توجد في الصلوات الخاصة للسيدة فاطمة الزهراء (س) عبارة مليئة بالمعنى والغموض: "سر مستودع فيها".
هذه العبارة كما يتبين من ظاهرها، تشير إلى الأمانة واحتفاظ شيء ذي قيمة في وجود السيدة فاطمة الزهراء (س)، لكن هل هذه العبارة تشير فقط إلى مكانتها العالية، أم تشير إلى حقيقة كبرى، وخاصة ارتباطها بإمام الزمان (عج)؟.
معنى "مستودع فيها"
إن كلمة "مستودع" تأتي من جذر "وَدَعَ" بمعنى "الوضع" أو "الإيداع"، وبتعبير أبسط، "مستودع فيها" تعني "شيء محفوظ في" أو "شيء مؤتمن".
وفي الصلوات الخاصة للسيدة فاطمة الزهراء (س)، تعني هذه العبارة أداء الأمانة للحقائق الروحية والإلهية في الوجود المبارك للسيدة فاطمة الزهراء (س).
وفي هذا السياق يمكن القول أن السيدة فاطمة الزهراء (س) كمثال كامل للعصمة والكمال الروحي هي أنها تحتفظ في وجودها بالحقائق الإلهية التي أعطيت لها على شكل أمانة من الله. وتشمل هذه الحقائق العلم والمعرفة الإلهية، العصمة والمنزلة الروحية العالية التي تختزنها.
التواصل مع الإمام المهدي (عج)
من أهم جوانب هذه العبارة (سر مستودع فيها) ارتباطها بإمام الزمان (عج). السيدة فاطمة الزهراء (س) هي أم الأئمة المعصومين عليهم السلام، وجاء في الأحاديث أن الإمام المهدي (عج) من ذرية السيدة فاطمة الزهراء (س).
تدل هذه النقطة على أن الحقائق المحفوظة عند السيدة فاطمة الزهراء (س) تنتقل بطريقة أو بأخرى عبر التاريخ وعبر جيلها إلى الأئمة المعصومين (ع) وخاصة الإمام المهدي (عج).
وتم تقديم الإمام المهدي (عج) في العديد من أحاديث الشيعة، كمصلح عالمي سيقيم العدالة في جميع أنحاء العالم بظهوره. وبل إن بعض هذه الروايات تشير إلى أن الإمام المهدي (عج) هو بمثابة "السِر" أو حقيقة كبرى مستودعة في ذرية السيدة فاطمة الزهراء (س) . ولا يزال هذا السر محفوظاً في غيبة الإمام المهدي (ع) وسيظهر عند ظهوره.
السر الإلهي في السيدة فاطمة الزهراء (س)
لطالما عُرفت السيدة فاطمة الزهراء (س) بأنها رمز العصمة، التقوى، والعلم والكمال في كلام المعصومين (ع). ولها منزلة خاصة ليست فقط في حياتها، بل في تاريخ الإسلام بأكمله.
وقد ورد في روايات مختلفة عن "علم فاطمة" وهو علم ورث ليس عنها فقط، بل أيضاً عن ذرية الأئمة المعصومين عليهم السلام. وهذه المعرفة والحقيقة كانت مخفية في وجود السيدة فاطمة الزهراء (س) ويشار إليها بـ "السر" الذي يستمر في الأجيال القادمة.
بما أن إمام الزمان (عج) يعتبر الإمام الأخير من أهل البيت (ع)، فإن هذا السر الإلهي المودع في وجود السيدة فاطمة الزهراء (س)، ينتقل إلى الإمام الموعود (عج).
بمعنى آخر، يُعرف الإمام المهدي (عج) في تاريخ الإسلام بأنه آخر إمام من أهل البيت (ع)، والذي سيظهر في المستقبل القريب ليقيم العدل في جميع أنحاء العالم.
يرى بعض العلماء والمفسرين أن إمام الزمان (عج) هو نفس السر والحقيقة التي كانت مستودعة في وجود السيدة فاطمة الزهراء (س). ولا يزال هذا السر الإلهي محفوظًا في زمن غيبته وينتظر أن يُفتح حتى ظهوره.
تحمل هذه النقطة رسالة تبعث على الأمل بأن ظهور الإمام المهدي (عج) سيضع حداً للظلم والفساد، وهذا السر الإلهي الذي كان مخفياً في وجود السيدة فاطمة الزهراء (س) سينكشف في المستقبل القريب.
ولذلك، يتم تفسير هذه العبارة في الصلوات الخاصة للسيدة فاطمة الزهراء (س) على أنها إشارة إلى ظهور الإمام المهدي (عج) وتحقيق العدالة العالمية.