حدثناك في لقاء سابق عن احد مقاطع زيارة الجامعة وهي الزيارة المعروفة ببلاغتها وضخامة دلالاتها وكنا قد حدثناك عن الزيارة المذكورة بحسب تسلسلها وكان المقطع الذي حدثناك عن بعض فقراته هو السلام على الائمة عليهم السلام من خلال هذه السمات (اهل الذكر، واولي الامر، وبقية الله وخيرته وحزبهوعيبة علمه ...). واذا كنت متابعاً لما اوضحناه في حينه عندئذ ستتذكر باننا انتهينا من الحديث عن سمتي "اهل الذكر" و"اولي الامر" لذلك نبدأ الان فنتحدث عن السمة الثالثة وهي انهم عليهم السلام "بقية الله"...
وبما ان هذه السمة تقترن بشيء من الضبابية والشفافية في آن واحد، لذلك تتطلب مزيداً من التوضيح وهذا ما نبدأ به الآن....
نعتقد ان قارئ الزيارة من الصعب عليه لاول مرة ان يدرك معنى "البقية" لان العبارة المذكورة بالنسبة الى دلالاتها المعجمة لا تتجاوز دلالتها القريبة الى العرف وهي بقايا امر من الامور ولكن هل تعني الزيارة المتسمة ببلاغتها الموسومة هذه الدلالة العرفية البسيطة؟ لا نعتقد ذلك اذن ما هي الدلالات التي يمكن استخلاصها؟
قبل كل شيء نحيلك الى القرآن الكريم ونلفت نظرك الى ان الله تعالى ذكر في كتابه مصطلح "بقية الله" الوارد على لسان شعيب(ع) بالنسبة الى عده بقية الله خير لقومه مما هم فيه من بخس الميزان ....
ولو عدنا الى النصوص المفسرة لوجدنا ان تفاوتاً في التفسير لهذا المصطلح الذي ترشح بجملة دلالات حيث نعرف بان احد معايير الفن هو ترشح الكلمة او الجملة بعدة دلالات هنا نجد هذا الترشح او التفاوت بنحو واضح فهناك من يذهب مثلاً الى ان اتمام الميزان بدلاً من بخسه هو خير لكم مما انتم فيه ... أي ما ابقى الله تعالى من خير الميزان بتمامه وهناك من يذهب الى ان ابقاء النعيم من الله خير من عملية التعفف وهناك ثالثاً من يقول ان طاعة الله تعالى خير يبقى ثوابها في الآخرة ابداً وهناك رابعاً من يذهب الى انه رمز للرزق وهكذا لكن هذا فيما يتصل بتفسير الآية الكريمة السؤال ماذا بالنسبة الى ما يتصل بتفسير ذلك في الزيارة الجامعة؟
هناك من يذهب الى ان المقصود من بقية الله هو البقية من الانبياء والاوصياء من بعثه الله تعالى لبليغ رسالاته حيث يجسد الائمة عليهم السلام تلكم البقية بصفة ظاهرة ختام الرسالات او المبادئ كيف ذلك؟
ان النبي(ص) يجسد خاتم الانبياء وهي حقيقة واضحة وقد انزل الله تعالى عليه مبادئ الرسالة وجعلها خاتمة لما سبقتها من الرسالات وبما ان النبي(ص) حينما ارتحل الى الرفيق الاعلى اعلن طوال حياته ابتداءً وخاتمته بان الامام علياً(ع) هو وصيه وان الائمة من ذريته هم الحجج حينئذ فهذا يعني ان النبي(ص) وخلفاءه المعصومين عليهم السلام يجسدون البقية من المبادئ التي رسمها الله تعالى للبشر.
وهناك من يذهب الى ان ما ابقاه الله تعالى من الخير للبشرية انما هو لأجل شخصياتهم المصطفاة... وهو امر يتجانس ايضاً مع السمات التي ذكرتها الزيارة طول سطورها من حيث انه تعالى سخر صندوق الخيرات من اجلهم لسبب واضح هو انهم اطاعوا الله تعالى بنحو لم يتجاوزهم الآخرون أي مارسوا الطاعة بالنحو الذي اراده تعالى لذلك فان الله تعالى يجزي الاحسان بما هو مضاعف بل بما هو لا تعد لاحصاء ذلك الم يقل الله تعالى بان من عمل درجة او تقدم بخطى في التقرب من الله تعالى فانه يتقدم باضعاف ذلك حيال عباده؟
اذن سواء أقلنا ان المقصود في بقية الله تعالى هم البقية الرسالية المضطلعة بتوصيل مبادئ الله تعالى الى الآخرين حيث بدأت الرسالات بآدم(ع) وختمت بمحمد(ص) وخلفائه الائمة عليهم السلام او قلنا بان المقصود من ذلك هو ابقاء الله تعالى من اجلهم ظاهرة النعم وقلنا غير ذلك، فان المهم هو ان هذه الدلالات جميعاً تتناغم ـ كما قلنا ـ مع الموضوع الرئيس لزيارة الجامعة ونسأله تعالى ان يوفقنا الى التمسك به تعالى وبالنبي(ص) وبأولي الامر وبقية الله تعالى انه سميع مجيب.
*******
أما الآن نتابع تقديم برنامج امناء الرحمن بهذا الاتصال الهاتفي مع سماحة الشيخ حسان سويدان اهلاً ومرحباً بكم:
المحاور: سماحة الشيخ فيما يرتبط بدور الائمة (عليهم السلام) في حفظ الدين وحفظ قيمه، في الحلقة السابقة سألناكم ولم يتبقى وقت للاجابة عن التكامل فيما بينهم (عليهم السلام) في حفظ الدين برمته ما هي مظاهر هذا التكامل؟
الشيخ حسان سويدان: بسم الله الرحمن الرحيم. الحمدلله رب العالمين وصلى الله على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين، في الحقيقة هذه النقطة حساسة ومهمة لسنا بحاجة الى مزيد بيان في ان الائمة لم يكن لديهم الا التكامل كلبنات البنيان الواحد او اعضاء الجسد الواحد والسر في هذا واضح فأن من التفت ادنى التفات الى اعتقادنا بأهل البيت (عليهم السلام) يعرف وبشكل جلي وواضح هذه الحقيقة والسر فيها فأننا نعتقد انهم معصومون عن الخطأ والخطيئة هم الكاملون في القوة العملية والنظرية اذن لاخطأ في التكليف وتشخيص التكليف ولا خطأ ولا خطيئة في العمل على اساس التكليف بعبارة موجزة اذا اردنا ان نعرف قضيه تنوع ادوار الائمة في حفظ الدين علينا ان نفترض ان الائمة (عليهم السلام) هم شخص واحد عاش مذ توفي رسول الله (صل الله عليه وآله) وارتحل عن الدنيا ولايزال حياً غائباً الآن، اذا نظرنا للائمة بهذه النظرة ليس فيهم من هو اشجع من الآخر فيما يرتبط بأداء وظيفته وتكليفه وليس فيهم من هو اكثر علماً من الآخر اذا نظرنا الى ما يحتاجه من علم في اداء وظيفته في الامامة على الامة بالمعنى الصحيح للكلمة، على هذا الاساس تغيير ادوار الائمة انما كان لتغير الظروف المحيطة بالائمة (عليهم السلام) ولن تجد اماماً ساكتاً في وقت يقوم ويتكلم، الامام الحسين كان اماماً بالمعنى الدقيق للكلمة وان لم يكن متسلطاً على امور المسلمين في زمن الامام الحسن وكان ساكتاً وعندما بلغت الظروف حد لا يمكن السكوت فيه عند ذلك قام الامام (عليه السلام) بأعباء الامامة واعباء الثورة لان وضع المجتمع الاسلامي لايكاد يتحمل اوجز هذه النقطة وهذه نقطة واضحة في حياة الائمة (عليهم السلام).
المحاور: الامام الحسين (عليه السلام) يحافظ على دين الله في سوح الجهاد، هل نرى في الصحيفة السجادية مثلاً نمط من الدفاع عن دين الله مثلاً؟
الشيخ حسان سويدان: نعم لا ينقص دور الامام زين العابدين، في الصحيفة السجادية والتعاليم الروحية التي بثها فيها عن دور الامام الحسين ولكل دوره ودرجته طبعاً ولا نريد ان نتحدث هنا عن درجة المفاضلة، لا ينقص دوره كثيراً عن الامام الحسين في اداء الوظيفة في الامة لان المدقق في الظروف التي عاشها الامام زين العابدين بعد الامام الحسين وواقعة كربلاء لم يكن يمكن القيام بثورات مسلحة ولم يكن ممكن انشاء جامعة تعليمية ولم يكن هذا يتسنى للامام وهو تحت الرقابة الشديدة من الدولة الاموية من هنا تجد ان الامام ليس فقط اعطانا دعاء في الصحيفة السجادية، اعطانا دورة كاملة متكاملة من العقائد والمفاهيم والتعاليم في وعاء الدعاء يعني بناء عملي ونظري كامل، بشكل واضح رسالة الحقوق، الامام لا يثير احداً في المجتمع اذا تحدث في الحقوق في الاطار العام، لذلك هنا قضية مهمة لم يبرز الامام فتح جوانب في رسالة الحقوق مذهبية كثيراً، ابرز تعاليم متسالم عليها او التصور بها يمكن التصديق عليها.
المحاور: جزاكم الله خيراً نعم المتسالم عليها لم تكن معروفة قبل ذلك ولكنها مقبولة عندما عرضها الامام الكل قبلوها لان فيها متوافق مع العقل السليم والمنطق الشرعي، طيب سماحة الشيخ الوقت المخصص لهذه الحلقة ايضاً او شك على نهايته الا تعتقدون ان الحديث عن ادوار التكامل بين الائمة (عليهم السلام) يحتاج الى تتمة؟
الشيخ حسان سويدان: نعم نعم لابد من اكماله في حلقة لاحقة ان شاء الله.
المحاور: جزاكم الله الف خير اذن هذا هو موعدنا مع اخوتنا واخواتنا المستمعين والمستمعات نكمل هذا الموضوع من زاوية اخرى في الحلقة المقبلة شكراً جزيلاً للشيخ حسان سويدان على ما تفضل به.
*******