لا نزال نحدثك عن الزيارة الموسومة بـ الجامعة الكبيرة حيث قدمنا مقاطع متسلسلة منها في لقاءات سابقة، وانتهينا الى مقطع يقول (عصمكم الله من الزلل وآمنكم من الفتن، وطهركم من الدنس، واذهب عنكم الرجس وطهركم تطهيراً).
هذا المقطع حدثناك عنه في لقاءات سابقة ونتابع قراءة ما ورد بعده وهو (فعظمتم جلاله واكبرتم شأنه ومجدتم كرمه).
هنا يمكنك ان تلاحظ انتقال المقطع من رسمه لشخصيات الائمة عليهم السلام الى رسمه لسمات الله تعالى من حيث العلاقة بين عطاء الله تعالى حيال الائمة عليهم السلام وبين موقفهم العبادي حيال الله تعالى حيث ذكر النص بانهم عليهم السلام عظموا جلال الله تعالى واكبروا شأنه ومجدوا كرمه ... والسؤال الان هو ماذا تعني هذه الفقرات؟
الاجابة عن هذا السؤال تأتيكم بعد الاستماع لضيف البرنامج وهو يحدثنا عن ملامح عبودية ائمة اهل البيت عليهم السلام وارتباطهم بالله عز وجل، نستمع معاً لهذا الاتصال الهاتفي:
المحاور: السلام عليكم سماحة الشيخ حسان سويدان وأهلاً ومرحباً بكم؟
الشيخ حسان سويدان: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته وأهلاً ومرحباً بكم.
المحاور: سماحة الشيخ في حلقات سابقة تحدثتم عن دلالات آية التطهير على العصمة الشاملة لائمة أهل البيت عليهم السلام في السابقة وارتأيتم ان الآية خاصة بالنبي(ص) ومن عرفوا باصحاب الكساء عليهم السلام ما هي علاقة هذه الآية بباقي أئمة اهل البيت عليهم السلام يعني الى الامام المهدي(عج) ؟
الشيخ حسان سويدان: بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا ونبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين، وان كان الوقت في ضيق الا اننا قبل التطرف لسؤالكم الكريم اود ان اشير الى نكتة لم نتمكن من الاشارة اليها في الحلقتين السابقتين حول الآية الكريمة وهي قضية ان مجمل كلامنا كان في غالبه يدور حول ان هذه الآية الكريمة في نزولها هي جزء من هذا السياق الموجود في الايات التي تأمر النبي بان يأمر نسائه طبعاً من الخطأ ما جرى على لسان جملة من المحققين من المسلمين ان هذه الآيات خطاب لنساء النبي والا الآيات كما هو واضح خطاب للنبي بان يخاطب نسائه، فالخطاب اساساً للنبي وأهل البيت هم اهل بيت النبي، السياق منسجم لكن توجد نظرية اخرى وهي التي اريد ان انبه عليها هنا تقول بان السياق القرآني اصلاً ليس حجة بمعنى ان ترتيب الآيات في القرآن الكريم ليس ترتيباً على مقتضى النزول وهذا شيء تقريباً متفق عليه وان اختلفوا بعد ذلك في انه من هو الذي رتبه بهذه الطريقة هل هو النبي الاعظم(ص) ام مدرسة الخلفاء التي رتبت ولم تتقبل مصحف علي أمير المؤمنين(ع) هذه النقطة فقط احببت ان المح اليها الماحاً، اما قضية دخول بقية الائمة من اولاد الامام الحسين(ع) في حكم الآية الكريمة فنقول من الواضح ان بقية الائمة لم يكونوا موجودين عند نزول الآية فمنطوق الآية لا يشملهم مباشرة بنحو المخاطبين عند نزول الآية الا انهم داخلون في الآية موضوعاً وحكماً بالادلة الكثيرة اما موضوعاً فلأن الروايات العديدة وفيها روايات متواترة دلت على ان أهل البيت عليهم السلام مصطلح يشمل بالاضافة الى النبي والزهراء الائمة الاثني عشر جميعاً الى الامام المهدي(عج) كحديث الثقلين (وعترتي أهل بيتي) (اني تارك فيكم الثقلين) وحديث مثل (وأهل بيتي فيكم كسفينة نوح) كما اشارت الروايات الكثيرة والمتوافرة الا ان المراد من اهل البيت عليهم السلام الذين هم كسفينة نوح مجمل الائمة عليهم السلام.
المحاور: هذه الاحاديث تصرح ببقاء أهل البيت عليهم السلام الى يوم القيامة؟
الشيخ حسان سويدان: فهذه اشارة واضحة جداً الى دخول الائمة في موضوع الاية الكريمة وان لم يكونوا مخاطبين مباشرة بها وقت نزولها، بالاضافة الى هذا انه كان بالامكان باعتقاد الحق بان كل ما ينسب الى اهل البيت الموجودين في زمن نزول الآية فهو ينسب الى بقية ائمتنا عليهم السلام، التوصيفات العلمية والعملية وحدت بين هؤلاء المعصومين عليهم السلام الذين هم ذرية بعضها من بعض احاديث الائمة الاثني عشر الروايات التي تتحدث عن عصمة الائمة الاثني عشر عن امامة الائمة الاثني عشر عن القوى العلمية والعملية عند الائمة الاثني عشر وهي طبعاً روايات بالمئات هذه الطوائف التي اشرت اليها والمحت اليها الماحاً قصيراً كثير منها موجود في مصادر المسلمين من غير خط ومدرسة أهل البيت عليهم السلام لا يدع هذا كله مجالاً للشك في ان الائمة من ولد الحسين عليهم السلام داخلون في الآية موضوعاً وحكماً ايضاً واقصد حكماً بمعنى ان كل حكم اثبتته الآية الكريمة وهي العصمة واذهاب الرجس والدنس والتطهير للخمسة اصحاب الكساء فقد اثبتته لبقية الائمة عليهم السلام.
*******
نرجع اعزاءنا ونحن نتابع تقديم هذه الحلقة من برنامج امناء الرحمان وشرح فقرات هذه الحلقة من الزيارة الجامعة الى الفقرة الاولى وهي (فعظمتم جلاله) فماذا تعني؟ ان الائمة عليهم السلام اثنوا على الله تعالى ثناءً كبيراً يتناسب مع وعيهم لكبرياء الله تعالى حيث ان الجلال هنا هو الكبرياء التي ينفرد بها الله تعالى فيكون المعنى انهم عليهم السلام وعوا عظمة الله تعالى وكبرياءه فتعاملوا بالدرجة الاعلى من الوعي مع كبريائه تعالى بحيث عظموا ذلك بما يتناسب مع وعيهم المذكور.
ان قارئ الزيارة عليه ان يعي بان تعظيم الله تعالى لا حدود لقدره البتة حيث ورد في النصوص الشرعية بان الله تعالى لا يعبد حق عبادته لان عظمته لا حدود لها ولذلك لا حدود للتعبير عن العظمة المذكورة ولكن من حيث الامور او التقويمات النسبية فان كل شخص يتعامل في عبادته لله تعالى بقدر وعيه العبادي، وبما ان الائمة عليهم السلام يجسدون الدرجة الاعلى من وعيهم العبادي لذلك فان تعظيمهم لجلال الله تعالى يظل متميزاً في حجمه بالقياس الى سائر البشر.
واذ نتجه الى العبارة الثانية من النص وهي (واكبرتم شأنه) نجد ان هذه العبارة تعني انهم عليهم السلام تعاملوا مع الله تعالى من حيث المعرفة بشأنه تعاملاً كبيراً حيث ان عبارة الشأن من حيث دلالتها تعني ما عظم من الظواهر وهذا يعني انهم عليهم السلام وعوا درجة العظمة او المنزلة او الموقع فتعاملوا بما هو متناسب مع حجم او كبر هذا الموقع أي معرفة عظمة الله تعالى.
واما العبارة الثالثة فهي (ومجدتم كرمه) فانها تعني ان الائمة عليهم السلام (اكثروا) من الذكر لكرمه المتمثل في الطافه وافضاله حيالهم وحيال المخلوقات جميعاً.
الى هنا يكون المقطع من الزيارة يوضح لنا كيفية تعامل الائمة عليهم السلام حيال الله تعالى من حيث معرفتهم بعظمته وانعكاسات ذلك عليهم وعلى المخلوقات جميعاً.
اما الان فان المقطع من الزيارة يحدثنا عن مستوى اخر من التعامل الا وهو الانتقال من الوعي بعظمة الله تعالى الى الممارسة العبادية المترتبة على الوعي المذكور، وهذا ما يتمثل اولاً في ضرورة ان يوظف الائمة عليهم السلام اوقاتهم جميعاً بذكر الله تعالى، وهو ما عبرت الفقرة الانية عنه حينما قالت (وادمتم ذكره) فماذا نستخلص من هذه الفقرة المحتشدة بدلالات متنوعة؟
هذا ما نحدثك عنه في لقاء لاحق انشاء الله تعالى لكن قبل ان نبدأ حديثنا عن هذا الجانب ينبغي الاشارة الى ان الذكر معناه ان تسجل الشخصية حضوراً عند الله تعالى يستوي في ذلك ان يكون الحضور ذهنياً او لفظياً او عملياً او ذلك جميعاً ونظراً لاهمية هذه الممارسة الذهنية واللفظية والعملية يجدر بنا ان نطيل الوقوف عندها لانها جوهر العمل العبادي الذي خلق الله تعالى الانسان من اجل ممارسته.
ختاماً نسأله تعالى ان يوفقنا الى ممارسة الذكر والى ممارسة الطاعة والى زيارة الائمة عليهم السلام انه ولي التوفيق.
*******