لانزال نحدثك عن زيارة الجامعة للائمة عليهم السلام، وهي ما يطلق عليها اسم (الجامعة الكبيرة)، تميزاً لها عن الزيارات الاخرى ... وقد حدثناك عن مقاطع متسلسلة من الزيارة، وانتهينا من ذلك الى مقطع يخاطبهم (وعندكم مانزلت به رسله، وهبطت به ملائكته، والى جدكم بُعث الروح الامين).
هذا المقطع من الزيارة يتضمن ثلاثة موضوعات، هي: الاشارة الى رسل الله تعالى المختلفين، والاشارة الى الملائكة، والاشارة الى جبرئيل عليه السلام،.. هذه الموضوعات الثلاث (كما تلاحظ) تتضمن المبادىء التي انزلها تعالى على رسله، وعلى محمد(ص)، بواسطة الملائكة وجبرئيل ...
والسؤال هو: ماذا نستلهم من الاشارات المتقدمة، وهي: مسئلة الرسل، والملائكة، وجبرئيل ومن ثم النبي(ص) وعلاقته بجبرئيل من حيث الوحي، وعلاقته(ص) بالائمة عليهم السلام بصفة انه جدهم؟ ... هذا ما نحاول القاء الاضاءة عليه في هذه الحلقة ونقدم لذلك بتوضيحات من سماحة السيد محمد الشوكي بشأن دور الملائكة في مناصرة اولياء المقربين عليهم السلام، نستمع معا للاتصال الهاتفي التالي الذي اجراه زميلنا:
المحاور: بسم الله الرحمن الرحيم، السلام عليكم احباءنا شكراً لكم على طيب متابعتكم لبرنامج امناء الرحمان وشرح الزيارة الجامعة، اهلاً بكم في هذه الفقرة من البرنامج ومعنا عبر الهاتف سماحة السيد محمد الشوكي، سماحة السيد فيما يرتبط بدور الملائكة وهم جند الله تبارك وتعالى في مناصرة ائمة اهل البيت عليهم السلام هذه من الامور والقضايا التي اشير اليها في كثير من النصوص الشريفة ما هي باجمال ملامح هذا الدور؟
السيد محمد الشوكي: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين المعصومين، طبيعي نحن ينبغي ان نتذكر الآية التي تقول «إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ»، ونتذكر ايضاً الآية التي تقول «إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا»، وهذا الدفاع وهذه النصرة الالهية التي نعبر عنها بالمدد الالهي او المدد الغيبي تتمظهر في مظاهر عديدة ولها قنوات متنوعة من جملة هذه القنوات الامداد بالملائكة الذين ينصرون جميع الذين ينصرون الله تبارك وتعالى كل من ينصر الله عز وجل يمده الله تبارك وتعالى بالملائكة كما رأينا في معركة بدر مثلاً، فاهل البيت عليهم السلام لا شك ان كل حركتهم وكل مواقفهم كانت من اجل الله وكانت من اجل نصرة دين الله تبارك وتعالى من الطبيعي جداً ان يمدهم الله تبارك وتعالى بنصر الملائكة، بالاضافة الى الالطاف الالهية المتنوعة المظاهر، هذه النصرة الملائكية قد تكون للدفاع وللحماية حماية اهل البيت سلام الله عليهم، كما نقرأ مثلاً عندما بات امير المؤمنين سلام الله عليه في فراش رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حيث قد انزل الله تبارك وتعالى جبرائيل وميكائيل لحماية امير المؤمنين سلام الله عليه وقد تكون للمشاركة ضد اعدائهم، ولهذا من الروايات التي نقرأها في احاديث الامام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف وجود اعظم الملائكة اكرم الملائكة الذي هو جبرائيل سلام الله عليه في جبهة الامام سلام الله عليه، كذلك نرى في الاحاديث ان الملائكة الذين نصروا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في بدر لم يصعدوا الى السماء لا زالوا في الارض وسينصرون الامام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف، هذه النصرة قد تكون مشاركة فعلية بالقتال او قد تكون لتثبيت المؤمنين وجبهة الائمة سلام الله عليهم، او يقومون باعمال اخرى كثيرة يمكن ان تناط بهم فالقضية اذن ثابتة في النصوص الشريفة.
المحاور: سماحة السيد محمد الشوكي شكراً لكم، وشكراً لكم احباءنا وانتم تتابعون مشكورين الحلقات المقبلة من هذا البرنامج وكذلك ما تبقى من هذه الحلقة من شرح الزيارة الجامعة في برنامج امناء الرحمان.
*******
يقول القسم لاول من المقطع (وعندكم ما نزلت به رسله)،... هنا قد يتسائل قارىء الزيارة: ما هي النكتة الكامنة وراء الاشارة الى ان مانزلت به رسل الله تعالى موجود عند الائمة عليهم السلام؟
والجواب هو: نحتمل قويا، ان تكون النكات الكامنة وراء الاشارة المذكورة: متنوعة، منها: ان الائمة عليهم السلام هم امتداد لرسول الله(ص) من حيث انهم اوصياؤه، حيث ان ابداع ما نزل على الرسل سابقاً يعني: احاطتهم علما ً بمبادىء الله تعالى في شتى موستوياتها ... ومنها:
ان الابداع ذاته كاشف عن امتدادية رسالات السماء التي خُتمت بنبوة اورسالة محمد(ص)، وهم اوصياؤه... ومنها: انسحاب ذلك على ما يمارسونه من مشروعية الأمامة الى قيام الساعة.
بعد ذلك يواجهنا القسم الثاني من المقطع وهو (وهبطت به ملائكته) ... هذا النص نعتقد انه بحاجة الى توضيح خاص فقارئ الزيارة لاحظ اولا ان الاشارة الى (الرسل) وانهم نزلت الرسالات عليهم، تعني انهم على المام بمبادىء الرسالات السابقة، وهي رسالات اضطلع بتنزيلها كما اشار القران الكريم: انما يتم من خلال قنوات هي: الالهام، والملك، والتكليم ... فاذا كانت عبارة(وعندكم ما نزلت به رسله) تشتمل (الملك) بالضرورة، حينئذٍ قد يتسائل قارىء الزيارة عن دلالة القسم الثاني القائل (وهبطت به ملائكته)!؟ اي: ماذا تعني هذه العبارة؟
الجواب: ان الملائكة يتواصلون مع الشخصيات المصطفاة سواء اكانوا انبياء او معصومين، وحينئذٍ فان طرق الوحي تتفاوت من خلالهم، مثل (النقر) في الاذن مثلا او مجرد الالهام: سواء اكان الالهام مجرد خطور او كان عددا او مشفوعاً بما هو حسي مثلاً ... ونستخلص من هذا جميعاً: ان ما تمارسه الملائكة من تقديم المعلومات وفق الطرائق المتنوعة التي اشرنا اليها، فان الائمة عليهم السلام محيطون بذلك ايضاً.
اما القسم الثالث من المقطع فيقول: (والى جدكم بعث الروح الأمين).
والسؤال المهم الان هو: ما هي الدلالات التي نستطيع ان ندركها من هذه العبارة؟
الجواب هو: ان ذهن الزائر يتداعى من خلال ما يسمى بـ(التداعي الذهني) الى النبي(ص) وجبرئيل خاصة ً، حيث ان الاشارة الى (جبرئيل) في خصوص النبي(ص) تحمل دلالة مهمة من حيث الموقع الذي يحتله جبرئيل بالقياس الى سائر الملائكه.
من جانب آخر: فان الاشارة الى ان (جد) الائمة عليهم السلام هو من بُعث اليه الروح الامين، ومن ثم: بما ان جدهم(ص) اوحى بالامامة الى علي ٌ واولاده الائمة عليهم السلام فهذا تداع ٍ آخر يتداعى اليه ذهن الزائر بلا شك.
والنتيجة هي: الفات نظر الزائر الى موقع الائمة عليهم السلام من خلال الامتيازات المذكورة، ... وهذا ما ورد من الفقرات التي جاءت بعد مقطع الزيارة، حيث وردت الاشارة الى ان الله تعالى اتى الائمة عليهم السلام ما لم يؤته لسواهم، وهو موضوع نحدثك عنه في لقاء لاحق ان شاء الله تعالى.
ختاماً نسأله تعالى ان يوفقنا الى زيارة الائمة عليهم السلام، وشفاعتهم وموالاتهم، والتسديد في ممارسة عملنا العبادي، انه ولي التوفيق.
*******