نتابع حديثنا عن زيارة الجامعة للأئمة عليهم السلام حيث لاحظنا في لقاء سابق هذا المقطع من الزيارة البادئ بالسلام (على الدعاة الى الله تعالى، ثم السلام على عباده المكرمين الذين لا يسبقونه بالقول، وهم بأمره يعملون)... وقد حدثناكم عن السمة الاولى من هذا النص و نعني به سمة أنهم عليهم السلام (عباد مكرمون)، أما الآن فنحدثكم عن السمتين الأخريين وهما: (لا يسبقونه بالقول) ثم (بأمره يعملون) ... فماذا نستخلص منهما؟
من البين أن هاتين السمتين لا تنفصل أحداهما عن الاخرى، انهما تعنيان الالتزام الكامل بتوصيات الله تعالى، فمثلاً بالنسبة الى الملائكة (وقد رسمهم النص القرآني ملتزمين بأوامر الله تعالى) قد المح في نص آخر الى بعض استفساراتهم بالنسبة الى تجربة الميلاد البشرى، واجابته تعالى بانه يعلم ما لا تعلمه الملائكة، هذا النمط من الاستفسار لم ترسمه الزيارة بالنسبة الى شخوص الائمة عليهم السلام حيث نستخلص بوضوح بانهم عليهم السلام ملتزمون بنحو تام بإطاعته تعالى وبتنفيذ أوامره حتى بدون الاستفسار الذي قد نجده لدي البعض من الجن او الملائكة او الانس...
وهنا قد يتساءل القارئ للزيارة فيقول: اذا كانت عبارة (لا يسبقونه بالقول) تعني لا يتكلمون الا بما امر به الله تعالى فما هو إذن معنى العبارة الثانية (وهم بأمره يعلمون)؟...
و الاجابة عن السؤال المتقدم هي ان العبارة الثانية تحمل جملة وظائف منها التأكيد ومنها التفصيل بعد الاجمال ومنها الاضافة الجديدة من الدلالة كيف ذلك؟ لنلاحظ بدقة أن عبارة (بأمره يعملون) تجعل قارئ الزيارة مستخلصاً او مستوحياً عدة دلالات في مقدمتها أنهم مبلغون لمبادئ الله تعالى دون اية اضافة اليها، حيث يمكن لغير الموضوع مثلاً أن يزيد او ينقص او يحور... الخ، انهم من خلال العبارة الثانية لا يتصرفون في الأوامر الصادرة وهذا يعني أن العبارة القائلة بانهم (لا يسبقونه) لها معنى غير العبارة الثانية (بامره يعملون) فالاولى تعني عدم اقتراح او استفسار والثانية تعني عدم تصرف في الأوامر ....
والمهم هو أن قارئ الزيارة يستلهم من العبارات المتقدمة أن الائمة عليهم السلام قد اصطفاهم الله تعالى خلفاء للرسول(ص) وأنهم مكرمون عنده تعالى من حيث التزامهم التام بطاعته وهو أمر يحمل قارئ الزيارة على التمسك بهم ومن ثم محاولة ان يجعلهم امثلة او نماذج او أسوةً للسلوك العبادي....
ونسأله تعالى فعلاً بأن يجعلنا متمسكين بالنبي(ص) وبالمعصومين عليهم السلام و الالتزام بطاعته تعالى وان يحشرنا معهم عليهم السلام انه ولي التوفيق.
*******
أما الآن نتابع تقديم برنامج امناء الرحمن بهذا الاتصال الهاتفي مع سماحة الشيخ حسان سويدان اهلاً ومرحباً بكم:
الشيخ حسان سويدان: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
المحاور: سماحة الشيخ سألناكم في حلقتين سابقتين عن موضوع الولاية التكوينية التي يثار النقاش احياناً بشأنها وبشأن الائمة(ع)لهم ولاية تكوينية في هذه الحلقة لدي سؤال فيما يرتبط بقضية الروايات المتعددة الكثيرة لعلها من مدرسة اهل البيت متواترة وايضاً لها جذور في مصادر الفرق الاخرى قضية ان الارض لا تخلو من حجة ولو خلت من حجة ولو خلت من حجة لساخت بأهلها هل يمكن ان يكون هنالك نوع من الارتباط والعلاقة بين هذه الروايات والمعنى الذي بينتموه في الولاية التكوينية في الحلقات السابقة تفضلوا؟
الشيخ حسان سويدان: بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين في الحقيقة اشرتم الى مطلب هام وحساس جداً يعد من معالم الابحاث حول الامامة في مدرسة اهل البيت(ع) مصطلح الولاية التكوينية عادة عندما يطلق يراد منه التصرف الاختياري من المعصوم في الكون الآن في كل الكون في بعض الكون عموماً هو بأذن الله سبحانه وتعالى وفي الجملة هو امر متفق عليه هناك كلمات للمحققين في حدود هذا التصرف هناك كلام اهم من هذا وفي رتبة سابقة على هذا وهو انه هل للمعصوم ولاية ذاتية على الكون بمعنى ان ذات المعصوم ووجود المعصوم في الكون هو حافظ عالم التكوين ام لا، اقول هذه حقيقة يمكن ان نعبر عنها كحقيقة ثابتة لاخلاف عليها في مدرسة الائمة(ع) والروايات فيما يرتبط في هذا المجال يمكن ان ندعي انها متواترة معنى لانه ورد من غير طريق ومن غير امام من ائمتنا(ع) قوله لولا الحجة لساخت الارض بأهلها وفسرت الحجة في جملة من الروايات ان المراد منها امام الزمان الامام الذي يكون منصوباً من الله سبحانه وتعالى، في رواية صحيحة السند عن الامام الصادق(ع) يسأله احد اصحابه اتبقى الارض بغير امام قال(ع) لو بقيت الارض بغير امام لساخت، في روايات غيبة الامام الحجة(عج) وقد نشأت كثير من الشبهات لانهم تصوروا ان الامامة هي قيادة المجتمع فقط ففي الغيبة انعزل الامام عن القيادة الفعلية للمجتمع بالمعني الظاهري لادارة الشؤون فيسأل الامام الحجة في بعض التوقيعات المعتبرة انه ما هو وجه الانتفاع بك في غيبتك يقول فأما وجه الانتفاع في غيبتي فكلأنتفاع بالشمس اذا غيبها عن الابصار السحاب واني لهذا الاساس امان لاهل الارض كما ان النجوم امان لاهل السماء، شاهد للحقيقة التكوينية.
المحاور: سماحة الشيخ عفواً للمقاطعة روايات ان اهل البيت امان للناس هذه مروية ايضاً من طرق اخرى؟
الشيخ حسان سويدان: الخاصة والعامة.
المحاور: كونهم امان لاهل الارض او لبقاء الحياة هو معنى مشترك؟
الشيخ حسان سويدان: امان في الدنيا قبل ان يكون في الآخرة، رواية اخرى ايضاً عن الامام الباقر(ع) لو بقيت الارض يوماً بلا امام منا لساخت بأهلها ولعذبهم الله بأشد عذاب وما كان الله ليعذبهم وانت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون، لاشك ولاريب انه اذا اراد الانسان حقيقة ان يفتح عين البصيرة ويبحث عن الاثر التكويني لوجود الحجة الذي لاجله خلقت الارض حيث قال عز من قائل «وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون» العابد المطلق على الارض هو المعصوم هو الذي كل حياته عبادة فهو العلة الغائبة لوجود الكون لايستغرب بعد الانسان انه كيف تسيخ الارض ان خلت من هذا الحجة الذي هو العابد الحقيقي والكامل لله سبحانه وتعالى لا بأس بالتوسع مادامت القضية اصطلاحية قلنا لم يرد فيها آية بصراحة لا بأس بالتوسع بالولاية التكوينية لتشمل المقام الذاتي لحجة الله على الارض وهو الامام المعصوم وهذا يمكن ان يقال بأنه لابد ان يتحدث عنه في رتبة اسبق عن حركات المعصوم وسكنات المعصوم التي يتحركها ويسكنها وقدرته على التصرف فيما يرتبط بشؤون الكون.
المحاور: شكراً جزيلاً سماحة الشيخ حسان سويدان انتم في نهاية حديثكم اشرتم الى قضية العبادة وقد استدل البعض على الولاية التكوينية على الحديث حديث قرب الفضائل او قرب النوافل قرب الفرائض والنوافل وقضية (عبدي اطعني تكن مثلي تقول للشيء كن فيكون) لو سمحتم يكون الحديث في الحلقة المقبلة عن نظرة اجمالية ولو اجمالية لادلة الولاية التكوينية بالمعنى الذي تفضلتم به.
الشيخ حسان سويدان: نعم لابأس.
المحاور: شكراً جزيلاً لضيفنا الكريم سماحة الشيخ حسان سويدان وشكراً لكم احباءنا على طيب المتابعة والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
*******