البث المباشر

كيف فاجأ العلماء النوويون الإيرانيون الولايات المتحدة؟

الأربعاء 27 نوفمبر 2024 - 14:16 بتوقيت طهران
كيف فاجأ العلماء النوويون الإيرانيون الولايات المتحدة؟

قصة حصول إيران على 20% من اليورانيوم هي تجربة تاريخية من عرقلة القوى العالمية وفشلها، لقد حاولت أميركا وحلفاؤها الحد من قدرة إيران العلمية من خلال استغلال حاجة طهران الحيوية إلى الوقود النووي، لكن العلماء الإيرانيين أفشلوا هذه المؤامرة بالاعتماد على المعرفة والقوة الداخلية.

وأشار قائد الثورة الإسلامية في لقائه الأخير مع التعبويين إلى إحدى نقاط التحول في التاريخ العلمي والنووي لإيران. وقال: "إن من استطاع أن يفك المؤامرة الأمريكية الخبيثة في قضية اليورانيوم المخصب بنسبة 20% هم التعبويون".

وكتبت صحيفة "فرهيختيجان" في هذا السياق وفي التحليل التاريخي للقضية النووية الإيرانية: تذكرنا هذه التصريحات بقصة مهمة من الثمانينيات، عندما اعتمدت إيران، في مواجهة العقوبات والعراقيل من القوى العالمية، على التعبويين. تمكن العلماء من إنتاج اليورانيوم بنسبة 20%. وبهذه الطريقة، ظهرت دولتا تركيا والبرازيل أيضًا كوسطاء، لكن في نهاية المطاف، لم تنجح هذه الأدوار، تحت ضغط الولايات المتحدة، في خلق مبرر دولي للإعلان عن قدرة إيران على إنتاج اليورانيوم بنسبة 20%.

ويشكل إنجاز إيران لتكنولوجيا إنتاج اليورانيوم بنسبة 20% نقطة تحول في التاريخ النووي للبلاد ورمزاً للتقدم العلمي والإرادة الوطنية. وأظهر هذا النجاح الذي تحقق في ظروف العقوبات والضغوط غير المسبوقة أن إيران قادرة على توفير احتياجاتها الحيوية حتى في أصعب الظروف.

أميركا المورد الوحيد للوقود النووي تمنع إيران من مواصلة عملية التبادل
وفي أواخر الثمانينات، واجهت إيران أزمة خطيرة. وكان مفاعل طهران البحثي، الذي تم إطلاقه في القرن الماضي لإنتاج النظائر الصيدلانية المشعة والبحث العلمي، يحتاج إلى وقود يورانيوم بنسبة 20%. قامت الولايات المتحدة ببناء هذا المفاعل، وحتى انتصار الثورة، كان يتم توفير الوقود له من نفس الدولة. وبعد الثورة، قامت إيران بانتاج هذه المادة دون الحاجة من دول أخرى، بما في ذلك الأرجنتين.

ولكن في عام 2007، بعد استنفاد احتياطي اليورانيوم بنسبة 20%، طلبت إيران من الأرجنتين شراء وقود جديد. فأميركا، التي كانت تدرك الأهمية الاستراتيجية لهذه القضية، أوقفت هذه الدولة عن تلبية احتياجات إيران من خلال الضغط على الأرجنتين. وقد وضع هذا الإجراء إيران في موقف اضطرت فيه إلى إغلاق مفاعل طهران أو إيجاد حلول أخرى. وكان إغلاق هذا المفاعل يعني وقف إنتاج المستحضرات الصيدلانية الإشعاعية، مما عرض حياة آلاف المرضى للخطر.

مفاوضات إيران مع تركيا والبرازيل
ولحل هذه المشكلة، دخلت إيران في مفاوضات مع الدول الأعضاء في مجموعة فيينا (الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وروسيا). واقترحت هذه الدول مبادلة اليورانيوم الإيراني المخصب بنسبة 3.5% باليورانيوم بنسبة 20%. وبحسب هذا الاقتراح، كان ينبغي على إيران أن ترسل 1200 كيلوغرام من اليورانيوم بنسبة 3.5% إلى روسيا، وبعد عام ستحصل على 120 كيلوغراماً من اليورانيوم بنسبة 20%. لكن هذا الاقتراح رفضته إيران لأسباب مختلفة. أولا، لم تقدم الدول الغربية ضمانا لتسليم الوقود في الوقت المحدد. ثانياً، كانت تجارب الماضي، مثل سوء نية فرنسا في مشروع محطة بوشهر للطاقة، سبباً في تعزيز عدم ثقة إيران.

واقترحت إيران أن يتم هذا التبادل على الأراضي الإيرانية أو في دولة ثالثة، مثل تركيا. وفي هذا الصدد، دعت إيران تركيا والبرازيل، اللتين تربطهما علاقات جيدة مع طهران، للعمل كوسطاء. وبموجب هذه الخطة، التي أصبحت أساس بيان طهران، سترسل إيران 1200 كيلوغرام من اليورانيوم بنسبة 3.5% إلى تركيا وتحصل في المقابل على 120 كيلوغراماً من اليورانيوم بنسبة 20%.

وبالإضافة إلى ذلك، كان لإيران الحق في استعادة اليورانيوم الخاص بها من تركيا في أي وقت. وأبلغ رئيسا تركيا والبرازيل أوباما بذلك قبل التوقيع على هذا البيان. لكن بمجرد نشر البيان، عارضه أوباما رغم علمه بأن صورة بلاده ستتدمر. وكانت الولايات المتحدة تدرك أن انسحاب روسيا من عملية التبادل النووي مع إيران يمكن أن يصبح أساساً لتعاون الكرملين مع واشنطن لتبني موقف مشترك ضد الجمهورية الإسلامية. ولهذا السبب، وعلى الرغم من إدراكه للعواقب السلبية لرفض بيان طهران على صورة بلاده، فقد قبل أوباما هذه المخاطرة بتمرير القرار ضد إيران وكسب دعم روسيا وعارضه، لكنه لم يكن يعلم أن هذا الإجراء سينتهي به الأمر إلى تفاقم الأزمة.

وحذت أمريكا حذوها
ومن خلال تسليط الضوء على السلوك غير النزيه للولايات المتحدة، وفرت إيران الأرضية لكسب دعم الوكالة وإقناع الرأي العام بضرورة إنتاج 20% من اليورانيوم داخل البلاد. أما الغرب، الذي لم يتوقع أن تتمكن إيران من تحقيق تكنولوجيا إنتاج اليورانيوم بنسبة 20% بهذه السرعة، فقد تفاجأ كثيراً. كذلك الدول الغربية، التي كانت تحاول إجبار إيران على قبول شروطها من خلال الضغوط السياسية والاقتصادية، تواجه الآن دولة توفر احتياجاتها بشكل مستقل. وفي سبتمبر/ أيلول 2009، أعلنت إيران أنها أنتجت 25 كيلوغراماً من اليورانيوم بنسبة 20%. ويتزايد هذا الرقم كل شهر، وتمكنت إيران من تلبية احتياجاتها المحلية بالكامل.

افتتح الشهيد شهرياري إنتاج الوقود النووي
إن حصول إيران على تكنولوجيا تخصيب اليورانيوم بنسبة 20% كان بفضل الجهود التي بذلها علماء التعبئة في البلاد على مدار الساعة، وخاصة الشهيد مجيد شهرياري. حيث تمكن شهيد شهرياري من تنفيذ الصيغة المعقدة لتخصيب اليورانيوم من 5% إلى 20% من خلال تصميم وربط سلسلتين للطرد المركزي. وتعتبر هذه العملية، التي تتطلب دقة وتحكماً عاليين جداً، من أصعب الخطوات في إنتاج الوقود النووي. بالإضافة إلى ذلك، نجح في إنتاج ألواح الوقود اللازمة لاستخدام 20% من اليورانيوم في المفاعل. وهذا الإنجاز جعل إيران مكتفية ذاتيا في إنتاج الوقود النووي.

دروس من تجربة تاريخية
وقصة حصول إيران على 20% من اليورانيوم هي تجربة تاريخية من الخداع وعرقلة القوى العالمية. لقد حاولت أميركا وحلفاؤها الحد من قدرة إيران العلمية من خلال استغلال حاجة طهران الحيوية إلى الوقود النووي. لكن العلماء الإيرانيين أفشلوا هذه المؤامرة بالاعتماد على المعرفة والقوة الداخلية. وقد أظهر هذا الإجراء الأميركي أن الهدف الرئيسي لم يكن حل مشكلة إيران، بل الحد من قدرة إيران النووية واستنزاف احتياطيات إيران من اليورانيوم المخصب. بالإضافة إلى ذلك، أظهر دور الوساطة الذي قامت به تركيا والبرازيل أنه حتى الجهود الصادقة لحل النزاعات ستفشل تحت تأثير ضغوط الولايات المتحدة وحلفائها.

وتحمل هذه التجربة درسًا مهمًا للدبلوماسية العالمية؛ الاعتماد على القوة الداخلية هو أفضل وسيلة للتعامل مع الضغوط الخارجية.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة