعتماد على الجماعات المسلحة بدلاً من القوات العسكرية العراقية إلى تعزيز هذه الجماعات وزيادة قدرتها على خلق الفوضى سعيا وراء تحقيق مصالحها.

في ظل الظروف التي دخلت فيها بعض الشركات الاستثمارية الأجنبية إلى العراق للاستفادة من البيئة الجديدة والبكرة لصناعة النفط، إلا أنها غاردت العراق بعد التهديدات الأمنية التي واجهتها.

على سبيل المثال، خلال أزمة داعش في عام 2014، خرجت من العراق أربعون شركة إيرانية كانت تعمل في مشاريع صناعية وبنية تحتية مختلفة في البلاد. ونتيجة لهذه الأوضاع الأمنية غادرت العراق شركات النفط الكبرى مثل شركة إكسون موبيل الأمريكية أيضا. ونظرًا لاعتماد قطاع النفط في العراق على وجود الشركات الأجنبية، فقد أدت مغادرة هذه الشركات، و كذلك الأضرار الناتجة عن الإرهاب، أدت إلى انخفاض صادرات النفط العراقية

في عام 2014 إلى نصف ما كانت عليه في العام السابق. ونتيجة لذلك، وبسبب أولوية توفير الأمن في البلاد، تم تخصيص ميزانية تطوير المصافي النفطية للقطاع العسكري بهدف بسط الأمن والأمان في العراق.

 

3.عدم الاستثمار المطلوب وضعف البنية التحتية

يتطلب بناء وتطوير المصافي النفطية استثمارات بمليارات الدولارات، ويجب تمويلها إما من خلال الموارد الحكومية أو من خلال الاستثمارات الأجنبية. ومع ذلك، لم تتحقق سوى عدد قليل من الاستثمارات المخطط لها في قطاع التكرير وذلك للأسباب التالية:

 

- ارتفاع حصة النفقات الجارية مقارنة بميزانية التنمية:

في موازنة الحكومة العراقية، يتم إنفاق أكثر من 75 في المائة من عائدات النفط على النفقات الحكومية الجارية، مثل أجور الموظفين والقضايا الأمنية (الصورة 9). ونتيجة لذلك، لا تعطى لعملية بناء وتطوير المصافي الأولوية. من ناحية أخرى، فإن الاستثمارات الحكومية أيضًا تواجه الفشل بسبب الفساد، وانعدام الكفاءة، وعدم وفاء الشركات الغربية بالتزاماتها التي تعهدت بها.

 

- فقدان الاستثمارات المطلوبة من قبل الشركات الأجنبية بسبب المخاطر السياسية والأمنية الناجمة عن تداعيات الاحتلال الأمريكي:

لقد ازدادت المخاطر السياسية لاستثمار الشركات الأجنبية في العراق بسبب مشاكل عديدة مثل الحرب والتوترات الأمنية والعسكرية واحتكار الحكومة وتسعيرة الدولة والبيروقراطية والقوانين التجارية والقضائية غير المناسبة والفساد والرشوة على نطاق واسع وضعف البنية التحتية وعدم الاستقرار السياسي، والتي ترجع بشكل رئيسي إلى تداعيات الاحتلال الأمريكي . الواقع الذي أدى أن انخفاض عدد الشركات الراغبة للاستثمار في العراق.

 

- الاعتماد على جذب رؤوس الأموال الأجنبية لتقدم البلاد وإهمال تطوير أدوات التمويل العام بالاعتماد على السيولة المتوفرة في المجتمع العراقي:

بما أن صناعة التكرير صناعة مربحة فلماذا لا يستطيع الشعب العراقي الاستثمار فيها؟ هذا في حين تستطيع الحكومة جذب رأس المال اللازم لبناء المصافي من بين المواطنين من خلال إنشاء صناديق المشاريع وتوفير الضمانات اللازمة لضمان رأس المال والحد الأدنى من الربح.

الأمر الذي يوفر للشعب لكي يلعب دورا في تنمية البلاد وتوجيه رؤوس أمواله نحو الأسواق الإنتاجية بدلاً من الأسواق غير المنتجة. وقد حدث هذا النموذج لجذب رأس المال عدة مرات في العديد من البلدان، مثل إيران.

على سبيل المثال، يمكننا أن نذكر شركة "صبا" للصلب في الخليج الفارسي، والتي تمكنت من تأسيس شركة في قطاع الصلب بطاقة إنتاجية تبلغ 3 ملايين طن في المرحلة الأولى سنوياً. وذلك من خلال جذب أكثر من 44 مليون دولار من الاستثمار الشعبي في ظل العقوبات التي فُرضت على الجمهورية الإسلامية الإيرانية.

 

4. الفساد المالي

يعد الفساد المالي والعقبات البيروقراطية من بين التحديات الأساسية التي شكلت عقبات خطيرة في طريق تطوير صناعة النفط والتكرير في العراق. ئبحسب تقرير صدر عن منظمة الشفافية الدولية، فإن العراق يحتل المرتبة 140 بين الدول الأكثر فساداً من حيث الفساد المتصور. ويؤدي الفساد في العراق إلى هدر الموارد المالية المخصصة لتنمية العراق، مما أعاق نمو صناعة النفط والتكرير في العراق.

على سبيل المثال، وفقًا لرئيس الوزراء العراقي السابق مصطفى الكاظمي، تم إنفاق حوالي 80 مليار دولار على قطاع الطاقة وحده في الفترة من 2003 إلى 2020، لكن الفساد حال دون تحقيق هذه المشاريع.

ولم يقتصر هذا الفساد على العراقيين فحسب، بل كان من الممكن رؤيته بين المستشارين الأميركيين المتواجدين في البلاد، وخاصة في السنوات الأولى للاحتلال، حيث استغل هؤلاء المستشارون مناصبهم للمسمرة في الصفقات بين الدولة العراقية والشركات الأجنبية.

على سبيل المثال، يُتهم بعض موظفي شركة هاليبرتون بتلقي ما يقرب من 160 مليون دولار مقابل عمل لم تقم الشركة بتنفيذه مطلقًا. وبالإضافة إلى ذلك، فقد حصلوا على 60 مليون دولار زيادة عن التكاليف المطلوبة للمشروع من الحكومة العراقية.

 

5. أزمة الموارد البشرية

تعتبر أزمة الموارد البشرية أحد أهم أسباب عدم تطور قطاع التكرير في العراق. فمنذ تسعينيات القرن الماضي، ونتيجة للظروف الأمنية والاقتصادية غير المؤاتية، بدأت هجرة الطاقات والكفاءات العراقية المتخصصة إلى دول أخرى. وقد تكثفت هذه الهجرات بشكل خاص بعد الاحتلال الأمريكي للعراق وبعد اغتيال ما لا يقل عن 730 من النخب العراقيين على يد الكيان الصهيوني والولايات المتحدة.

وقد أدت هذه المشكلة، إلى جانب نظام التعليم غير الفعال في البلاد، والذي فشل في توفير المتخصصين المناسبين لصناعات النفط والتكرير على مدى العقدين الماضيين، أدت إلى خلق فجوة بشرية ومعرفية كبيرة في القطاعات الفنية، وإدارة المشاريع، وإدارة عقود النفط (معرفة إبرام العقود مع الشركات الأجنبية)، وتمويل مشاريع النفط الشعبية، مما أثار تحديات خطيرة أمام تطوير هذا القطاع.

 

وعموما يمكن القول إن المشاكل التي يواجهها العراق في تطوير مصافيه النفطية تعود إلى العامل الخارجي وليس لها خلفية محلية.

العامل الذي حاول منذ عام 2003 أي مع الاحتلال العسكري للعراق السيطرة على كافة المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية في البلاد وذلك من خلال تبني نهج استعماري جديد. وبما أن العراق يلعب دوراً خاصاً في المنافسات الجيوسياسية والجيواقتصادية لأميركا مع منافسيها الإقليميين، وبسبب قلقها بشأن بقاء العراق في دائرة سيطرتها بعد أن أصبح قوياً في المجالين السياسي والاقتصادي، فإنها لا تسمح للشعب العراقي بالنمو والتطور والحصول على الاستقلال، بل تريدُ بقائه ضعيفا وتابعا لأميركا.

وفي هذه الحالة، تستطيع الولايات المتحدة استخدام العراق للضغط على منافسيها.

ما رأيك؟.

برأيك ما هو أهم سبب لعدم تطوير المصافي العراقية؟.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة