لا نزال نحدثك عن زيارة الجامعة للائمة عليهم السلام، وهي الزيارة الخاصة في مضمونها وصياغتها، حيث يطلق عليها اسم (الجامعة الكبيرة) وقد حدثناك عن مقاطع متسلسلة منها: وانتهينا من ذلك الى مقطع حافل ببلاغته الفائقة وبضبابيته الشفافة، ونعني به: المقطع الذي شغل الشراح والمحللين والدارسين بدلالة المشعة بتعدد تأويلاتها، وهو المقطع القائل او المخاطب اياهم(ذكركم في الذاكرين، واسمائكم في الاسماء، واجسادكم في الاجساد، وارواحكم في الارواح، وانفسكم في النفوس، واثاركم في الاثار، وقبوركم في القبور فما احلى اسمائكم، واكرم انفسكم، واعظم شأنكم، واجل خطركم، وافى عهدكم،واصدق وعدكم...).
لقد استشهدنا بهذا النص، وهدفنا القاء الاشارة عليه، وتعمدنا عرضه بطوله: نظرا لارتباط عبارته بعضها بالاخر (وقد سبق بلقاء متقدم) ان اوضحنا او بينا استخلاصنا لدلالته.
فما دام لم يرد نص تفسيري أو تأ ويلي له من المعصومين(ع)، فحينئذ من حق قارئ الزيارة ان يستخللص من (الزاوية البلاغية) ما يجده مناسبا مع سياق الموضوع وسنكتفي بالاشارة السريعة لدلالاته مادمنا سابقا قد عرضنا بشيء من التفصيل لها:
لقد وردت سبع عبارات او ظواهر في مقطع الزيارة هي: الذكر، الاسم، والجسد، والروح، والنفس، والاثر، والقبر.
والسؤال المجدد هو: لماذا وردت الظواهر المتقدمة في الصياغة المزدوجة او الثنائية (ذكركم في الذاكرين،... قبوركم في القبور).
في تصورنا السريع ان ذلك يهدف الى ان اي ذكر او اسم او أثر يرد في مقام التبجيل او التقدير او التثمين او التقويم فان المو قع الذي يحتله الائمة عليهم السلام هو في المقدمة او الاجدر به في سياق تلكم الاذكار او الآثار.
واذا كان الامر كذلك يجدربنا الان ان نعرض لهذه الظواهر من حيث تفاوتها في الموضوعات وليس في الدلالات، حيث قلنا ان الدلالات متنوعة ولكن الموضوعات محددة، وهي: الذكر، الاسم، الجسد، الروح، النفس، والقبر.
بالنسبة الى (الذ كر) نعتقد ان المقصود منه هو: استحضار شخصية الائمة عليهم السلام في سياقات متنوعة: في المجالس او المؤلفات، الادعية، النصوص الروائية.
واما بالنسبة الاسم، فيقصد به: الاسم المحدد منهم مثل علي والحسن والحسين عليهم السلام.
بالاضافة ان يكون الاسم رمزاً لاية معارف: كما هو مستخلص مثلاً من العبارة القرانية الكريمة «وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاء كُلَّهَا» حيث ورد عن احد النصوص المفسرة للاسم هو: مطلق المعرفة خلال الموجودات الكونية.
واما الجسد فان قداسته لا تحتاج الى توضيح مادامت النصوص الشرعية قد اشارت الى ذلك.
كما اشارت الى مايقابلها الكلمة الرابعة وهي (الروح) وردت النصوص القائلة (السلام عليكم وعلى ارواحكم واجسامكم)...
يبقى ان نشير بعد ذلك الى الفارق بين الروح والنفس، ونقول الروح هي: الحياة، واما النفس فهي: التركيبة العقلية والنفسية في الشخصية الحية، اي: ان الروح في مقابل الموت، والنفس في مقابل الموجودات الحية الاخرى، حيث تتميز الشخصية البشرية بالهام التقوى والنور، وبثنائية التركيبة التي تتالف من الطاقة المتصارعة بينهما.
واخيراً يبقى (الاثر) و (القبر)، وهي: التراث والموت، حيث ان تراث الائمة عليهم السلام في مقدمة ما يرثه الاخرون، وحيث ان قبوركم المتضمنة لذلك(التراث) تكتسب قيمتها الكبيرة، ومنها: قيمة الزيارة حيث ان (الجامعة الكبيرة) هي التجسيد للاثر والقبر.
بعد ان نواجه تعقيبا على ما تقدم، وهو (فما احلى اسمائكم)، وهو ما نحدثك لاحقا ان شاء الله تعالى.
*******
ونقدم له في هذه الحلقة بتوضيح معنى كل اسم من هذه الاسماء المباركة وهذا ما نستمع اليه في الا تصال الهاتفي التالي الذي اجراه زميلنا مع سماحة الشيخ باقر الصادقي كونوا معنا:
المحاور:بسم الله الرحمن الرحيم، السلام عليكم احباءنا وسلام على ضيفنا الكريم سماحة الشيخ باقر الصادقي، سماحة الشيخ في الحلقة السابقة بينتم بعض اسرار جمال اسماء اهل البيت عليهم السلام، في هذه الحلقة هي اسماء تكرر اسماء متعددة حدود ستة اسماء معاني كل اسم من هذه الاسماء المباركة ولو على نحو الاجمال؟
الشيخ باقر الصادقي: بالنسبة الى الاسماء الخمسة من اهل الكساء بلا شك واولهم النبي صلى الله عليه وآله والذي هو في الحقيقة الاسماء المتكررة في الائمة المعصومين الذي منهم اسم النبي الاكرم محمد صلى الله عليه وآله ومنهم الامام محمد الباقر محمد الجواد وهكذا مثلاً اسم الامام امير المؤمنين علي ومنه علي بن الحسين ومنه علي بن موسى الرضا وعلي الهادي، وهكذا الحسن الذي يتكرر الحسن المجتبى والحسن العسكري عليه السلام وهكذا بالنسبة الى الامام جعفر الصادق عليه السلام، المهم ان هذه الاسماء فالنبدأ بأسم النبي صلى الله عليه وآله وهذا مأخوذ من اسم المحمود الله عز وجل هو المحمود وله الحمد في الاولى والاخرة وفي السماء وفي الارض وفي كل مكان ومحمود بفعاله ومحمود بجميع خصائصه وخصاله الله عز وجل اشتق من اسمه فانا المحمود وهذا محمد، بلا شك ولا ريب اسم يدل على انه كثير الحمد ويسعده من رآه بلا شك النبي الاكرم صلى الله عليه وآله الذي يعرفه والذي ينظر في خصائصه وفي صفاته وفي اخلاقه بلا شك ينزع اليه ويتوجه اليه الا المكابر وجحدو بها واستيقنتها انفسهم ظلماً وعلواً هذا بلا شك الانسان المكابر المعاند نحن نتكلم بالحالة العامة الذي يرى هذه الخصال الحميدة وينظر الى اخلاق النبي صلى الله عليه وآله بلا شك يحمده ويتعلق به ويتوجه اليه هكذا بالنسبة الى بقية الاسماء المباركة للامام الباقر محمد الباقر والامام محمد التقي وهكذا بالنسبة الى الاسم العلي اسم امير المؤمنين مشتق من العلي والله عز وجل هو العلي واشتق اسم امير المؤمنين عليه السلام من اسمه فامير المؤمنين سلام الله عليه محمود في خصاله علي في كماله وفي جماله وهو صورة طبق الاصل للنبي صلى الله عليه وآله بل هو نفس النبي بشهادة القرآن الكريم وقد سئل الامام الرضا عليه السلام سئله المأمون العباسي حدثني عن اعظم آية في مدح امير المؤمنين فقال وَأَنفُسَنَا وأَنفُسَكُمْ آية المباهلة، هنا فيها اشارة الى المرتبة العالية الوسيعة التي بلغها امير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليه، وهكذا بالنسبة الى بقية الائمة الذين سموا بهذا الاسم المبارك علي بن موسى الرضا علي بن الحسين علي الهادي صلوات الله وسلامه عليهم، وهكذا بالنسبة الى الاسم المبارك للامام جعفر الصادق عليه السلام وكذلك بالنسبة الى اسم الامام موسى الكاظم صلوات الله وسلامه عليه هذه اسماء بلا شك يتفرع عنها الخير والسلام والعلم والحكمة وكل شيء حسن جميل بلا شك خصوصاً اذا عرفنا ان هذه الاسماء نزلت من السماء، يعني الله عز وجل اختار لهم هذه الاسماء والله عز وجل الحكيم، والحكيم يضع الشيء في موضعه هذا بالحقيقة يزدادنا يقيناً نزداد يقين كما في حديث اللوح المروي عن جابر بن عبد الله الانصاري عن السيدة فاطمة الزهراء ان هذه الاسماء كانت مكتوبة في اللوح في شكل ونزل جبرائيل على النبي الاكرم صلى الله عليه وآله وسلم.
المحاور:يعني يمكن ان الجواب فيما يرتبط في قضية معاني الاسماء انها كاشفة عن الاسماء والخصال الالهية؟
الشيخ باقر الصادقي: بلا شك، لانهم مظاهر جمال الله ومظاهر صفاته وجلاله بلا شك ولا ريب.
المحاور:جزاكم الله خيراً سماحة الشيخ باقر الصادقي، وشكراً لكم احباءنا وانتم تتابعون ما تبقى من هذه الحلقة من برنامج امناء الرحمان وشرح الزيارة الجامعة.
ختاماً نسأله تعالى ان يوفقنا الى زياراتهم والافادة منهم، في سلوكنا العبادي، انه ولي التوفيق.
*******