لا نزال مع الزيارة الجامعة الموسومة بالكبيرة تمييزاً لها عن سائر الزيارات بخاصة انها اقترنت بطلب احد اصحاب الامام الهادي(ع)بان يصوغ له كلاماً بليغاً وبالفعل فان الزيارة المشار اليها تتميز بطولها وببلاغتها والمهم قدمنا مقاطع الزيارة متسلسلة في لقاءات سابقة ووصلنا عند احد المقاطع الذي انتظمته اربع عبارات او ايقاعية ذات فواصل متجانسة صوتياً هي (الائمة الدعاة والقادة الهداة والسادة الولاة، والذادة الحماة) بعد ذلك يقول النص (واهل الذكر واولي الامر ...) طبيعياً المقطع لم ينته بعد ولكن المقطع ذات يتضمن دلالات متنوعة ومتجانسة حيث تخصه المقاطع المتجانسة دلالياً الى ايقاع متجانس ايضاً كما لاحظنا بالنسبة العبارت الاربع (الدعاة، الهداة، الولاة، الحماة) بل حتى الانتظام الايقاعي في المفردة الاولى من العبارة مثل (القادة السادة الذادة)... هنا ينبغي ان نشير الى قاعدة بلاغية تتكرر في النصوص الشرعية قرآناًَ وسنة أي: ان التجانس الايقاعي الذي يلجأ اليه النص المجزأ او الكامل أي الوارد عن الله تعالى والمعصوم ... هذا التجانس الايقاعي ليس لاضفاء المتعة الفنية على النص كما يصنع البشر العادي بل هو سياق خاص يراعى من خلاله نمط الافكار المطروحة بحيث تتجانس الاصوات مع تجانس الافكار ولذلك فليس المقطع الذي نحدثك عنه هو مجرد تحلية صوتية بل هو دلالة في الدرجة الاولى... والآن خارجاً عن ذلك او امتداداً لذلك في واقع الحال نتقدم لمواصلة حديثنا عن هذه السمات التي رسمها المعصوم(ع) لزيارة المعصوم(ع) حيث يقول النص (السلام على الائمة الدعاة والقادة الهداة، والسادة الولاة، والذادة الحماة) ... هذه العبارات الاربع المتجانسة ايقاعياً حدثناك عن الاولى منها ونتحدث الان عن ثانيتها وهي سمة (القادة الهداة)...
نعتقد انه لا حاجة الى تقرير حقيقة طالما ذكرناها وهي ان النصوص الشرعية تكرر موضوعات كثيرة في نص واحد، وهذا ايضاً له دلالته فينا فالمكرر اما لهدف في ترسيخ الافكار في ذهنه مثل (فبأي آلا ربكما تكذبان) او ورود التكرار في سياق آخر.
فعندما يكرر القرآن الكريم مثلاً شريحة من قصص آدم(ع) فانما يجيء التكرار ليخدم هدفاً غير سابقة فمرة يكرر القرآن الكريم قصة آدم(ع) في سياق هو علم الله تعالى واخرى يكررها في سياق آخر هو عدم العزم او النسيان وهكذا...
وبالنسبة الى ما نحن فيه فان القادة والسادة و... من السمات تتكرر ولكن في سياق مختلف وهذا ما اوضحناه في لقاء سابق اذا كنت متابعاً لهذه اللقاءات أي البرامج والمهم ان نتحدث الآن عن العبارة الثانية وهي: (القادة الهداة)...
ومما لا شك فيه ان صفة الهداة وصفة القادة ترد كلتاهما في شأن آخر من هذه الزيارة مثل "قادة الأمم" و"والهداة الابرار" وفي حينه حدثناكم عن قادة الامم ونحدثكم انشاء الله تعالى عن الثانية "هداة الابرار في حينه" ولكن حسبنا ان نشير الى ان تكرار هاتين الصفتين القادة والابرار انما يدل على سياقات مختلفة حيث كانت صفة القادة منسجمة على قيادة الامم اما الآن فهي مقترنة بالهداة كما ان الهداة هنا مقترنة بالقادة بينما ستجدها ان شاء الله تعالى في موقعها اللاحق مرتبطة بالابرار وهكذا.
المهم خارجاً عن ذلك جميعاً لم نبدأ بعد لنحدثك عن الموضوع واذن لنسارع الى الحديث...
القيادة لا تحتاج الى القاء الاضاءة عليها ولكن الامر بما انه يتصل بالصفة اللاحقة حينئذ فان الموضوع يتطلب وضوحاً دون ادنى شك.
الصفة المقارنة مع القادة هي الهداة فماذا نستخلص من الصفة الاخيرة؟ الهداة هي جمع الهادي والهادي هو المرشد هو الدليل هو الموجه ولكن أي ارشاد واي دليل واي توجيه؟ طبيعياً الهداية المتصلة بمبادئ الله تعالى ان الله تعالى رسم لنا مبادئ الهداية وكان الواسطة في ذلك هو النبي محمد(ص) رسول الله تعالى والنبي(ص) بدوره اوصل الينا مبادئ الرسالة حيث تلقاها من الله تعالى والنبي(ص) بدوره اوصل ذلك بواسطة الائمة المعصومين عليهم السلام وكذلك فاطمة(ع) وهذا يعني ان الله تعالى هو الهادي وان الرسول(ص) هو الهادي بالواسطة وان المعصومين عليهم السلام هم الهداة امتداداً للنبي(ص).
اذن سمة الهداة وقبلها القادة تعني ان المعصومين عليهم السلام هم القادة الهداة أي الشخصيات التي لها موقع قيادي للامة او وظيفة قيادية تهدي الناس الى مبادئ الله تعالى.
وما احرانا ان نتمسك بالله تعالى وبالنبي(ص) وبالائمة عليهم السلام ما دامت سمة القادة الهداة تعني ضرورة ان نستثمر ذلك لنؤدي وظيفتنا العبادية على خير وجه.

*******

أما الآن نتابع تقديم برنامج امناء الرحمن بهذا الاتصال الهاتفي مع سماحة الشيخ حسان سويدان اهلاً ومرحباً بكم:
المحاور: الاسئلة التي تثار حول مقامات اهل البيت (عليهم السلام) وعترة النبي الاكرم (صلى‌ الله عليه وآله) هي قضية حصر عددهم يعني محدوديت عددهم اثني عشر امام والصديقة الزهراء (عليها السلام) ما هو سر حصر عدد الائمة‌ بأثني عشر؟
الشيخ حسان سويدان: بسم الله الرحمن الرحيم الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين في الحقيقة هذا السؤال قد يطرأ على الاذهان الا ان الحقيقة انه قبل ان ننظر الى‌ العدد لابد وان ننظر الى هذا المقام الالهي الخطير وهو مسألة الامامة، الامامة كما اتفقنا وبينا في حلقات سابقة هي امر الهي خطير لا يستحقه الامن كان اهلاً له وقد انحصر من هو اهل له بعد الرسول الاعظم (صلى الله عليه وآله) في هؤلاء الائمة الاثني عشر طبعاً الزهراء (عليها السلام) درجتها ولكنها ليست بامام بهذا المصطلح على هذا الاساس انحصر الامر فيهم دون سواهم والروايات الواردة في نشأة هؤلاء الائمة (عليهم السلام) وتحملهم للامانة الالهية الشيء الكثير الكثير من الروايات وعلى هذا الاساس ليست القضية ان الله (سبحانه وتعالى) اراد اثني عشر عدداً فاجتبى من الناس اثني عشر قصدي ان اقول ليس اختيار الائمة الاثني عشر، على اساس ان البشرية موجودة ونحن نختار من هذه البشرية الموجودة افضل النماذج وهم هؤلاء الاثني عشر لا الاوعية الكريمة الصافية الخالصة من كل درن وشين المعتصمة ‌بحبل الله الاعتصام الكامل انحصرت في هؤلاء الاثني عشر علم الله سبحانه وتعالى منهم الوفاء بالمواثيق الالهية فقبلهم وكرمهم فعلى هذا الاساس كانوا اثني عشر.
المحاور: هل هناك شخص يدانيهم في هذه المقامات بحيث يكون ثالث عشر؟
الشيخ حسان سويدان: لايوجد على هذا الاساس يعني القضية لابد ان تتصور من هذه الناحية لامن ناحية ان الله يريد اثني عشر فجاء فأختار من بين البشر اثني عشر هذه جهة، يعني الانسان الذي عنده هذه القابلية وهذا الوفاء الكامل والمطلق بالمواثيق الالهية لا يعصيه طرفه عين وهو بأمر الله يعمل في كل حركاته وسكناته انحصر فيه هؤلاء مضافاً الى اننا نلمح في الثقافة الاسلامية بل في الثقافة الدينية ان عدد الاثني عشر وهذا مجرد استمزاج وليس دليل له شيء من الخصوصية مثلاً في بني اسرائيل ورد في الآيات الكريمة ان الله سبحانه وتعالى اختار منهم اثني عشر وهو ما اشير اليه (وبعثنا منهم اثني عشر نقيباً) في سورة المائدة وكأن هؤلاء هم القادة (وقطعناهم اثنتي عشرة اسباطاً) ، ايضاً في الشهور (ان عدة الشهور عند الله اثنى عشر شهراً في كتاب الله) ، ايضاً فأنبجست منه اثنى عشرة عين قد تكون هذا مجرد استخراج قد يكون لعدد الاثني عشر في سر الاعداد الالهية وكثير ما ذكرنا واقتصرت على ما هو موجود في الآيات الكريمة.
المحاور: بعض المحققين اجرا احصائية او دراسة كما يقولون في مايرتبط بعدد الاثنى عشر فوجد في القرآن اسرار عجيبة لها فيما يرتبط بهذا العدد على‌ اية حال كما تفضلتم هذا نوع من الامتزاج.
الشيخ حسان سويدان: ولكن الحقيقة تبقى هي التي اشرت اليها في بداية الحلقة ان الوحيد الذي كان له هذا الوعاء الكامل بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله) من الذكور واستحق الامامة هم هؤلاء فقط وفقط. 
المحاور: سماحة الشيخ حسان سويدان شكراً لكم.

*******