نحن الان مع مقطع جديد من زيارة الجامعة للائمة عليهم السلام ونعني بها ما يصطلح عليها باسم الجامعة الكبيرة، وقد حدثناك عن مقاطع متسلسلة منها في لقاءات سابقة، ونحدثك الان عن احد مقاطعها البادئ بعبارة: (برئت الى الله عز وجل من اعدائكم) الى ان يقول: (الجاحدين لحقكم، والمارقين من ولايتكم، والغاصبين لارثكم، الشاكين فيكم، المنحرفين عنكم)، هذه الفقرات من الزيارة تتحدث عن اعداء الائمة، مبينة مستويات العداء حيث تمثلت في الجحد لحقهم اولاً، تقول العبارة: الجاحدين لحقكم، والسؤال المهم الآن هو ما نستلهم من العبارة المذكورة؟
من الواضح ان المعاداة لمبادئ او اشخاص من الممكن ان تكون بسبب عدم الاطلاع عليها وعليهم او ان المعاداة تتحقق بسبب قناعة العدو حقاً بسلبية المبادئ والاشخاص ولكن المعاداة بغير حق هي المستنكرة في الواقع وذلك لاسباب نفسية لا تصدر الا عن عصابيين يعانون من الانحراف ولذلك يجحدون الحق مع معرفتهم بانه حق، وهذا ما ينسحب على اعداء الائمة حقاً، ان الائمة عليهم السلام وهم خلفاء الرسول(ص) واحفاده لا يمكن لاحد ان يعاديهم بخاصة ان الرسول(ص) هو الذي امر بولايتهم بعد ان امره الله تعالى بذلك، نقول لا يمكن لاحد ان يعاديهم الا اذا كان منحرفاً عن مبادئ الله تعالى وعن الرسالة الاسلامية، وهذا ما يتمثل في الاشخاص والجماعات التي اطلق النص الشرعي عليهم مصطلح "النواصب" ممن عرفهم التأريخ القديم والحديث ايضاً وما نشاهده في سنواتنا المعاصرة خير شاهد على ذلك.
المهم ان العبارة التي لاحظناها في مقطع الزيارة ونعني بها عبارة الجاحدين لحقكم تشير بوضوح الى هؤلاء الاعداء الذين يعرفون تماماً بان الائمة عليهم السلام هم الخلفاء للرسول(ص) وهم احفاده عليهم السلام ومع هذا يجحدون هذا الحق انسياقاً وراء نفسياتهم المريضة لذلك جاءت العبارة لتقول على لسان الزائر (برئت الى الله عز وجل من اعدائكم) بمعنى ان الله تعالى برئ من هؤلاء الاعداء كما هو واضح وتبقى هنا قضية مراتب الولاية من اعداء الله واوليائه، وتوضيحاتها نستمع لها معاً من ضيف البرنامج سماحة الشيخ باقر الصادقي في الحوار الهاتفي الذي اجراه زميلنا:
المحاور: بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله الهداة الى الله، احباءنا السلام عليكم في هذه الفقرة من برنامج امناء الرحمان اتصلنا هاتفياً بسماحة الشيخ باقر الصادقي، سماحة الشيخ سؤالنا في هذه الحلقة عن مراتب البراءة من اعداء محمد وآل محمد عليهم السلام فما هي هذه المراتب؟
الشيخ باقر الصادقي: بسم الله الرحمن الرحيم، المرتبة الاولى طبعاً البراءة من اعداء محمد وآل محمد في اللسان يعني اظهار هذه البراءة من خلال الفاظ البراءة كما اشارت بعض الزيارات، "اني سلم لمن سالمكم وحرب لمن حاربكم، وولي لمن والاكم عدواً لمن عاداكم"، وبعض النصوص تعلن البراءة بشكل صريح هذا جانب يعني جانب باللسان، الجانب الاخر البراءة من عدو آل محمد بالفعل يعني بالعمل من خلال اظهار هذه البراءة بالسلوك، مثلاً في جانب الحرب الانسان يحمل السلاح مع اهل البيت عليهم السلام ضد اعداء آل البيت وضد اعداء محمد وآل محمد، كما تجلت هذه بالشكل الواضح في يوم عاشوراء حينما قام انصار ابي عبد الله الحسين بمجاهدة اعداء الله واعلان البراءة منهم، كما انه اذا رجعنا الى بعض الخطب التي ادلى بها بعض الانصار وبعض بني هاشم نجد البراءة بالشكل الواضح براءة بالسلوك بالفعل وكذلك براءة في اللسان يعني جمع في الموقفين، يعني تارة هو حامل السلاح ويجاهد اعداء الله وبعض الاحيان يضيف لها البراءة في اللسان، وهكذا بالنسبة الى بعض حواري امير المؤمنين امثال رشيد الهجري وميثم التمار ومجموعة من حواري امير المؤمنين الذين تعرضوا الى ما تعرضوا من اجل الابقاء على الولاية والبراءة من اعداء امير المؤمنين، هذا رشيد الهجري في الحقيقة قطعت يمينه رجله بنفس الوقت لسانه ولكنه الى آخر لحظة وهو على جذع النخلة كان يسمع منه البراءة من اعداء امير المؤمنين والبراءة من الطواغيت والشياطين شياطين الانس والجن، كذلك من جملة مراتب البراءة طبعاً براءة في القلب باعتبار القلب موضع الاعتقادات الحقة، فحينما انه الانسان في داخل قلبه ربما بعض الاحيان الظرف قد لا يسمح للانسان ان يدلي بهذه البراءة بالشكل الظاهر اما لقسوة الاعداء واما للظروف التي يعيشها وقد رخص النبي وقد رخص الائمة في بعض الحالات على كتمان هذه البراءة لكنه نرى القلب عامر بالايمان والقلب يكون مثلما الموقف الذي جرى على عمار بن ياسر حينما اكره على ان يلفظ هذه اللفظة لكن كان قلبه مطمئن بالايمان وهو في الحقيقة كان على علم الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، فاذن هناك ثلاث مراتب لهذه البراءة مرة البراءة بالقلب وبالاعتقاد وهذا موطنها في القلب ومرة في اللسان ومرة اظهار البراءة بالمواقف السلوكية وهو ان يكون في جنب الحق في نصرة الحق واهله ضد الباطل واهله كما لهذا الموقف صور عديدة من اصحاب رسول الله ومن كذلك اصحاب أمير المؤمنين واصحاب ابي عبد الله الحسين عليهم السلام.
المحاور: صلوات الله وسلامه عليهم اجمعين سماحة الشيخ الصادقي شكراً جزيلاً، وشكراً لكم احباءنا وانتم تتابعون مشكورين ما تبقى من برنامج امناء الرحمان.
*******
بعد ذلك نواجه عبارات توضح لنا مستويات عدائهم للائمة وفي مقدمة ذلك العبارة القائلة (المارقين من ولايتكم) وهي عبارة تقف عند دلالتها الان فماذا تعني؟
المروق هو الانسلال عن الشيء كما ينسل الخيط من النسيج مثلاً وهو استعارة معبرة عن حقيقة هؤلاء الاعداء المرضى الذين يرتدون عن دين الله تعالى، ان المروق في الواقع هو الارتداد عن الدين لذلك ـ كما قلنا ـ جاءت العبارة الاستعارية المذكورة منطبقة تماماً على هؤلاء المارقين او المرتدين عن مبادئ الله تعالى ورسوله(ص).
ونواجه عبارة تقول (الغاصبين لارثكم)، والسؤال هو ماذا نستخلص من هذه الفقرة الواضحة؟
ان الغصب للارث في العبارة المتقدمة تتداعى لذهن الزائر الى غصب ما نصبه الله تعالى ورسوله(ص) من الحق للائمة عليهم السلام، وهم خلفاء الرسول(ص) ولا نحتاج الى القاء انارة اكثر على هذا الجانب حيث ان النزعة العدوانية التي ينطلق منها هؤلاء الاعداء للائمة تفسر لنا سر سلوكهم المتمثل في غصب الحقوق التي رسمها الله تعالى ورسوله(ص) لهم من حيث اضطلاعهم بتبليغ ما امرهم الله تعالى ورسوله(ص) بذلك.
والسؤال الجديد هو ان قارئ الزيارة يتساءل عن الجحود والمروق والغصب لحقوق الائمة عليهم السلام وما يواكب ذلك من سلوك مرضي تكفل ببيانه مقطع الزيارة التي نتحدث عنها وهو امر سنواصل الحديث عنه في لقاءات لاحقة ان شاء الله تعالى.
والى ذلك الحين نستودعكم الله تعالى ونسأله تعالى ان يثبتنا على الايمان بالله تعالى وبرسوله وبالموالاة للائمة عليهم السلام انه ولي التوفيق.
*******