لا نزال نحدثك عن الزيارة الجامعة للائمة عليهم السلام وهي ما يطلق عليها اسم (الجامعة الكبيرة) تمييزاً لها عن الزيارات الاخرى وقد حدثناك عن مقاطع متسلسلة منها، وانتهينا من ذلك الى مقطع ورد فيه هذا الخطاب: (فعلكم الخير، وعادتكم الاحسان، وسجيتكم الكرم ...) هنا نذكرك (اذا كنت متابعاً لا حاديثنا) ان هذه العبارات وامثلتها هي سلسلة طويلة من السمات للائمة عليهم السلام.
والسؤال هو: ماذا يستخلص قارئ الزيارة من امثلة هذه العبارات المتسمة بالوضوح من جانب، وبالغزارة في معانيها من جانب اخر،وبالطرائف من جانب ثالث؟
نحن الان امام (فعل) من افعال الانسان وامام (عادة) عنده، وأمام (سجية) منه، اي ان العبارة القائلة: (فعلكم الخير، وعادتكم الاحسان، وسجيتكم الكرم) تجسد سلوكا يتطلب منا توضيحه فماذا تعني هذه العبارات؟
اما عبارة (فعلكم الخير)، فهي تعني بوضوح ان ما يمارسه الائمة عليهم السلام من الافعال او الاعمال هو النشاط العملي هو(خير)، مقابل الممارسات النظرية،.. وبكلمة اشد وضوحاً: ان النص يستهدف الاشارة (ولو بنحو غير مباشر) الى لفت نظرنا الى ان السلوك هو: وجهان لعملية واحدة،وليس كما هو طابع العادي من الناس، اي ان سلوك الائمة عليهم السلام: يتضمن مبادئ نظرية مثل ما لاحظناه في مقطع الزيارة الذي يقول عن الائمة عليهم السلام في وصاياهم النظرية بأنه (وصيتكم التقوى)، اي ان سلوككم النظري (وهو المطالبة بالتقوى) قد اقترن بعمل الخير، لذلك قالت الزيارة بان فعل الامام(ع) هو خير في مجال التطبيق لانه يتوافق مع وصيته النظرية في مطالبتهم الناس بالتقوى على ان في هذه العبارات ما يشير الى مراتب من عصمتهم عليهم السلام غير المألوفة وهذا ما يشير اليه ضيف البرنامج سماحة الشيخ باقر الصادقي في الاتصال الهاتفي التالي الذي اجراه مع زميلنا نستمع معاً:
المحاور: بسم الله الرحمن الرحيم، السلام عليكم احباءنا تقبل الله اعمالكم اهلاً بكم ومرحباً في هذه الفقرة من برنامج امناء الرحمان وشرح الزيارة الجامعة معنا مشكوراً على خط الهاتف سماحة الشيخ باقر الصادقي، سماحة الشيخ فيما يرتبط بعصمة ائمة اهل البيت عليهم السلام التي اكدتها الكثير من الادلة القرآنية والحديثية فضلاً عن الادلة العقلية والوجدانية هل هي بمرتبة واحدة ام لها مراتب متعددة؟
الشيخ باقر الصادقي: بسم الله الرحمن الرحيم، طبعاً هناك العصمة بلا شك في الاصل انها مراتب متعددة يعني من خلال البحث النظري حينما يبحثون علماء الكلام بالنسبة للعصمة لها مراتب متعددة بلا شك هناك العصمة المطلقة الكبرى وهناك مطلق العصمة هناك العصمة عن بعض الصغائر والعصمة عن الكبائر مثلاً هي بلا شك مراتب لكن عصمة اهل البيت نحن نؤمن بان اهل البيت عليهم السلام عصمتهم عصمة مطلقة وان الامام مسدد وهناك لطف من الله عز وجل على هذا الامام باعتبار كونه قدوة واسوة يقتدى بفعاله وبسلوكه وبكلامه ما يقوله حجة وما يفعله حجة ما يقرره حجة فلذلك هناك لطف خاص بالامام باعتبار كونه معصوم بالعصمة المطلقة ويمكن ان نشير الى هذه النقاط الثلاث:
اولاً: ان الامام معصوم عن المعاصي ومخالفة احكام الله فلا يرتكب ذنباً وهو في طاعة مستمرة لا يحيد عن امر ولا يخرج عن نهي.
ثانياً: في مأمن الامام عن ارتكاب الصغائر من الذنوب ايضاً.
ثالثا: في حرز حريز عن الخطأ والنسيان والغفلة في تعلم امور الدين وابلاغها وفي حفظ الشريعة واحكام الشريعة وفي تطبيقها في حياة الامة وباختصار ان الامام المعصوم بالعصمة المطلقة وخصوصاً حينما يتصدى لمسؤولية قيادة البشرية فلابد ان يكون مصوناً عن كل خطأ ومسدداً من لدن الله عز وجل وذلك لطف من الله عز وجل ذلك فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاء وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ والحمد لله رب العالمين.
المحاور: الحمد لله رب العالمين سماحة الشيخ باقر الصادقي شكراً جزيلاً، وشكراً لمستمعينا الافاضل وهم يتفضلوا بمتابعة ما تبقى من هذه الحلقة من برنامج امناء الرحمان.
*******
نتابع مستمعينا الافاضل الاستضاءة بعبارات مقطع هذه الحلقة من الزيارة الجامعة حيث تواجهنا عبارتان، احداهما تقول بان: عادة الائمة عليهم السلام هي (الاحسان)، والاخرى تقول: بان (سجيتهم) هي: الكرم، فما هو الفارق بين العادة والسجية اولاً؟ ثم ما الفرق بين الاحسان والكرم من جانب آخر؟
اما الفارق بين (العادة) و (السجية) فهو: انك مثلاً: انك اذا قُدر لك ان تتصدق يومياً على الفقراء، فان سلوكك هو (عادة) قررت بالا تقطعها، وهي مساعدة الفقراء ولن بغض النظر عن وجود الفقراء وعدمه، فان التركيبة النفسية للائمة عليهم السلام هي: الكرم او الجود، وهذه هي السجية او الطبع مقابل ما هو ممارسة فعلية.
اخيراً: فان المطلوب هو ملاحظة الفارق بين الاحسان وبين الكرم، فما هو الفارق؟
الاحسان هو: ان تصنع معروفاً لشخص ما (كمساعدته).
واما الكرم فهو: نمط من السلوك يتحد في جملة معالم، منها: ان الكرم هو من الاخلاق الحسنة، كما لو قلت: هذا كريم الاخلاق، وقد يقصد به: المعنى النفسي وهو: الجود،... ولكن في الحالتين، فان النكتة هنا هى: ان الزيارة تقول بان الائمة عليهم السلام بين تركيبة نفسية تتميز بمحبتها للآخر، بغض النظر عن وجود الناس، وبين صدورهم عن فعال خيرة تجاه الناس.
اذن الائمة عليهم السلام في الحالات جميعاً، من حيث الطبع والتطبع يعبرون عن الخير كما هو واضح. ختاماً نسأله تعالى ان يوفقنا الى التمسك بهم، انه ولي التوفيق.
*******