نواصل حديثنا عن الزيارة الجامعة وهي ما يطلق عليها اسم الجامعة الكبيرة وهي الخاصة بزيارة الائمة عليهم السلام وقد حدثناك عن مقاطع متسلسلة منها ونتابع ذلك في لقائنا الحالي وكان المقطع الذي وقفنا عنده سابقاً هو (وجاهدتم أي الائمة عليهم السلام في الله حق جهاده حتى اعلنتم دعوته، وبينتم فرائضه، واقمتم حدوده، ونشرتم شرائع احكامه).
ان هذه العبارات تعرض لنا جهاد الائمة عليهم السلام في توصيل مبادئ الله تعالى الى الاخرين وقد اوضحنا في لقاء سابق معنى قوله(ع) وهو الامام الهادي(ع) منشيء الزيارة وجاهدتم في الله حق جهاده حتى اعلنتم دعوته ونبين الان ما ورد بعد ذلك من النص وهو قوله(ع) وبينتم فرائضه واقمتم حدوده وهذا ما نبدأ بتوضيحه...
من البين ان المبادئ الاسلامية التي رسمها الله تعالى واوصلها النبي(ص) الى المجتمعات وتابع الائمة عليهم السلام مواصلة ذلك الى مجتمعاتهم هذه المبادئ بعضها الزامي كالواجب والمحرم وبعضها اقل درجة كالمندوب والمكروه وبعضها مباح والنص الذي نتحدث عنه يقول عن الائمة عليهم السلام انهم بينوا الفرائض من المبادئ الاسلامية ومن الواضح ان التبين للفرائض لا يعني انه مجرد عروض يتلقاها الاخرون وتحسم المشكلة بل ان الامر لشديد في الواقع ويتطلب جهاداً في اعلى شدائده كما ورد التصريح بذلك في عبارة سابقة ونعني بها قوله(ع) وجاهدتم في الله حق جهاده حيث ان الالزام او الفريضة وحمل الناس عليها تتطلب جهوداً كبيرة بخاصة ان مجتمع ما قبل الاسلام كما اشرنا لا يمتلك ثقافة او مرونة في التعامل مع دوافعه وفي مقدمتها العادات القبلية التي تعني الجمود والتعصب وانغلاق الذهن من هنا فان التبين للفريضة فعل الواجب وترك المحرم يعني اقلاعاً لعادات موروثة وحرماناً من حاجات غير مشروعة تعودوا على اشباعها بطرق منحرفة واذا كانت الاوضاع الجاهلية في العهد النبوي تتطلب مجاهدة خاصة متمثلة في الاقلاع عن العادات والحرمان من الحاجات الملتوية فان عهود الائمة عليهم السلام واجهت بيئات جديدة ابرز ما فيها ما اشار القرآن الكريم اليه وهو الانقلاب على الاعقاب حيث انحرفت المبادئ التي رسمها النبي(ص) عن المطلوب مما لا حاجة الى الاستشهاد بنماذجها المتنوعة وفي مقدمتها الانحراف عن اهل البيت عليهم السلام حيث امر الله تعالى ونبيه(ص) باطاعتهم والتمسك بهم.
وهنا نتناول هذه الفقرة مع ضيف البرنامج من زاوية اخرى هي ادلة توسيع اطار مرجعية سنة النبي(ص) لتشمل سيرة ائمة عترته نستمع معاً للاتصال الهاتفي التالي...
المحاور: السلام عليكم سماحة الشيخ حسان سويدان ورحمة الله وبركاته ؟
الشيخ حسان سويدان: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
المحاور: سماحة الشيخ فيما يرتبط بقضية اعتبار سنة ائمة الهدى سلام الله عليهم من مصادر التشريع واخذ الاحكام وما في ذلك من تعميم لاطار السنة او مرجعية السنة النبوية في اخذ احكام الدين الالهي ما هي اهم الادلة فيما يرتبط بهذا التعميم؟
الشيخ حسان سويدان: بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين، هذه قضية واضحة جداً في مدرسة اهل البيت ويمكن اقامة الادلة القرآنية والروائية بشكل واضح نأخذ نموذج فقط من الدليل الدليل القرآني وهو قوله تعالى: «اطيعوا الله واطيعوا الرسول واولي الامر منكم» فقط توافرت الروايات وتعددت في ان المراد بأولي الامر هم الائمة المعصومون سلام الله عليهم بل هناك قرائن في نفس الآية على ان من تكون طاعته مطلقة كطاعة الرسول لابد وان يكون معصوماً عصمته من سنخ عصمته صلوات الله وسلامه عليه، ولم يدعي احد لاحد العصمة بعد رسول الله الا لائمتنا صلوات الله وسلامه عليهم اجمعين، وكما اشرت الى الروايات المستفيضة ان لم اقل المتواترة احتاط اذا قلت المستفيضة وهي متواترة معناً في ان المعني حصراً باولي الامر هم ائمتنا عليهم السلام هذه الآية في الحقيقة تثبت مقام الطاعة المطلقة لهم كما هي لرسول الله(ص) وهذا يعني ان سيرتهم وسنتهم هي سيرة وسنة رسول الله(ص) وبالاخير سيرتهما هم ورسول الله سيرة القرآن الكريم لا يحيدون عنه قيد انملة على الاطلاق لهم الامر المطلق كما لرسول الله(ص) وادلة اخرى موجودة قرآنية وقد اوجدت كثيراً فيما يرتبط في هذا المجال اما على مستوى الروايات فعمدة ما يمكن ان يتحدث عنه هنا هو حديث الثقلين.
المحاور: عفواًَ سماحة الشيخ كل ما دل على العصمة في القرآن على عصمة ائمة اهل الهدى في الواقع هو يدل على ان سنتهم وسيرتهم الى آدم.
الشيخ حسان سويدان: بلا شك لان المعصوم كلما يؤديه فهو يؤديه عن الله سبحانه وتعالى، اما بالنسبة لحديث الثقلين بصراحة يتحدث عن انهم هم رمز الهداية مع القرآن الكريم بعد رسول الله(ص) (اني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي ما ان تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي ابداً)، اذاً فالتمسك بهم امان من الظلال كالتمسك بالقرآن بل لا اقول كالتمسك بالقرآن التمسك بهم مع القرآن آمانٌ من الضلال بمعنى ان التمسك بالقرآن وحده لا يؤمن من الضلال الا اذا كان مع التمسك بهم صلوات الله عليهم اجمعين، ومن المعلوم ان التمسك بالقرآن هو العمل بتعاليم القرآن فالتمسك بهم صلوات الله وسلامه عليهم هو الطاعة لهم والعمل باوامرهم ونواهيهم والاستنان بسننهم وهذا نتيجة واضحة لجعل سنتهم بعد رسول الله هي سنة الهية قرآنية لازمة الاتباع كسنة رسول الله(ص)، ومن هنا تكثرت الاحاديث عنهم عليهم السلام وهم اسباط رسول الله(ص) ان حديثي حديث ابي وحديث ابي حديث جدي حديث رسول الله عن جبرائيل عن الله سبحانه وتعالى في اشارة الى انهم كرسول الله(ص) في انهم وما ينطقون عن الهوى.
*******
لا زلنا اعزاءنا مع برنامج امناء الرحمان وننتقل الى فقرة اخرى من فقرات الزيارة الجامعة وهي العبارة القائلة: (واقمتم حدوده)أي اقامة حدود الدين الاسلامي والسؤال الجديد هو اذا كان المقصود من عبارة وبينتم فرائضه هو عرض ما هو واجب وما هو محرم فماذا يقصد من عبارة واقمتم حدوده؟
من الواضح ايضاً ان الحد ينسحب على جملة دلالات منها الخطوط التفصيلية لمبادئ الاسلام أي جميع المبادئ كبيرها وصغيرها كالجهاد مثلاً في سبيل الله تعالى او رفع حجر من الطريق حيث يتطلب الجهاد تضحية بالنفس ولا يتطلب الرفع للحجر الا جهداً صغيراً ولكن في الحالتين فان التفصيل لهذه المبادئ يجسد حدوداً لها تميزها عن المبادئ الارضية، واما الدلالة الثانية لمصطلح الحدود فتعني اقامة ما رسمه الاسلام من الممارسات التي اضطلع الائمة عليهم السلام انفسهم بالتوفر عليها حتى تصبح نموذجاً لسيرتهم عليهم السلام.
وهناك دلالة ثالثة لاقامة الحد، متمثلة في ممارسة خاصة تتصل به بالضبط الاجتماعي كالعقوبات مثلاً وهو ما يتحقق في زمان البسط لولايتهم مثل خلافة امير المؤمنين(ع) والمهم ان الحد بمختلف دلالاته يظل موضع اشارة ملحوظة كما رأينا.
واما سائر ما عرضه المقطع بعدئذ فسنحدثك عنه في لقاءات لاحقة انشاء الله تعالى.
اما الان فحسبنا ان نتجه الى الله تعالى بان يوفقنا بان نقتدي بسيرة الائمة عليهم السلام انه ولي التوفيق.
*******