السلام عليكم –اخوتنا المؤمنين- ورحمة الله وبركاته.
يتسائل متسائل: هل بلغ الحديث حول علي والقرآن من السعة حتى اصبح موضوعاً يبحث فيطال الكلام فيه؟!
وجواب ذلك- ايها الاخوة الاكارم- وباختصار، انه يكفي ان نذكر هنا امرين: الاول ترافق الامام علي _عليه السَّلام_ مع القرآن، عند نزوله، وبعد ذلك، ومضي ذلك الى مديات العوالم الاخرى.
كيف ذلك؟ الجواب من رواية ام المؤمنين ام سلمة _رضوان الله عليها_، حيث نقل عنها: الحاكم النيسابوري الشافعي في مستدركه، والشبلنجي الشافعي في نور الابصار، والهيثمي في مجمع الزوائد، وابن حجر في الصواعق المحرقة، ومحمد بن رستم في تحفة المحبي بمناقب الخلفاء الراشدين، وغيرهم، أنها قالت: سمعت رسول الله _صلى الله عليه وآله_ يقول: "عليّ مع القرآن، والقرآن مع علي، لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض".
أما الامر الثاني –إخوتنا الافاضل- فهو اقرار الصحابة الاوائل بما اشتهر بينهم ان علياً _عليه السلام_ قد نزل فيه ما لم ينزل في غيره، وأن عشرات الآيات قد خصّته، ومئات الآيات قد شملته، وما قال الله فيه الا مدحاً وثناءً واكراماً... فيروى عن ابن عباس قوله: ما نزل احد في كتاب الله تعالى ما نزل في علي.
ذكره الحافظ ابو نعيم الاصفهاني في كتابه (النور المشتعل او: ما نزل من القرآن في عليّ)، وابن عساكر في (تاريخ دمشق)، وغيرهما كثير. بل روي عن ابن عباس ايضاً ان ثلاثمائة آية نزلت في الامام علي _عليه السلام_، نقل ذلك عنه ابو نعيم في (النور المشتعل) أيضاً، وكذا ابن حجر في (الصواعق المحرقة)، والبغدادي في (تاريخ بغداد) وغيرهم.
أجل... حتى اقتضى الامر الى تأليف كتب وتصانيف مستقلة في ما نزل من القرآن الكريم في شأن علي (سلام الله عليه)، كما فعل ابوبكر الشيرازي كيث ألف كتابه بعنوان: (نزول القرآن في شأن أمير المؤمنين عليه السلام).
*******
في كتاب الله تعالى –ايها الاخوة الافاضل- آيات، استوحى صحابة رسول الله _صلى الله عليه وآله_ أمراً يرتبط بشأن الامام علي _عليه السلام_ فنقرأ في سورة البقرة آيه۳۰ قوله جلّ وعلا: "وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً". الى قوله عز من قائل: "فَتَلَقَّى آدَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ" صدق الله العلي العظيم. (البقرة: الاية الثلاثون)
قال المفسرون: الآيات هذه تنبىء عن غرض انزال الانسان الى الدنيا، وحقيقة جعل الخلافة في الارض، وما هي آثارها وخواصها.
وهي خلافة الله تعالى، وتعرّف بأنها النيابة عن الغير، وخلافة الانبياء وحججه هي للتشريف والتشريع والابلاغ. ويستفيد الكثير ان هذا الجعل الالهي لخليفة له في الارض، وهو فعل واحداث، لابد ان يكون دائمياً مستمراً، حيث يكون سببباً لهداية البشر، وقد قال تعالى: "وَإِن مِّنْ أُمَّةٍ إِلَّا خلَا فِيهَا نَذِيرٌ ". (سورة فاطر: الاية الرابعة و العشرون)
والآن.. ما علاقة هذا الموضوع، وهذه الآيات الكريمة، بالامام عليّ _عليه السلام_؟
*******
روى الحاكم الحسكاني الحنفي في كتابه (شواهد التنزيل لقواعد التفضيل) في ظل آية الاستخلاف من الله عزوجل في القرآن لثلاثة نفر:
لآدم _عليه السلام_، لقول الله عزوجل: "وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً ". (البقرة: الاية الثلاثون)
والخليفة الثاني داوود _عليه السلام_ ، لقوله تعالى: "يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ " (سورة ص: الاية السادسة و العشرون) يعني ارض بيت المقدس.
ثم قال عبدالله بن مسعود:
والخليفة الثالث عليّ بن ابي طالب_عليه السلام_: ، لقول الله تعالى: "وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ " {سورة النور: الاية الخامسة و الخمسون} الذين من قبلهم – يعني آدم وداوود.
هكذا ذكر ابن مسعود الصحابي المعروف، فيما ذكر الامام علي _عليه السلام_ أوضح من ذلك وابين حيث قال بأن شيخاً سلم على النبي _صلى الله عليه وآله_ ورجب به، ثم التفت اليه _عليه السلام_ فقال: السلام عليكم يا رابع الخلفاء ورحمة الله وبركاته... فلما سأل الامام علي عن ذلك أجابه رسول الله (ص) بقوله: أنت كذلك والحمدلله، إن الله عزوجل قال في كتابه: "إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً " والخليفة المجعول فيها آدم _عليه السلام_،
وقال عزوجل: "ييَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُم بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ"ص۲٦، فهو الثاني، وقال عزوجل حكاية عن موسى حين قال لهارون: "اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ " الأعراف۱٤۲ فهو هارون اذا استخلفه موسى _عليه السلام_ في قومه، وهو الثالث، وقال عزوجل "وَأَذَانٌ مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الأَكْبَرِ " (التوبة:الاية الثالثة) وكنت انت المبلغ عن الله عزوجل وعن رسوله، وانت وصييّ ووزيري، وقاضي ديني والمؤدي عني، وانت مني بمنزلة هارون من موسى الا انه لا نبي بعدي، فانت رابع الخلفاء كما سلم عليك الشيخ، او لا تدري من هو؟
قال عليه السلام: "لا"فقال صلى الله عليه وآله :"ذاك اخوك الخضر _عليه السلام_، فاعلم".
هذه هي الخلافة الالهية الامام أمير المؤمنين _عليه السلام_، أشار اليها كتاب الله، وبينها رسول الله، وأكدتها واقعة الغدير الكبرى بتفاصيل بينة شاهدة، لم يقبلها الا مؤمن امتحن الله قلبه للايمان، لذا قال علي _عليه السلام_: "ألا فابشروا، ثم ابشروالإ فإن الله خصكم بما لم يخص به الملائكة والنبيين والمؤمنين، بما احتملتم من امر رسول الله _صلى الله عليه وآله_".