لازلنا نحدثك عن الزيارة الجامعة، وهي ما يطلق عليها اسم الجامعة الكبيرة للائمة عليهم السلام، وقد حدثناك عن مقاطع متسلسلة منها، ونتابع الان تقديم الجديد منها، حيث حدثناك ـ في لقاء سابق ـ عن مقطع من الزيارة يقرر فيها ان موقع الائمة عليهم او منزلتهم لا يرقى اليه احد، وحينما نواصل ملاحظة هذا المقطع نجده يقول: (حتى لا يبقى ملك مقرب، ولا نبي مرسل، ولا صديق، ولا شهيد، ولا عالم، ولا جاهل، ولا دني، ولا فاضل، ولا مؤمن صالح، ولا فاجر طالح، ولا جبار عنيد، ولا شيطان مريد، ولا خلق فيما بين ذلك شهيد الا عرفهم جلالة امركم، وعظم خطركم).
هذا المقطع من الزيارة يتطلب القاء الانارة عليه، وهذا ما نبدأ به فنقول، من البين ان الله تعالى عندما جعل محمداً(ص) خاتم الانبياء ورسالته هي المستمرة الى قيام الساعة، ومن ثم حينما جعل محمد(ص) الائمة عليهم السلام خلفاء له، بحيث يجسدون استمرارية ذلك، حتى آخرهم وهو الامام المهدي(عج).
نقول حينما يكون الامر كذلك فان هذه المنزلة المتسمة بالخطورة لابد وان يصل صداها الى جميع المخلوقات بدء من الانبياء عليهم السلام ومروراً بالملائكة وانتهاءاً بمختلف طبقات الناس، بما في ذلك المنحرفون من الناس وليس المؤمنين فحسب، بل حتى ما بين من هو يتأرجح بين هذا وذاك، اولئك جمعاً اوصل تعالى اليهم نبأ الائمة عليهم السلام ومواقعهم عند الله تعالى، والسؤال الان هو اذا عرفنا ان الله تعالى عرف البشرية وغيرها موقع الائمة عليهم السلام فماذا نستخلص من هذه الاشارات الى مختلف اجناس المخلوقات وانماطهم؟
*******
نستمع شطراً من الاجابة عن هذا السؤال من ضيفنا الكريم سماحة الشيخ باقر الصادقي في الحوار الهاتفي الذي اجراه معه زميلنا، نستمع معاً.
المحاور: سلام من الله عليكم احباءنا اهلاً بكم ومرحباً في هذه الفقرة من برنامج امناء الرحمان وضيفنا الكريم سماحة الشيخ باقر الصادقي على خط الهاتف مشكوراً، سماحة الشيخ الزيارة الجامعة الكبيرة واضافة الى الكثير من النصوص الشريفة والاحاديث المروية تصرح بان الله تبارك وتعالى عرف الخلائق جميعاً من الملائكة والانبياء بمقامات محمد وآل محمد عليهم السلام فما السر من هذا الامر لماذا عرفهم؟
الشيخ باقر الصادقي: بسم الله الرحمن الرحيم، بلا شك انهم هم اول خلق الله الذي اقر لله بالربوبية كما اخذ على الخلائق وعلى الانبياء الله عز وجل في ذلك العالم فكانوا هم اسبق خلق الله في الاستجابة والاقرار، ومن هنا في الحقيقة الله عز وجل كما تشير بعض الروايات لما خلق السماوات نوه يقول الامام الصادق: انا اول اهل بيت نوه الله باسماءنا من حين خلق السماوات فكتب عليها ثلاثاً اشهد ان لا اله الا الله واشهد ان محمد رسول الله ثلاثاً صلى الله عليه وآله واشهد ان امير المؤمنين علياً حقاً ثلاثاً كذلك، فهذا نوع من التنويه كما اشار الامام التنويه بمعنى رفع الذكر كما ورد في القرآن ورفعنا لك ذكرك بالنسبة الى النبي صلى الله عليه وآله، وباعتبار هم اسماء الله يعني تجلت هناك في الحقيقة خلاصة لهذه الاسماء اسماء وهناك مسميات كثيرة لكن زبدة هذه الاسماء التي تجلت وتجسدت بشكل كامل وعكست التجليات في الالهية تجسدت في النبي الاكرم محمد صلى الله عليه وآله وأهل بيته، من هنا نوه الله باسمائهم وبين مقامهم، لكن في دار الدنيا مع الاسف بعض الامة تخلفت عن المراد الالهي والرباني الا القليل ممن وفا لرعاية الحق فيهم، ففي يوم القيامة الله عز وجل كما تشير الروايات يبين للملأ امام المحشر والخلائق حتى لا يبقى ملك مقرب ولا نبي مرسل ولا صديق ولا شهيد ولا عالم ولا جاهل ولا صالح ولا طالح الا عرفهم جلالة امركم كما ورد في هذه الزيارة العظيمة زيارة الجامعة الكبيرة، فاذن هذا التنويه وهذا الذكر هو في الحقيقة نوع من الاشادة بالحق وكتم اظهار لشؤون من شؤون الباري عز وجل، وكذلك يقول السيد الامام رحمة الله عليه في احدى كتاباته المدح والثناء على آل البيت على النبي وآل بيته هو مدح وثناء لله عز وجل.
المحاور: سماحة الشيخ هل يمكن ان ينظر الى الموضوع من زاوية اخرى وهي ان هذا التعريف فيه نفع للمعرف لهم يعني الملائكة والانبياء السابقين والاوصياء باعتبارهم انهم محتاجون الى محمد وآل محمد في التقرب الى الله والتوسل الى الله؟
الشيخ باقر الصادقي: وتوسلوا بهم عند الشدائد واولهم ابونا آدم حينما لم بتلك الخطيئة وترك الاولى طبعاً قال اللهم اني اسألك بحق محمد وآل محمد الا ما غفرت لي فغفر الله له، وهكذا نوح عليه السلام لما احس بالغرق وخاف الغرق توسل الى الله اللهم اني اسألك بحق محمد وآل محمد الا ما نجيتني فنجاه الله.
المحاور: وايضاً اللوح الذي كتبت عليه الاسماء من سفينة نوح تم العثور عليها الان موجود من دلائل هذا الامر؟
الشيخ باقر الصادقي: نعم هذا منه واشارت روايات كثيرة التي وردت عن توسل الانبياء والصلحاء باهل البيت عليهم السلام وليس ذلك الا لانهم من خلال الفطرة التي اودعها الله في الخلق ان يتوسلوا في الشدة بالنبي وآل بيت النبي لمقامهم ولقربهم من الله عز وجل.
المحاور: سماحة الشيخ باقر الصادقي شكراً جزيلاً، وشكراً ايضاً لمستمعينا الافاضل يتفضلوا مشكورين لمتابعة ما تبقى من برنامج امناء الرحمان.
*******
نتابع تقديم هذا البرنامج الخاص بشرح الزيارة الجامعة بالاشارة الى اننا لا نحتاج الى كبير تأمل حتى ندرك سريعاً بان المنزلة التي منحها الله تعالى لهذه الشخصيات (الائمة خلفاء الرسول(ص)) انما نستخلص من المنح المذكور بان هؤلاء الائمة اولاً هم التجسيد العبادي المطلوب أي بما ان الله تعالى اشار الى انه ما الجن والبشر الا ليعبدوا، حينئذ فان الشخصيات المشار اليها جسدت مفهوم العبادة خير تجسيد ولذلك منحهم الله تعالى هذه المنزلة، هذا اولاً، واما ثانياً فان المخلوقات التي عرفت ذلك او ستعرف ذلك لاحقاً، لابد وان تلقى الحجة عليها في ترتيب الاثر حيال المعصومين عليهم السلام بخاصة فيما يتصل بمن يبتعد عن الخط الذي طالبنا به الله تعالى بان ننهل مبادئ السماء من النبي(ص) ومن الائمة عليهم السلام وهم خلفاؤه الذين اوصل النبي(ص) مبادئ السماء اليهم، وامرهم بان يوصلوها الى الناس، كما امر(ص) الناس بان يتبعوا العترة الطاهرة حينما طالبهم بان يتمسكوا بالثقلين كتاب الله تعالى وعترته، وهذا جميعاً يشكل ـ بلا شك ـ حجة على الناس ممن لا ينتسب الى خط الائمة عليهم السلام ونعني بذلك الاشخاص او الطوائف او المذاهب التي لا تستقي مبادئ ومعرفة احكام الله تعالى في ميدان العقائد او الاخلاق او الشعائر الخ.
اذن ان الله تعالى القى الحجة على جميع الناس بان يتبعوا مبادئ النبي(ص) وخلفائه الذين يجسدون استمرارية الخلافة بحيث لا يعذر أي واحد من الناس في حالة ما اذا ابتعد عن خط الائمة عليهم السلام.
ولنتابع فقرات الزيارة بعد ملاحظتنا هذا الجانب أي تعريف الله تعالى كل المخلوقات بمنزلة الائمة عليهم السلام والقاء الحجة عليهم بوجوب الاتباع لهم في مبادئ الله تعالى.
ان المقطع الذي تحدث عن هذا الجانب وقال: بانه لم يبق ملك مقرب او نبي مرسل او الخ، عندئذ قال (الا عرفهم جلالة امركم، وعظم خطركم وكبر شأنكم وتمام نوركم)، هذه الفقرات سنحدثك عنها في لقاء لاحق ان شاء الله تعالى.
الا اننا استهدفنا من الاشارة اليها الآن هو انه تعالى عرف المخلوقات منزلة الائمة عليهم السلام وهي منزلة لم يدعها الله تعالى محفوفة بالاحجال بل فصل الحديث عنها حينما اشار الى جلالة الامر وعظم الخطر، وكبر الشأن وشرف المحل. ختاماً نسأله تعالى ان يعمق معرفتنا بالائمة عليهم السلام وان يوفقنا الى الالتزام بسيرتهم انه ولي التوفيق.
*******