نحن الآن مع مقطع جديد من زيارة الجامعة وهي الزيارة الخاصة التي انشأها الامام علي الهادي(ع) بطلب من احد اصحابه مقترحاً عليه كلاماً بليغاً يزار به الائمة (عليهم السلام)... وفعلاً استجاب الامام(ع) لهذا الطلب ...
وقد حدثناك عن جملة مقاطع من الزيارة المذكورة ونتقدم الان لنحدثك عن مقطع جديد منها وهو المقطع القائل "اشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له، كما شهد الله لنفسه، وشهدت له ملائكته واولو العلم من خلقه، لا اله الا هو العزيز الحكيم، واشهد ان محمداً عبده المنتجب ورسوله المرتضى ارسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون واشهد انكم الائمة الراشدون ...الخ".
هذا المقطع من الزيارة يتسم بطوله الذي لاحظناه بالقياس الى قصر غالبية مقاطع الدعاء، ولكن الملفت للنظر من المقطع المذكور هو استهلاله بالشهادتين بالنحو المفصل الذي رأيناه في ارداف ذلك بشهادة الائمة (عليهم السلام) ...
هنا لا مناص لنا من ملاحظة النكات المتنوعة التي نستخلصها من هذا الاستهلال للمقطع الجديد حيث نتوقع بلا شك انطواء هذا الاستهلال الجديد على نكات دلالية يجدر بقارئ الزيارة ان يلم بها ... اذن: لنحاول ملاحظة ذلك ...
بالنسبة الى الشهادة الاولى وهي التوحيد لا نحتاج الى التعقيب عليها من حيث كونها الدعامة الاولى للايمان وتليها الشهادة الثانية وهي رسالة النبي(ص) ثم الشهادة الثالثة وهي: الائمة الراشدون كما ورد التعبير عن ذلك في مقطع الزيارة الذي لاحظناه بيد ان ما يعنينا هو ملاحظة النكات الواردة في هذه الشهادات طبيعياً تنبغي الاشارة دواماً الى ان الاطاعة الثلاثية التي وردت في القرآن الكريم ونعني بها الآية المباركة التي تدعونا الى اطاعة الله تعالى ورسوله(ص) واولي الامر حيث فسرت الاخيرة "أي اولي الامر" بالمعصومين (عليهم السلام) نقول: هذه الاطاعة الثلاثية ليست مجرد عمل او قول مندوب بقدر ما ينطوي على بعد عقائدي له اهميته الجوهرية فالله تعالى هو الحق وهو الجدير بالطاعة له، ولكن بما ان معرفته تعالى تتم بواسطة النبي(ص) ومن ثم بما ان النبي(ص) بدوره قد اوكل الى الائمة (عليهم السلام) بمواصلة تقديم الرسالة الى الآخرين حينئذ تكون الشهادة لله تعالى وللنبي(ص)وللائمة (عليهم السلام) امراً له مسوغاته بالنحو الذي قلنا وان الاصل هو الشهادة لله تعالى فحسب ولكن بما ان الله تعالى هو الذي امرنا بالشهادة لرسوله واولي الامر، حينئذ يتم الامر المذكور بهذا النحو.
والآن لنتحدث عن تفصيلات هذه الشهادات الثلاث ونقف مع اولاها لملاحظة النكات فيها.
الملاحظ ان هذا الاستهلال للشهادة بتوحيد الله تعالى وعدم الشريك قد ربطته الزيارة بشهادة الله تعالى لنفسه، أي لم تكتف الزيارة بعبارتي "اشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له" كما هو وارد في نصوص كثيرة من الادعية وسواها، بل اردف بشهادة الله تعالى لذاته كما هو وارد في الاية القرآنية الكريمة، وهي «شهد الله انه لا اله الا هو، والملائكة واولوا العلم، قائماً بالقسط لا اله الا هو العزيز الحكيم / ان الدين عند الله الاسلام ...الخ».
ومن الواضح ان هاتين الآيتين طالما وردت التوصية بقراتهما في تعقيبات الصلوات كما وردت آية الشهادة في قرائتهما عشية عرفة حيث كان النبي(ص) يحرص على ذلك كما ورد في تفسيرها.
المهم ما دامت الشهادة المشار اليها قد ذكرها النص القرآني الكريم، وتوكأت الزيارة عليها فهذا يعني أهمية دلالتها، ومن ثم فان ورودها في سياق زيارة الائمة (عليهما السلام) يكسب الموضوع اهمية خاصة كما هو واضح.
من هنا فان الحديث عن الشهادة المذكورة والشهادة النبوية ثم الشهادة بامامة الائمة (عليهم السلام) يمثل أهميته الكبيرة كما قلنا وهو امر نحدثك عنه في لقاء لاحق ان شاء الله تعالى.
وحسبنا الآن قبل ان نختم حديثنا ان نتجه الى الله تعالى والى النبي(ص) والى الائمة (عليهم السلام) بان نوفق الى ممارسة الطاعة انه ولي التوفيق.
*******
سماحة الشيخ من القضايا المهمة التي اشتملت عليها الزيارة الجامعة قضية الاشارة الى الترابط الوثيق بين الشهادتين الاولى والثانية لله تبارك وتعالى في التوحيد وللبني صلى الله عليه وآله بالنبوة والشهادة الثالثة للائمة بأن الائمة هم الراشدون ثم الى باقي مقاماتهم، ما هي دلالات هذا الترابط؟
الشيخ حسان سويدان: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين بعد السلام والتحية لكم ولجميع الاخوة والاخوات المستمعين نقول ان هذا يمثل في الحقيقة بياناً اساسياً لفهمنا للتوحيد في مدرسة اهل البيت (عليهم السلام)، رداً على الشبهة التي قد تنطلي على بعض البسطاء من غير اتباع اهل البيت ان جعل هذه المقامات والايمان بهذه المقامات للانبياء وللائمة (عليهم السلام) قد يستشف منها والعياذ بالله الشرك او الى ما هنالك، نحن نقول ان اساس الايمان في مدرسة اهل البيت هم التوحيد والايمان بالله تبارك وتعالى وتنزيه الله سبحانه وتعالى الى مستوى الذات الى ابعد الحدود بحيث يمكننا ان ندعي ان هناك مقامات من التوحيد لم تبين الا بعد ان ابتعث رسول الله صلى الله عليه وآله وهذا بحث مهم ومفصل، انما النكتة التي احب ان اشير اليها من خلال ما سألتم عنه هي قضية طبيعة التوحيد الذي يراد له ان يتحول الى ان يملأ عقل الانسان وقلب الانسان ليتحول الى سلوك عملي في كل حركات الانسان وسكناته حتى في سمعه وبصره وهذا يمكن ان نتحدث عنه بشكل مفصل في ظلال الآيات الكريمة والرويات المأثورة من النبي الاعظم واهل بيته الطاهرين سلام الله عليهم اجمعين فبيت القصيد في القضية هو ان التوحيد في مدرسة الاسلام هو توحيد لاينفك عن بيان لوازمه يعني من يؤمن بأن الله واحد على مستوى النظرية لا يمكن ان يكون ايمانه النظري كاملاً الا اذا ارتبط بهذا الايمان النظري، ايمان نظري لوازم هذا التوحيد، يعني من يؤمن بالله ولا يؤمن بنبوة انبياء الله، او بنبوة نبي واحد من انبياء الله، هذا غير مؤمن ايمان حقيقي بالله.
المحاور: يعني هل هذا هو المراد من الآيات التي تنهى عن التفريق بين الله ورسله؟
الشيخ حسان سويدان: نعم ممكن ان نستفيد من هذه الآيات بشكل واضح ويمكن ان نستفيد منها بأمر آخر وهو ان جملة آيات تبين وبشكل واضح، فمن يرفض النبي، من يرفض السفير الالهي فهو في الحقيقة يرفض الله سبحانه وتعالى بل من يرفض وصي النبي هو يرفض النبي لانه يرفض جوهراً اساسياً من جواهر نبوته وهذا الذي يمثل الامتداد التشريعي الطبيعي الالهي الواضح لنبوة النبي وبالتالي فمن يرفض نبوة النبي فهو يرفض الوهيت الله، في هذا المجال نحن يمكننا ان نتعرف كيف ان من يتشهد لله بالشهادة ولا يتشهد للنبي لا يعد في سلك المؤمنين بالله حقيقة ولا يعد في سلك المتدينين بالدين الالهي، الاسلامي او الغير اسلامي حتى الرسل السابقين، من لا يعترف بأن هذا النبي خاتم اولئك الانبياء ويؤمن ولو في الجملة بكل انبياء الله بكل سفراء الله فيعد هذا انساناً مسلماً على هذا الاساس لا شك ولا ريب ان الايمان الحقيقي بالله سبحانه وتعالى لاينفك عن الايمان بالسفراء الالهيين سواء كانوا أنبياء او اوصياء، هنا يجد الانسان نفسه مكلف بشكل واضح بأن يبحث عن السفير الالهي دائماً ليكتمل اسلامه وليكتمل ايمانه بل اقول ليتحقق ايمانه، يعني ما لم يعرف سفير الله في ارضه ولو بمعنى وصي النبي لا يؤمن به لان المعرفة اولاً ثم الايمان ثانياً كيف يؤمن وهو لا يعرف،لا يمكن ان يكون مؤمناً حقيقياً هنا نعرف انه من مات ولم يعرف امام زمانه في المدرسة الاسلامية في مدرسة الخلفاء ولم يكن في عنقه بيعة لا يمكن الا اذا عرفه وآمن به ويبايعه، لانه هو الذي يمثل النبي وهو خليفة الله الخاص في ارضه.
المحاور: سماحة الشيخ حسان سويدان ميتته تكون جاهلية؟
الشيخ حسان سويدان: بلا شك ولا ريب «من مات ولم يعرف امام زمانه مات ميتة الجاهلية».
المحاور: شكراً سماحة الشيخ حسان سويدان.
*******