لا زلنا نحدثك عن الزيارة الجامعة للائمة عليهم السلام، وهي التي يطلق عليها اسم (الجامعة الكبيرة)، تمييزاً لها عن الزيارات الاخري الواردة عن الائمة عليهم السلام…
وتتميز هذه الزيارة بطولها وببلاغتها، حيث ان احد اصحاب الاملم الهادي (ع) التمس منه ان ينشئ له نصاً بليغاً لزيارة الائمة عليهم السام، فاُنشاُله الزيارة المذكورة…
المهم، لقد حدثناك عن مقاطع متسلسلة من هذه الزيارة في لقاءات سابقه، ونواصل حديثنا عن الجديد منها، وهو مقطع ورد فيه قوله(ع) مخاطبا الائمة عليهم السلام (وجعلني - اي الله عزوجل- ممن يقتص آثاركم، ويسلك سبيلكم، ويهتدي بهداكم…).
لقد حدثناك - في لقاء سابق- عن العبارة الاولي من هذا المقطع، وهي عبارة (جعلني - اي الله عز وجل- ممن يقتص اثاركم) اي ممن يتبع آثار الائمة عليهم السلام،…
ثم يقول: (ويسلك سبيلكم، ويهتدي بهداكم).
ان هاتين العبارتين مع انهما تبدوان واضحتين الا انهما تحتاجان الي القاء الاثارة عليهما، نظراً لتماثل الموضوع الذي يتناوله المقطع، حيث يحوم علي معني هو: التوسل بالله عزوجل بان يجعلنا عاملين بمبادئهم، ونقتدي بهم في سلوكنا، وناُخذ المبادئ منهم وليس من سواهم…
هذه المعاني عبرت الزيارة عنها بثلاث عبارات هي: ان نقتص آثارهم، وان نسلك سبيلهم، وان نهتدي بهداهم،…
والسؤال هو: ما الفرق بين ان نقتص اثرهم، ونسلك سبيلهم، ونهتدي بهداهم؟
*******
أما الآن نتابع تقديم برنامج امناء الرحمن بهذا الاتصال الهاتفي مع سماحة الشيخ باقر الصادقي اهلاً ومرحباً بكم:
المحاور: بسم الله الرحمن الرحيم، السلام عليكم احباءنا ورحمة الله وبركاته اهلاً بكم ومرحباً في هذه الفقرة من برنامج "امناء الرحمان" معنا مشكوراً على خط الهاتف سماحة الشيخ باقر الصادقي نعرض على سماحته السؤال التالي، سماحة الشيخ ما هي اهم مصاديق تقصي آثار ائمة اهل البيت عليهم السلام وهو من اهم الامور التي امرنا بها؟
الشيخ باقر الصادقي: بسم الله الرحمن الرحيم، في البداية هناك مصاديق كثيرة لتقصي آثار اهل البيت عليهم السلام لكن نذكر بما يسع له المجال:
اولاً: الفرح لفرح اهل البيت والحزن لحزنهم كما ورد في الاحاديث شيعتنا خلقوا من فاضل طينتنا يفرحون لفرحنا ويحزنون لحزننا، في المواطن التي يفرح فيها اهل البيت ينبغي للانسان الذي يقتص آثار اهل البيت كما وردت الروايات في الحث على احياء هذه المراسيم سواء كانت في ايام الفرح او ايام الحزن.
ثانياً: من جملة المصاديق الاخذ عنهم العلوم والمعارف باعتبار هم في الحقيقة كما ورد عنهم في التأويل فلينظر الانسان الى طعامه أي الى علمه ممن يأخذه وعمن يأخذه بلا شك ينبغي للانسان ان يرجع الى اهل البيت في اخذ العلوم وفي استقاء العلوم لان العلم الحقيقي عندهم ورثوه عن جدهم رسول الله صلى الله عليه وآله والرسول ما ينطق عن الهوى وما ينطق عن الهوى ان هو الا وحي يوحى، ونقل عن احد علمائنا ولعله الميرزا مهدي الاشتياني من بعض الرياضات والمجاهدات نظر الى هذا الخط ولعله من بركات المولى صاحب العصر والزمان الاخذ عن غيرنا مساوق لانكارنا، نعم العلم الحقيقي هو عندهم قال الامام الباقر عليه السلام: فليشرق الحكم وليغرب فوالله لا يجد علماً الا ها هنا واشار الى صدره المبارك، نعم امر الناس بالرجوع اليهم القرآن ارشدنا الى ذلك فأسئلوا اهل الذكر ان كنتم لا تعلمون وفسر الامام الرضا عليه السلام قال الذكر رسول الله صلى الله عليه وآله ونحن اهله واولهم الذي استق العلم عن رسول الله هو امير المؤمنين عليه السلام وقد ورد عن النبي حيث قال: انا مدينة العلم وعلي بابها فمن اراد المدينة والحكمة فليأتها من بابها، فهم صلوات الله وسلامه عليهم ينبغي ان نأخذ عنهم وينبغي ان نقتص آثارهم في الحلال وفي الحرام وفيما يرتبط بكل شؤون الانسان وما يرتبط بربه وبالعقيدة وبالسلوك مع الناس على اختلاف اجناسهم وشخصياتهم وهوياتهم، هذه من المصاديق وهناك كما قلنا مصاديق كثيرة نكتفي بهذا القدر والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطاهرين.
المحاور: صلوات الله عليهم اجمعين شكراً جزيلاً لسماحة الشيخ باقر الصادقي وشكراً لكم احباءنا وانتم تتابعون من شرح الزيارة الجامعة في هذا البرنامج برنامج امناء الرحمان.
*******
مما لا شك فيه ان النبي (ص) اوصل الي الامام علي (ع)، ما اوصي كل واحد من الائمة الي الاخر: مبادئ رسالة الاسلام… وامرنا ان نتمسك بالقرآن الكريم وبعترته الطاهرة..
وهذه يعني ان كل مصدر شرعي غير العترة الطاهرة، هو مرفوض، وهذا يفسر لنا اسرار العبارات الثلاث المتقدمة…
الاولي من العبارات تطالبنا بان نقتص أثر الائمه عليهم السلام، أي نتبع آثارهم، تمثله النصوص الشرعية الواردة عنهم، وفي السلوك الصادر عنهم، وهذا المعني العام لتتبع آثارهم يظل رامزاَ رئيسياَ تتفرع منه الروافد الاخري، ومنها: العبارة الثانية القائلة (وعلني ممن يسلك سبيلكم).
ولعلك تتساءل عن معني (السبيل هنا)… ونجيبك قائلين: السبيل هو الطريق … وما دام النص الاول يطالبنا بان نتتبع اثارهم، فهذا يعني ان نسلك الطريق المفضي الي معرفة تلكم الاثار، لا ان نسلك طرقاً اخري سلكها- مع الاسف- اشخاص وطوائف ابتعدوا عن خط اهل البيت عليهم السلام.
والآن بعد ان يطالبنا النص بان نقتص اثر الائمه عليهم السلام وان نسلك الطريق التي سلكها الائمة عليهم السلام، اي الاخذ من الائمة عليهم السلام من حيث مصادر المعرفة الشرعية...
نقول: بعد ان نسلك الطريق المفضية الي معرفة مبادئ الائمة عليهم السلام، عندئذ سوف نظفر بمجموعة المبادئ الاسلامية التي رسمها الله سبحانه وتعالي، وابلغها الي نبيه (ص) واوصلها النبي (ص) الي الائمة عليهم السلام وهو ما عبّرت الزيارة عنهم بـ(الهدي) فقالت: (وجعلني ... ممن يهتدي بهداكم) وهي عبارة بلاغية فائقة الاهمية لمن وعي دلالتها تتمثله في ان المبادئ المرسومة تجسد ظاهرة (الهدي) بالقياس الي المبادئ الاخري التي استسقاها المبتعد عن الائمة عليهم السلام من مصادر سواهم...
لقد اوضح النص بان الهدي (وهو المطلوب اساساً) من المبادئ الالهية، ينحصر في المبادئ التي رسمها الله عزوجل واوصلها الي النبي (ص) الي الائمة عليهم السلام وما عداها فهي اجتهادات واستحسانات لا تمت الي الشريعة الاسلامية بصلة حقيقية...
لذلك، فان العبارات التي لاحظناها وسواها مما سنلاحظه تظل مكررة لهذا الموضوع في سياقات متنوعة بطبيعة الحال، حتي لا يضلّ الباحث عن الحقيقة في ممارساته للعمل العبادي الذي خلق اللهُ سبحانه وتعالي الانسانَ من اجل ممارسته ...
ختاماً نسأله تعالي ان يجعلنا ممن يهتدي بهدي النبي (ص) والائمة عليهم السلام وان يوفقنا الي المزيد من ذلك، انه ولي التوفيق.
*******