نحن الان نتابع زيارة الائمة عليهم السلام من خلال ما ورد من الزيارة المتسمة بأهمية كبيرة الا وهي الجامعة الكبيرة حيث حدثناك عن مقاطع متسلسلة منها وانتهينا من ذلك الى عبارة تقول (مستشفع بكم الى الله عز وجل، ومتقرب بكم اليه)، ثم تقول (ومقدمكم امام طلبتي وحوائجي وارادتي)، هذه العبارة الاخيرة هي ما نحدثك عنها الان، حيث حدثناك عما سبقتها من الفقرات التي تشتشفع بالائمة عليهم السلام الى الله تعالى وتتقرب اليه بهم ثم تتوسل الى الله تعالى من خلالهم لانجاز حوائج الزائر لهم، وهذا التوسل بهم هو موضوع حديثنا الآن، ونمهد له بالاستماع الى ضيف البرنامج سماحة الشيخ باقر الصادقي وهو يعرف الموضوع اجمالاً في الحوار الهاتفي التالي الذي اجراه زميلنا:
المحاور: بسم الله الرحمن الرحيم، السلام عليكم احباءنا ها نحن معكم نتابع تقديم برنامج امناء الرحمان وشرح الزيارة الجامعة مع ضيفنا الكريم في هذه الحلقة سماحة السيد محمد الشوكي، سماحة السيد سؤالنا في هذه الحلقة عن معنى التوسل الى الله تبارك وتعالى باوليائه والحكمة منه وادلته اجمالاً؟
السيد محمد الشوكي: بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله الطيبين الطاهرين، لا شك ان دعاء التوسل من المفاهيم الاسلامية التي وردت في النصوص الشريفة سواءاً في القرآن الكريم او في السنة المطهرة في القرآن الكريم نقرأ قوله تعالى «وَابْتَغُواْ إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ»، طبعاً في القرآن الكريم هناك نصوص اخرى لم ترد بلفض الوسيلة قَالُواْ يَا أَبَانَا اسْتَغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا يعني اولاد يعقوب يتوسلون لابيهم لكي يستغفر لهم عند ربهم كذلك فيما يرتبط في النبي صلى الله عليه وآله وسلم قوله تعالى: وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُواْ أَنفُسَهُمْ جَاؤُوكَ فَاسْتَغْفَرُواْ اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُواْ اللَّهَ تَوَّابًا رَّحِيمًا، فاذنفَاسْتَغْفَرُواْ اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ النبي، فاذن هم يتوسلون باستغفار النبي الى الله تبارك وتعالى بالاضافة الى آيات اخرى يمكن ان تدل على هذا المعنى وان لم ترد بنص ولفض الوسيلة، بالنسبة للروايات الشريفة هناك روايات جمة في هذا المعنى من جملتها الرواية التي يرويها الفريقان السنة والشيعة عن ذلك الرجل الذي علمه النبي صلى الله عليه وآله وسلم ان يتوسل الى الله تبارك وتعالى في قضاء حاجته وامره بمجموعة من المقدمات وان يتوجه الى الله ويقول: اللهم اني اتوسل اليك بنبيك نبي الرحمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم الى آخر التوسل المعروف والمروي في كتب السنة والشيعة، فاذن القضية من ناحية عقلية لا مانع منها يعني من ناحية الامكان ممكنة من ناحية الثبوت ومن ناحية الاثبات ايضاً هناك ادلة والوقوع هناك ادلة قرآنية وروائية عليها القضية هي ان الله تبارك وتعالى قانونه في الماديات وفي المعنويات ابى ان يجري الامور الا باسبابها، فهناك اسباب مادية وهناك اسباب معنوية القرب الى الله عز وجل له اسباب وله وسائل وادوات الوسيلة هي اداة توصل الانسان الى شيء يتوسل بها الانسان للوصول الى شيء، الصلاة وسيلة القرآن وسيلة غير ذلك من اعمال البر كلها وسائل توصل الانسان الى الله تبارك وتعالى، كذلك الاولياء الذين يمثلون المثل والقيم العليا في الشرائع وفي الاديان هؤلاء ايضاً وسيلة يمكن ان يتوسل الانسان بولائهم بودادهم وبدعائهم الى الله تبارك وتعالى، ثم ان الانسان عادة عندما يريد ان يتوجه الى الله عز وجل والله ليس بينه وبين العبد حجب واستار وابواب متى الانسان ما شاء يدعوه لحاجته لكن كثير من الناس وجوههم مسودة بالذنوب فباي وجه يقبلون على الله تبارك وتعالى، لهذا يقدمون بعض الاشخاص النقيين الطاهرين لكي يشفعون معهم يعني يكونون شفعاً بدل ما يكون الانسان وتر مفرد في دعاءه يكون شفعاً ويكون اثنين فيتوسل بذلك الانسان النقي الطاهر الذي لا ترد له دعوة الى الله تبارك وتعالى، وهو هذا معنى الشفاعة ايضاً نحن حتى في الاخبار ان دعاء المؤمن لاخيه المؤمن بظهر الغيب مستجاب لان الانسان يدعو بلسان لم يعصني فيه، لا اقل ان تجعل المسألة من هذا الباب يعني مثلما يدعو لي اخي المؤمن والله يتقبل دعاءه او يتقبل توسله طيب لماذا لا يدعو لي النبي صلى الله عليه وآله وسلم وقطعاً دعاء النبي مستجاب مئة بالمئة، فاذن القضية هي في اطارها العام تتعلق لان الله جعل وسائل لقربه جعل هناك آلات وادوات للتوصل اليه من جملة هذه الوسائل والاليات هو وداد وولاء الاولياء الطاهرين والتقرب اليهم وبهم الى الله تبارك وتعالى.
المحاور: رزقنا الله واياكم ذلك شكراً لسماحة السيد محمد الشوكي، وشكراً لكم احباءنا وانتم تتابعون هذه الحلقة من برنامج امناء الرحمان وشرح الزيارة الجامعة.
*******
مستمعينا الاكارم نعود الى مقطع حلقة اليوم من شرح الزيارة الجامعة فالعبارة الاولى تقول (ومقدمكم امام طلبتي وحوائجي وارادتي)، ونحسب بان قارئ الزيارة سوف يتساءل عن موضوعين يواجههما هنا، اولهما هو ان العبارة تقول بان الزائر يقدم الائمة عليهم السلام وسطاء له، ثم يوضح بان الوساطة هي الطلبة والحاجة، والارادة والسؤال المهم هو ما هو الفارق بين هذه الفقرات او العبارات (الطلبة، الحاجة، الارادة)؟ لكن قبل ذلك الا يجدر بنا ان نحدثك عن الموضوع الاول وهو ان الزيارة تقول بان الزائر يقدم الائمة عليهم السلام امام ما يتطلع اليه من الآمال.
ان هذا الموضوع من الاهمية بمكان بخاصة ان البعض من القاصرين في المعرفة لا يفقهون معنى زيارة الائمة عليهم السلام، ولذلك ينبغي لفت نظرهم الى ان الائمة عليهم السلام ومعهما اولاً النبي(ص) وفاطمة الزهراء(ع) وهم المعصومون الذين عصمهم الله تعالى من الذنب ومن الخطأ وجعلهم المصطفين عنده ان هؤلاء المعصومين عليهم السلام ماداموا احب الخلق الى الله تعالى وما دام الله تعالى ذاته قد امرنا بطاعتهم ومحبتهم حينئذ فان التوسل بهم لانجاز حاجاتنا يظل واحداً من المصاديق المعبرة عن مقامهم عند الله تعالى.
من هنا نكرر بان العبارة القائلة (ومقدمكم امام طلبتي)، انما تعني ان هؤلاء المعصومين ما داموا احب الخلق الى الله تعالى حينئذ فان تقديمهم امام طلبتنا انما يعني ان منزلتهم عند الله تعالى هي المسوغ للتقديم المذكور أي طلب حوائجنا الى الله تعالى من خلال التوسل بهم.
والآن نحدثك عن الموضوع الاخر وهو العبارة المشيرة الى اننا نقدم الائمة عليهم السلام امام طلبتنا وحوائجنا وارادتنا، والسؤال هو مجدداً ما المقصود من الطلبة والحاجة والارادة؟
هذا ما نحدثك عنه الان فنقول: "الطلبة" هي ما نطلبه من الله تعالى بغض النظر عن نمطه ودرجته ومشخصاته حيث تشمل الطلبة كل شيء تعني الشخصية بتحقيقه مثل غفران الذنب سعة الرزق، تحقيق الامن؟
واما الحاجة فهي ما يحتاجه الشخص من شيء محدد غير مقترن بالطلب او عدمه بقدر ما يجسد حاجة يطلبها العبد الى الله تعالى او لنقل ثمة حاجة لا يشترط فيها المطلب، الا ان التطوع لزيارة الائمة عليهم السلام يتكفل بانجازها.
واما الارادة فهي ما يريده الشخص بغض النظر ايضاً عن اقترانه بطلب لفظي او سواه، ولكنه مقترن باهمية لدى صاحبه بحيث يريد بان يتحقق موضوعه.
اذن العبارات الثلاث المتقدمة تجسد جميعاً تطلعات العبد الى ما يهمه من الامر الا ان كل واحدة منها تعبر عن نمط او درجة او حالة ما يكون الشخص عليه من حيث اقترانه بطلب يقدمه او حاجة يتحسسها او ارادة يحلم بها وهكذا.
بعد ذلك نواجه عبارات من نحو (في كل احوالي واموري) هنا نحسب بان قارئ الزيارة سوف يتساءل من جديد ويقول عرفنا ان الطلبة والحاجة والارادة تجسد جميعاً ما نتطلع اليه من الآمال ولكن ما معنى ان نقول نتطلع الى ذلك في كل الاحوال والامور؟
الجواب هو: ان الانسان الذي يتطلع الى تحقيق ما هو يعنى به يمثل لديه شيئين هما حاله وامره، والمقصود بـ الحال هو كل مستويات حالاته النفسية واما المقصود بـ الامر فيعني كل الموضوعات التي تهمه وبكلمة اكثر وضوحاً ثمة حالات لدى الاشخاص هي الوضع النفسي من حيث درجة ما يتطلع اليه او استجابته حيال الشيء كما لو اقترن ذلك بحالة الملل او الانفعال او الجزع وهناك امور وليس حالات هي نوع ونمط ما يتطلع الشخص اليه كالصحة وغفران الذنب والامن.
اذن تبين لنا ما هو المقصود من العبارة القائلة بان قارئ الزيارة عند حضوره لدى مشاهدهم عليهم السلام يقدم الائمة عليهم السلام امام طلبته وحوائجه وارادته في جميع احواله واموره وهو ما نتوسل به فعلاً بان يوفقنا تعالى لزيارتهم ويوفقنا الى ممارسة الطاعة انه ولي التوفيق.
*******