نحن الان مع زيارة الجامعة وهي ما يطلق عليها اسم (الجامعة الكبيرة)، حيث تتميز ببلاغتها وبنكاتها الدلالية بخاصة ان المنشئ لها هو الامام الهادي(ع) المعصوم من حيث البلاغة ايضاً بصفة ان العصمة للنبي(ص) وفاطمة(ع) والائمة عليهم السلام بتنظيم جميع سماتهم وليس العصمة من الذنب فحسب.
والمهم ان هذه الزيارة التي طلب احد الاشخاص من الامام(ع) ان ينشئ له كلاماً بليغاً تفسر لنا مستوى البلاغة في صياغتها وهو امر لا حظناه في لقاءاتنا المتقدمة ومنها ما نلاحظه الان من سمات خلعها النص على الائمة عليهم السلام وهي عشرات او تزيد على صفات رسمها الامام الهادي(ع) لشخصيات الائمة ... ومنها ان الله تعالى جعلهم (حججاً على بريته، وانصاراً لدينه، وحفظة لسره وخزنة لعلمه، ومستودعاً لحكمته ..الخ)، اننا ندعوك لان تلاحظ مثلاً السمات الاخيرة الثلاث وهي (الحفظة، والخزنة، والمستودع) ... فهذه الاجهزة تتماثل في كونها اجهزة لتجميع الاشياء فيها، ولكن لكل منها "من حيث البعد البلاغي" خصوصية تستقل بها دون سواها، وهذا هو احد صياغة الزيارة بلاغياً...
لكن لندع الان هذا الجانب لنعود اليه بعد ان نشيرـ ولو سريعاً ـ الى سمة هي انهم عليهم السلام (انصار لدين الله تعالى) ... فما هو موقع هذه السمة من الزيارة؟
لقد ذكرت الزيارة "وهذا ما لاحظناه في لقاء سابق" ان الائمة عليهم السلام (حجج على البرية) وهذا يعني انهم بمثابة ادلة وبراهين واضحة لا مناص من الاقرار بها لمن يمتلك بصيرة ... والحجة بالاضافة الى معناها السابق تحمل دلالة اخرى من حيث استقاؤها من "الحجة" وهي الطريق الواضح مما يعني انهم عليهم السلام ادلة واضحة للتعرف على مبادئ الله تعالى ومن ثم لا مناص من التسليم بذلك والطاعة لهم ...
وفي ضوء ذلك: فان الحجة على البرية ـ نظراً لما يمتلكون من المسوغات ـ يصبحون انصاراً لدين الله تعالى، حيث قلنا ان الطاعة لهم مفروضة ما داموا حجة على البرايا، وبذلك تكون الطاعة لهم معرفياً نصرة لدين الله تعالى، لذلك وصفهم بانهم انصار لدينه، أي ينتصر بهم الدين الحق، وهو المبادئ التي انزلها الله تعالى على محمد(ص) ومن ثم المبادئ التي اوصلها النبي(ص) الى خلفائه الائمة عليهم السلام، ويثار هنا سؤال عن كيفية طاعة امام العصر مولانا المهدي وهو غائب )عجل الله فرجه) هذا ما يجيبنا عنه سماحة الشيخ حسان سويدان في الاتصال الهاتفي التالي:
المحاور: سماحة الشيخ حسان سويدان السلام عليكم؟
الشيخ حسان سويدان: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
المحاور: سماحة الشيخ كيف ننصر ونطيع امام العصر في غيبته هذا من الاسئلة التي تثار على قضية كون ان طاعة الائمة سلام الله عليهم ونصرتهم هي في الحقيقة نصرة لدين الله باعتبارهم انصار دين الله كما ورد في زيارتهم الجامعة تفضلوا سماحة الشيخ؟
الشيخ حسان سويدان: بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين من هذه الجهة شأن الامام صاحب العصر والزمان عجل الله تعالى فرجه الشريف شأن آبائه الطاهرين وشأنهم جميعاً هو شأن جدهم المصطفى(ص) في انهم كانوا كما اشرتم انصاراً لدين الله وكانوا ترجماناً لكتاب الله سبحانه وتعالى طاعتهم الحقيقية نصرتهم الحقيقية هي في السير على دين الله سبحانه وتعالى الا ان نقطة مهمة هنا هي الجديرة بالبحث وهي ان الامام صاحب العصر (عج) غائب عن ابصار اكثر الناس فكيف نستطيع ان ننصر دين الله من خلال الارتباط به صلوات الله وسلامه عليه والاقتداء به لانه هو الامام الفعلي المفترض الطاعة اقول وبشكل مختصر جداً يسعه هذا الوقت القصير بان ائمتنا(ع)حتى في عصر الحضور في زمن غصبت السلطة منهم ولم يتسنى لهم ان يرجع اليهم كثير من الناس ربوا ثلة صالحة من اكابر العلماء والفقهاء بل والمتخصصين في مختلف العلوم الاسلامية من العقيدة الى التاريخ الى الفقه وكانوا يرجعون الناس اليهم فنجد الامام الصادق عليه السلام يرجع الناس تارة الى اصحاب ابيه واخرى الى كل مسنٍ في حبهم(ع) في اشارة وكناية عن انه تلقى العلم وصار مسناً في تلقي العلم عنهم(ع) واخرى الى اشخاص باعيانهم الى ابان بن تغلب الى مؤمن الطاق الى فلان هذا يرجع اليه في الفتيا هذا يرجع اليه في العقائد اما بالنسبة الى امام العصر صلوات الله وسلامه عليه فقد ارجعت الامة الى السمات العامة الى الصفات العامة من هنا نجد ان التوقيع الشريف المعتبر سنداً المروي عن الامام الحجة(عج) على يدي سفيره السمري يقول بشكل واضح وصريح واما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها الى رواة حديثنا فانهم حجتي عليكم وانا حجة الله، اشارة واضحة جداً الى ان الذين لابد وان ترجع اليهم الامة التي تريد ان تكون متمسكة بالثقلين والتي تريد ان تكون آمنة من الضلال في عصر الغيبة لابد لها وان ترجع الى رواة الحديث العالمين بتفسير هذه الاحاديث واستخراج الحكم الشرعي منها ومن هنا اتفقت كلمة اتباع مذهب اهل البيت عليهم السلام ان المراد هنا من رواة الحديث فقهاء مدرسة اهل البيت(ع) الامام يشير في اشارة لطيفة وواضحة الى ان هؤلاء حجتي عليكم في عصر الغيبة كما انني انا حجة الله فهو يربط السلسلة باصولها هو يريد ان يقول بانني انا حجة الله ولكن حيث انكم لا تصلون حيث انكم لا تصلون اليه في اخذ احكامكم الشرعية فهم منصوبون من قبلي لتأخذوا منهم الاحكام الشرعية لترجعوا اليهم في وقائعكم الحادثة واما الحوادث الواقعة.
المحاور: اما الوثائق العامة سماحة الشيخ علي ما ورد في توقيعاته في رسائله ما تناقله الثقات عن هذه الوصاية العامة فهل الالتزام فيها مباشر واضح؟
الشيخ حسان سويدان: هذا من الواضحات لا شك ولا ريب في ان جملة من التوقيعات الشريفة والتعاليم العامة التي وردت عنه صلوات الله فما صح منها سنداً فأن شأنها شأن احاديث ابائه الطاهرين(ع).
المحاور: سماحة الشيخ حسان سويدان شكراً جزيلاً.
*******
اعزاءنا ونحن نتابع تقديم هذه الحلقة من برنامج امناء الرحمان نعود الى صفة انصار دين الله فنسأل ما هي السمات التي تقترن بشخصيات الائمة عليهم السلام من حيث كونهم انصاراً لدينه؟ هذا ما يقرره النص بقوله: ـ كما لاحظنا من قبل ـ (حفظة لسره، وخزنة لعلمه، ومستودع لحكمته) ...
اذن: لنتحدث عن هذه السمات ونعني بها انهم عليهم السلام "حفظة" و"خزنة" و"مستودع" ... ولكن الحافظ والخازن والمستودع لا يقتصر على لون واحد من تعامله مع المعرفة الالهية التي امطر بها الله تعالى الائمة عليهم بل ان "الحفظة" هي لسر الله تعالى، والخزنة هي لعلم الله تعالى، والمستودع هو لحكمته تعالى ... أي هناك شيء يصطلح عليه بالسر وشيء يصطلح عليه بالعلم وشيء يصطلح عليه بالحكمة ... ولذلك نتساءل (وهذا احد اسرار البلاغة لدى المعصوم): ما هو الفارق بين "السر" و"العلم" و"الحكمة"؟ هذا ما نجيبك عنه في لقاء لاحق ان شاء الله تعالى اما الآن فحسبنا ان نختم لقاءنا بالتوسل الى الله تعالى، بان يجعلنا من الملتزمين بمبادئ الله تعالى، متمثلة في الطاعة له تعالى ولرسوله، ولاولي الامر بعده خلفاء الرسول(ص) وهم الائمة عليهم السلام انه ولي التوفيق.
*******