يُمثل الوادي المسجل لوحةً مصغرةً نادرةً لتاريخ البشرية يعود عمرها إلى أكثر من 60 ألف عام، حيث يوثق حياة الإنسان منذ العصر الحجري القديم حتى العصر القجري. وتجمع هذه المواقع الفريدة بين قيم أثرية وثقافية ودينية وتاريخية لا تتوفر مجتمعة في أي موقع آخر بالعالم.
تشير الآثار المكتشفة في كهوف لورستان مثل كهف قمري، كنجي، ويافته، وكذلك الملاجئ الصخرية مثل ملجأ غرارجنه، إلى استقرار مستدام للإنسان ما قبل التاريخ في فترات مختلفة من العصر الحجري القديم في الوادي القديم لخرم آباد.
كما تكشف التنقيبات الأثرية عن تعاقب العصر الحجري القديم في هذا الوادي، مما يجعله مجموعة ثقافية نفيسة بخصائص فريدة لا تجتمع في أي مكان آخر في العالم.
تم تسجيل ملف مواقع ما قبل التاريخ في "الوادي القديم لخرم آباد" بشكل نهائي في اليونسكو مساء الجمعة 20 تير (10 يوليو)، وهو حدث من شأنه أن يشكل تحولاً في جذب السياحة وتحقيق الازدهار الاقتصادي في منطقة لورستان.
وصف محافظ لورستان سعيد شاهرخي هذا الإنجاز بأنه "تتويج لجهود متواصلة"، مؤكداً أن "التسجيل العالمي يُعد اعترافاً دولياً بأصالة الحضارة الإيرانية العريقة". وأضاف: "سيشكل هذا الإنجاز نقطة تحول في التنمية السياحية والاقتصادية للمحافظة".
أشار إلى أن هذا الإنجاز هو ثمرة جهود فريق الخبراء المتواصلة، وتعاون المثقفين، ومتابعة المسؤولين، بما في ذلك وزير التراث الثقافي وشركاؤه. ووعد بأنهم سيعملون بشكل مختلف، وأنهم يرون اليوم أول ثمار هذا العزم.
من جانبه، قال عليرضا إيزدي، مدير عام تسجيل الآثار التاريخية في وزارة التراث الثقافي: "تسجيل مواقع ما قبل التاريخ في خرم آباد يقدم صورة خالدة عن حضارة إيران للعالم، وسيكون نقطة تحول للتنمية السياحية المستدامة."
وأضاف: "هذا الملف واجه صعوبات وتعقيدات، ولكنها أُنجزت أخيراً بجهود جميع المعنيين."
وأكد إيزدي أن هذا التسجيل العالمي من قبل اليونسكو هو شهادة على الهوية الألفية لإيران المتحضرة، وفخر للورستانيين الشجعان الذين حافظوا على هذا التراث الثمين لقرون.
من جانبه أوضح عطا حسن بور، مدير عام التراث الثقافي والسياحة والصناعات اليدوية في لورستان، أن ملف التسجيل العالمي يشمل مساحة 400 هكتار وستة مواقع ما قبل التاريخ، مع مناطق عازلة تصل إلى أكثر من 7 آلاف هكتار. وتشمل هذه المواقع:
كهف كلدر (شمال الوادي): يعود إلى أكثر من 63 ألف عام، كموطن للإنسان العاقل.
كهف قمري (وسط الوادي): يعود إلى حوالي 50 ألف عام، من العصر الحجري الأوسط، حيث عاش إنسان نياندرتال.
كهف يافته: أثبتت التنقيبات وجود طبقات أثرية تعود إلى أكثر من 40 ألف عام.
كهف كنجي: يعود إلى 50 ألف عام، اكتُشف فيه مقبرة من العصر البرونزي.
ملجأ غرارجنه الصخري: يجمع بين فترتي العصر الحجري الأوسط والحديث.
وأشار حسن بور إلى أن هذا التسجيل هو أول ملف إيراني من العصر الحجري القديم، وأقدم ملف في العالم يتم تسجيله في اليونسكو.
كما قال داريوش باراني بيرانوند، عمدة خرم آباد: "هذا التسجيل هو حدث تاريخي وثقافي للورستان، وهو نتاج التلاحم بين المؤسسات والشعب." وأكد أن هذه الخطوة ليست نهاية المطاف، بل بداية طريق لتعزيز مكانة خرم آباد عالمياً.
يُذكر أن عملية التسجيل استغرقت سنوات من البحث العلمي والتعاون بين الخبراء المحليين والدوليين، حيث شمل الملف مساحة 400 هكتار من المواقع الأثرية مع مناطق عازلة تصل إلى 7 آلاف هكتار.