موضوع البرنامج:
ستار بيت فاطمة
السلام عليكم إخوة الإيمان والولاء ورحمة الله.
على بركة الله نلتقيكم في مشهد آخر من سيرة الأسوة الحسنة للمؤمنين والمؤمنات.
مولاتنا صفية الله وبضعة مصطفاه فاطمة الزهراء –عليها السلام-.
رجل نصراني: جزى المسيح عنا آل محمد خير الجزاء، جزاهم عنا خير الجزاء، فقد سترونا.
سلمان: ما الذي حدى بك إلى ما تقوله يا أخ النصارى؟
النصراني: لقد وفدت على محمد مع ثلاثة من الروم قطع بنا الطريق وخلقت ثيابنا حتى صرنا كالعراة، فلم نجد عنده ما يكسونا به، فذهب بنا إلى بيت ابنته فأخبرها بحالنا فنزعت ستر حجرتها ولم يكن من ستار في بيتها غيره فأعطته لأبيها فشقه لنا وسترنا به، إن هذا والله لمن خلق الأنبياء.
سلمان: يا سبحان الله، ومتى كان ذلك يا أخ النصارى؟
النصراني: صباح اليوم، لماذا تسأل؟ ولماذا تعجبت؟
سلمان: لقد جئت الآن من عيادة بنت رسول الله، فقد جاءنا وأخبرنا أنها مريضة فقلنا لوعدناها، فقام رسول الله وقمنا معه نعودها، فلما انتهى الى الباب ناداها.
قال –صلى الله عليه وآله-: يا فاطمة شدي عليك ثيابك فإن القوم جاؤوا يعودونك.
فقالت –عليها السلام-: يا نبي الله، ما علي إلا عباءة قصيرة.
سلمان: فنزع رسول الله رداءه ورمى به إليها وراء الباب وقال:
شدي بهذا رأسك يا بنت محمد.
سلمان: ثم دخلت عليها وآذانا ما رأينا من حال بيتها وخلوه حتى من الستر، فقلنا: تالله بنت نبينا على هذا الحال؟ فالتفت إلينا رسول الله وقال:
أما إنها سيدة نساء العالمين وسيدة النساء يوم القيامة.
أم أيمن: يا سلمان، قد رأيت المرض وقد اشتد بمولاتي فاطمة، أفلا تعرف ما يداويها، إنك شيخ كبير وجربت الأمور.
سلمان: إن مرضها من الضعف يا أم أيمن وكنا في فارس نعالج من يصاب بمثل ما أصيبت بالرمان فهو دواءها.
أم أيمن: الرمان نادر في يثرب هذه الأيام ولكن لأطلبن من علي أن يهيأ ما استطاع منه بأي وسيلة، لقد شعرت منها أنها ترغب في الرمان، لأخبرن علياً بذلك.
أم أيمن: ولدي علي، إن فاطمة بحاجة إلى الرمان، ففيه شفاؤها وهي حامل والرمان مفيد لها ولجنينها، إنني أطلب منك أن تجلب لها الرمان بكل وسيلة، لقد أخبرتك بنفسي لعلمي أنها تستحي أن تطلب منك ذلك ولن تطلبه خشية من أن تكلفك ما يصعب عليك وهي تعلم بقلة ذات يدك، تدبر الأمر يا ولدي بما استطعت.
فبادر علي –عليه السلام- إلى استقراض درهم واشترى به رمانة وعاد من السوق يحملها لسيدة نساء العالمين عسى أن يجعل الله فيها شفاءها.
وفي الطريق رأى رجلاً مطروحاً على جانب السكة وهو يتأوه وقد بدت عليه علائم الضعف والمرض.
فأشفق عليه وسأله عن حاله فأجاب.
الرجل النصراني: إنني غريب وقد أضر بي الجوع والمرض ووصفوا لي الرمان دواء، ولكن ليس لدي ما أشتري به الرمان وقد غلا سعره في هذه الأيام، يا عيسى الرب أنقذني يا روح الله.
فجلس علي –عليه السلام- وكسر الرمانة وأخذ يطعم الرجل بيده حتى أتى آخرها.
سلمان: ها يا أخ النصارى أرى النضارة قد عادت إلى وجهك.
النصراني: الشكر للرب، لقد مر علي آنفاً فتى منكم معشر المسلمين ورق لحالي، إنه رؤوف في غاية الرحمة، لقد كسر رمانة كانت عنده وأطعمني بيده فشعرت وهو يطعمني بالعافية تدب في بدني، ما أشد رأفته، كأن في يده رأفة السيد المسيح وبركته.
سلمان: يعجبني أن تصفه لي كي أعرفه ولكني على عجلة من أمري الآن، فقد استدعاني رسول الله، سأعود لك لاحقاً يا أخ النصارى، لا تبرح مكانك رحمك الله.
أم أيمن: يا سبحان الله، هل أصدق عيني؟! لقد ذهبت عن وجهك يا فاطمة الصفرة وعلته نضارة العافية على أحسن ما تكون! ولكن كيف حدث هذا قبل أن يأتيك علي بالرمان، لقد علمت أنه استقرض وذهب إلى السوق لكي يشتريه، الحمد لله سأدخر لك ما سيأتيك به من الرمان لكي تأكلي منه كل يوم شيئاً لكي يعينك على حملك ويعين جنينك.
وعاد علي –عليه السلام- إلى بيت وقد أخذ منه الخجل من فاطمة كل مأخذ وهو يخبرها بقصة ذلك النصراني المريض.
أم أيمن: هذا هو جزاء الإحسان من الله فعافى فاطمة ببركة فعل بعلها وإحسانه إلى النصراني الغريب.
وتبسمت الصديقة الزهراء بوجه زوجها وهو يخبرها بالأمر وقامت إليه مباركة فعله وهي تقول.
كشف الله عنك كل غم يا أبا الحسن، فوالله قد زالت عن قلبي شهية الرمان وعادت إلي العافية في ذات الساعة التي أطعمت فيها النصراني الغريب.
أم أيمن: الحمد لله على أي حال، وإن كنت لا زلت أطلب منك يا علي أن تأتي فاطمة بالرمان لكي يعينها على حملها.
سلمان: السلام عليكم يا آل محمد ورحمة الله.
فرد علي السلام وفتح الباب لسلمان فرآه وفي يده طبق مغطى بمنديل فوضعه بين يديه، فسأله: ممن هذا يا سلمان؟
سلمان: إنه من الله ورسوله لك يا علي، لقد هبط به جبرئيل الأمين من ثمار الجنة وأخبر رسول الله بإطعام الغريب الرمان الذي اشتريته لفاطمة فبعث الله لها ولك هذا الرمان.
فكشف علي –عليه السلام- المنديل فإذا في الطبق تسع رمانات زهية، فتبسم في وجه سلمان وقال:
يا سلمان، لو كان هذا لنا لكان عشر رمانات لقوله تعالى: من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها.
سلمان: صدقت يا أبا الحسن، إنها والله عشر، خذ هذه هي العاشرة أخفيتها في كمي لكي أسمع منك هذه الآية.
النصراني: يا صاحب محمد.. يا صاحب محمد.. لقد طال انتظاري لك.
سلمان: معذرة إلى الله ولك يا أخ النصارى، لقد ذهبت بأمر رسول الله إلى بيت الفتى الذي أطعمك بيده الرمانة.
النصراني: إنما انتظرتك لكي أصفه لك حتى تتعرف إليه فمن أين عرفته؟
سلمان: لقد عرفني به رسول الله بتعريف ربه له، فقد هبط الأمين روح القدس عليه وأخبره بما فعله صهره معك وأهداه بدل الرمانة التي طعمتها عشراً من رمان الجنة وقد حملتها آنفاً إلى بيته.
النصراني: هو إذن زوج بنت محمد التي كستنا بستار بيتها، بورك آل محمد بل وأطعمك بعلها رمانة استقرض ثمنها واشتراها لبنت محمد لتشفيها من مرضها فعافاها الله ببركة إطعامه لك.
النصراني: ما أكرم أهل هذا البيت إنه والله بيت النبوة، وإني أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله وآله أرأف الخلق بخلق الله.