نحن الآن مع مقطع جديد من زيارة الجامعة، وهي الزيارة التي انشأها الامام عليّ الهادي (ع) استجابةً لطلب أحد اصحابه، حيث التمس منه صياغة زيارة خاصة تتميز ببلاغتها بالنسبة الى زيارة الائمة عليهم السلام في مشاهدهم...
وقد حدثناك عن مقاطع متسلسلة منها، ونحدثك الآن عن الجديد منها، وهو المقطع المتوسل بالله عزوجل بان يجعل الزائر مشمولاً برعايتهم، مخاطبتاً (وجعلني - اي الله عز وجل - ممن يقتص آثاركم، الى ان يقول (ويحشرني في زمرتكم، ويكرّني رجعتكم، ويمّلك في دولتكم...).
ان هذه الفقرات وما بعدها تتوسل بالله بان يجعل الزائر محشوراً في زمرة الائمة عليهم السلام (من حيث الموقع الاخروي)، وممن يكرّ في رجعتهم عليهم اسلام، ثم يصبح بمثابة ملك في دولته...
طبيعياً، ثمّة مراحل ومستويات من التوسل بالله عزوجل بان يشمل الزائر برحمته من خلال تواصله مع الائمة عليهم السلام...
لقد لاحظنا - في لقاء سابق - ان مقطع الزيارة يتوسل بالله عزوجل بان يجعل الزائر مهتدياً بهداهم في صعيد الارتباط بخطّهم العقائدي او العبادي العام... امّا في المقطع الحالي، تتحدث الزيارة عن مرحلة ما بعد الموت، وهي بدورها جملة مراحل تمهيدية وسواها لما بعدها ولاهل البيت عليهم السلام حضورٌ محوري فيها.
*******
أما الآن نتابع تقديم برنامج امناء الرحمن بهذا الاتصال الهاتفي مع سماحة الشيخ باقر الصادقي اهلاً ومرحباً بكم:
المحاور: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله الهداة الى الله تبارك وتعالى السلام عليكم احباءنا أهلاً بكم في هذه الفقرة من فقرات برنامج أمناء الرحمان معنا مشكوراً مشكوراً على خط الهاتف سماح الشيخ باقر الصادقي ليتفضل بالاجابة عن سؤالنا لهذه الحلقة وهو يقدم لنا صورة اجمالية لحضور اهل البيت عليهم السلام في عالم الحشر ومرافقتهم للمؤمنين في هذا العالم؟
الشيخ باقر الصادقي: بسم الله الرحمن الرحيم، حضور اهل البيت في عالم المحشر في الحقيقة له مراتب مختلفة بحسب المقام الذي يظهرونه ويحضرون فيه فتارة مثلاً ربما يحضر لجزاء عمل من الاعمال التي قام بها الانسان المؤمن في دار الدنيا مثلاً على سبيل المثال الرواية المروية عن الامام الرضا عليه السلام: من زارني على بعد داري حضرته في المواطن الثلاث حتى اخلصه من اهوالها عند الصراط وعند الميزان وعند تطاير الكتب يميناً وشمالاً، او مثلاً الروايات التي تشير الى حضور السيدة الزهراء سلام الله عليها في المحشر كما ورد في بعض النصوص غضو ابصارهم معشر الخلائق لتجول فاطمة ثم يقول الامام الباقر بعد حديث طويل انها يا جابر لتلتقط شيعتها كما يلتقط الطير الحب الجيد من الرديء وفيها اشارة الى كمالات ومقامات اهل البيت في الشفاعة وانقاذ بعض المؤمنين، كذلك بالنسبة الى الحضور عند الكوثر وسقي امير المؤمنين عليه السلام للمحبين والموالين (الله يسقينا وجميع المؤمنين من يده ان شاء الله)، ونقل عن الشيخ اميني اعلى الله مقامه صاحب الغدير الموسوعة القيمة يرى الاميني في صبيحة اليوم الذي توفي فيه رأه احد المراجع في عالم الرؤيا ولم يعلم انه قد انتقل الى جوار ربه رآه وكأن على حوض الكوثر صف طويل وامير المؤمنين بالكأس يسقي المحبين حتى وصلت النوبة الى الشيخ الاميني اعلى الله مقامه صاحب كتاب الغدير فابتسم في وجهه وقال اما انت فسأسقيك بيدي، نعم هناك حضور كما قلت في مراتب مختلفة وربما يكون هذا الحضور لابراء ظلامة من الظلامات التي مرت على اهل البيت عليهم السلام كما ينقل عن الامام الرضا عليه السلام روى ذلك الشيخ الصدوق اعلى الله مقامه في عيون اخبار الرضا ان السيدة الزهراء سلام الله عليها تطلب من الله عز وجل ان يريها ولدها الحسين فيقوم الحسين في قلب القيامة وهو جثة بلا رأس فاذا نظرت اليه، فطبيعي الشهيد يحشر على الهيئة التي قتل فيها حيث انهم قطعوا رأس الحسين، فيحضر الحسين بهذا المظهر فتشهق السيدة الزهراء وتبكي ويضج اهل المحشر لبكائها وهذا هنا لبيان مظلومية الامام الحسين وان الشفاعة التي نالها اهل البيت عليهم السلام والمقامات التي اعدها الله لهم في ذلك اليوم هو نتيجة لما دفعوه في الدار الدنيا من اولاً: القيام بشرائط العبودية، ثانياً: الصبر على قضاء الله والتسليم لامره والرضا بقضائه، وهناك مقامات لا يسع المجال لذكرها والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطاهرين.
المحاور: صلوات الله عليهم اجمعين شكراً جزيلاً لسماحة الشيخ باقر الصادقي وشكراً لكم احباءنا وانتم تتابعون مشكورين ما تبقى من برنامج امناء الرحمان وشرح الزيارة الجامعة.
*******
ان النص يتوسل بالله سبحانه وتعالي بان يعود الزائر (بعد وفاته) او عند المرحله الاصلاحيه المتمثله في ورائز الارض للامام المهدي (عج) ومجتمعه اي: زمن ظهور الامام المهدي (عج) النص يتوسل بالله بان يجعل الزائر عائدا الي الساحه بعد رجعتهم عليهم السلام زمن الظهور الامام المهدي (عج) ومن الطبيعي ان للرجعه نشاطها الاجتماعي المتنوع بدء من المرحله العسكريه المتمثله في جند الامام المهدي (عج) مرورا باستقرار العهد الجديد المتمثل بملئ المجتمعات عدلا بعد ما ملئت جورا وانتهاء بقيام الساعه ان النص يتوسل بالله عزوجل بان يعيد الزائر الى زمن ظهور الامام (عج)، وبثبات حكومته، حيث يتوسل بالله سبحانه وتعالى بان يسبح ملكٌ فيها...
والملك هنا ليس المقصود منه الرئاس المعهودة بل يُقصد من ذلك بحصول الشخصية الاسلامية على موقعها الذي يتناسب مع الحرية الكاملة، والعزة التي تتناسب مع عزة الاسلام، بحيث يصبح الفرد وكأنه ملكٌ يتصرف بحرية، ويعتز بانتسابه الى الاسلام والى خط اهل البيت عليهم السلام.
ان العودة الى ارض الله سبحانه وتعالى المتحررة من الجور والظلم والاسهام في معركة الخلاص، والاحتلال الموقع المتناسب مع وراثة المستضعفين للارض يقترن بعبارة سبقت ذلك، وهي العبارة المتوسلة بالله عزوجل بان يحشر قارئ الزيارة في زمرة الائمة عليهم السلام...
والسؤال هو: مالمقصود بالحشر في العبارة القائلة (ويُحشر في زمرتكم)؟
الجواب: مما لا شك فيه، ان الحشر حشران، الاول هو الحشر المتجسد في زمن ظهور الامام المهدي (عج) (وهذا ما لاحظنا عبارته المشيرة الى الرجعة وسواها)...
والآخر هو الحشر المتجسد بعد قيام الساعة... وفي الحالتين فان العبارة المتوسلة بالله سبحانه وتعالى بان يجعل الزائر والموقع المنتسب الى خط اهل البيت عليهم السلام، انما تعني: المجاورة او المساكنة، واو المخالطة مع الائمة عليهم السلام، يستوي في ذلك ان يكون الحشر في زمن الظهور الامام (عج) او الحشر الخالد في القيامة.
بعد ذلك يقول النص (ويُشّرفُ في عافيتكم، ويُمكّن في ايامكم، وتقر عينه غداً برؤيتكم).
بهذه العبارات ننتهي من احد مقاطع الزيارة، وهي عبارات امتدادية لسابقتها، حيث يكتسب الشخص شرف حضوره مع الامام المهدي (عج)، وحيث يُمكّنه الله سبحانه وتعالى من ممارسة وظيفته العبادية كل التمكين حيث لا ظالم ولا منحرف يحتجزه عن ذلك...
واخيراً حيث تقر عينه برؤية الائمة عليهم السلام سواء اكان ذلك في الحشر الاول او الحشر الآخر، حيث ان المهم هو: التشرف بملاقاتهم عليهم السلام وهو شرف ما بعد شرف كما هو واضح.
ختاماً (قبل ان ننتقل الى مقطع جديد من زيارة الجامعة) نتوسل بالله عزوجل ان يوفقنا فعلاً الى ان نسهم في المعارك الاصلاحية التي يخوضها الامام المهدي (عج) وان يوفقنا الى رؤية سائر المعصومين عليهم السلام في الدنيا والآخرة، انه ولي التوفيق.
*******