البث المباشر

بيان معنى فقرة: (المستقرين في امر الله، التامين في محبة الله) خبير البرنامج الشيخ حسان سويدان (سر الربط بين رضا الله عز وجل ورضا أهل البيت(ع)

الثلاثاء 16 إبريل 2019 - 11:38 بتوقيت طهران

الحلقة 27

قال الامام علي الهادي(ع) في صياغته البلاغيه لزيارة الجامعة الكبيرة مواصلاًََََََََ السلام علي السلام، حيث جاء بحسب تسلسل مقاطع الزيارة ما يلي: (السلام علي الدعاة الي الله والادلاء علي المرضاة الله، و المستقرين في امر الله و التامين في محبة الله ...). 
هذا المقطع من الزيارة حدثناكم عن فقر تيه الاوليين أي: الفقرة القائلة (السلام علي الدعاة الي الله)، والفقرة القائلة (والادلاء علي مرضاة الله تعالي) .... و بقي أن أحدثكم عن الفقرات الاخري، و منها الفقرة القائلة (والمستقرين في أمر الله)... فماذا تعني؟ قلنا في لقاءاتنا السابقة ان الدعوة الى الله من جانب الائمة عليهم السلام تعني أنهم خلفاء الرسول(ص) حيث هم امتداد للمبادئ التي رسمها الله تعالى النبي(ص) من أوكل بعد وفاته الائمة عليهم السلام اليها ... وقلنا ان فقرة او الادلاء على مرضاة الله تعني: ان الائمة عليهم السلام هم المصدر المعرفي العبادي الذي يقترن برضاه تعالى... بمعنى ان اية مصادر خارجية لا تنتسب الى النبي(ص) و أهل بيته لا تمثل رضاه تعالى، ولذلك حصرها النص بمصادر الائمة عليهم السلام واعتبر ما سواها لا تدل على مرضاة الله.
وحيث نتابع الفقرة الجديدة وهي أنهم (المستقرون في أمر الله)، او الفقرة التي وردت في بعض النسخ بانهم (المستوفرون) في امر الله، نقول حينما نتابع هذه الفقرة من الزيارة وتربطها بما سبقها نصل الى الاستخلاص الآتي وهو أن الاستقرار في الشيء يعني ثباته و عدم تعرضه الى عملية تغيير.
من هنا ان قارئ الزيارة قد يتساءل ما معنى هذا الكلام؟ وماذا يعني الاستقرار؟ هل يعني ان الائمة عليهم السلام قد ثبتوا على ما امرهم الله تعالى به من الاضطلاع بمهمة الوصاية للنبي(ص) من حيث الامتداد الخلافي له(ص) ؟... اكبر الظن ان الامر كذلك ... حيث ان الدعوة الى الله تعالى الصادرة عنهم، انهم الادلاء على مرضاته تعالى من خلال دعوتهم المذكورة فيقتضي ان يكونوا ثابتين على ذلك، مضطلعين بالمهمة العبادية الموكولة اليهم... ثم ماذا بعد ذلك؟ 
نواجه عبارة تقول انهم (التامون في محبة الله)... ثم ماذا تعني هذه العبارة وما هي صلتها بسابقتها؟ في تصورنا ان الدعوة الى الله تعالى و اقتران ذلك بمرضاته، واستقرار الائمة عليهم السلام على الالتزام بالخط المذكور لابد و ان يقترن بعلاقة خاصة مع الله تعالى من حيث صلة الائمة عليهم السلام بالله تعالى... كيف ذلك؟ 
لقد وصفتهم الزيارة بانهم (التامون في محبة الله)... ومن الواضح ان الاضطلاع بالمهمة العبادية (الخلافية) بنحوها المقترن برضاه تعالى لابد وان تصدر من القلوب المتمحضة لمحبة الله تعالى... أي اذا اخذنا بنظر الاعتبار ان البشر متفاوتون في درجة علاقتهم بالله تعالى، و محبتهم اياه، حيث ان المحبة التامة الله تعالى لا تتحقق الا للصفوة البشرية، واما سائر البشر فان المحبة تتفاوت درجتها لديهم، كما هو واضح ... من هنا فانّ محبتهم لله تعالى قد اتسمت بالاخلاص التام دون ان تشوبها اية شائبة حينئذ فان الله تعالى لابد وأن يوكل اليهم مهمة التبليغ والتوصيل لمبادئة التي انزلها على رسول الله(ص) و اوصاهم(ص) بايصالها الى الأمة...
الى هنا، فان المقطع الذي تسلسل في موضوعاته حيث بدأ بالاشارة الى ان الائمة عليهم السلام هم الدعاة الى الله تعالى وانهم الادلاء على مرضاته، وانهم المستقرون فيما امر هم به و أنهم التامون في محبته تعالى، حينئذ فان التام في محبة الله تعالى أي غير الناقص في محبته او غير المازج بمحبة الله تعالى محبة غيره، لابد وان يكون مخلصاً في علاقته المذكورة مع الله تعالى، ومن ثم سيكون سلوكه مظهراً لامر الله و نهيه بالنحو المطلوب وهذا ما نطقت العبارتان الآتيتان به وهما: (والمخلصون في توحيد الله) و(المظهرون لأمر الله) وهو أمر سنحدثكم عن تفصيلاته في لقاء لاحق ان شاء الله تعالى.

*******

المذيع: بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته شكراً لكم على طيب متابعتكم لهذا البرنامج وقد وصل المطاف الى الفقرة الثانية والختامية وفيها نلتقي مع ضيفنا الكريم سماحة الشيخ حسان سويدان، السلام عليكم سماحة الشيخ.
الشيخ حسان سويدان: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
المحاور: سماحة‌ الشيخ من القضايا المهمة التي تؤكد عليها النصوص الشريفة واكدتها الزيارة الجامعة ايضاً هي قضية الربط بين رضى الله ورضى اهل بيت النبوة(ع) ما هي طبيعة العلاقة بين هذين النوعين من الرضى وهل هما نوعان ام نوع واحد تفضلوا؟ 
الشيخ حسان سويدان: بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين لاشك ولا ريب ان رضى الله يدور مدار الحق حيث حل الحق رضي الله وحيث لم يعط كل ذي حق حقه لم يرض الله هذا مبدأ مسلم وواضح على اساس الصفات العليا لله سبحانه وتعالى لاشك ولاريب ان اذا قلبنا الصفحة وانتقلنا الى عالم الامكان الى المخلوقات فأن الوحيد الذي يستطيع ان نجعله قدوة في الرضا والغضب لله سبحانه وتعالى هو ذلك الانسان الذي كمل في القوتين في القوة النظرية علم لا جهل معه وفي القوة العملية استقامة لا انحراف معها حتى الانحراف على مستوى خلاف ما يرغب خلاف ما يرضى به ولو لم يكن يوجب السخط والغضب وهذا الانسان هو الذي نعبر عنه بالمعصوم، الانسان الكامل بأصطلاح العرفاء‌ لم يرد طبعاً بشكل اصطلاحي في الآيات والروايات ولكن اختار له العرفاء الاسلاميون ولنعم ما وضعوا له من الاسم اسم الانسان الكامل لانه بلغ مرحلة الكمال وان كان يبقى قابلاً للتكامل على قاعدة ماورد من روايات عديدة عن الائمة(ع)انا نزداد كل ليلة جمعة والا نفد ما كان... 
المحاور: عفواً سماحة الشيخ ولو كان خارج نطاق السؤال يعني له جذور في النصوص الشريفة مثلاُ حديث الرسول(ص) كملت من النساء؟
الشيخ حسان سويدان: نعم نعم لاشك ولاريب اقول كأصطلاح ولا اقول كلمة كمال غير مستعملة كثيراً في الآيات والروايات ولكن كمصطلح يعبر به عن الانسان المعصوم على هذا الاساس نحن نقول من ثبت بالدليل انه انسان من هذا القبيل ان بالدليل العقلي كما ثبت عندنا ان الانبياء والائمة لا يمكن ان يكونوا كذلك او ثبت بالدليل النقلي كما ثبت بالنسبة للزهراء(ع) يمكن ان نجعل كل حياتهم رضى وغضباً دليل على الشر ولو على سبيل الان انتقال من المعلول الى‌ العلة دليلاً على رضى وغضب الله سبحانه وتعالى (فاطمة بضعة مني يرضى الله لرضاها ويغضب لغضبها) ما ذلك الا لانه لا يوجد في حياة السيدة(ع) رضى وغضب الا لله سبحانه وتعالى لا محل للباطل لا في البنية النظرية ولا في البنية العملية‌، في هذا الاطار ايضاً تأتي كلمة الامام الحسين(ع) رضى الله رضانا اهل البيت هذا ما نقوله من الاشارة الى مصطلح خاص يرتبط بأهل البيت بمعزل عما يقوله اللغويون وهو اشارة الى هذه الجماعة‌ الصالحة الخاصة المعصومة التي لا يتخلف رضاها عن رضى الله ولاغضبها عن غضب الله لسنا بحاجة الى استدلال هنا لان الآخرين لا يدعون ولا يزعمون لاحد من قادتهم وعظمائهم في النساء والرجال انهم بلغوا هذه المرتبة وانهم وصلوا الى حقيقة انهم كملوا في القوتين النظرية والعملية‌ معاً بحيث صاروا لايرضون الا لرضى الله ولا يغضبون الا لغضبه الشيء الملفت لكلام الرسول الاعظم(ص) بالنسبة للزهراء(ع) هو انه جعل رضاها دليلاً على رضى الله طبعاً ليس كما يتوهم البعض ان الله يغضب اذا غضبت بحيث يصير غضب الله معلولاً لغضبها لا هو دليل في عالم الاستدلال بمعنى الكشف كما قلت من المعلول الى العلة.
المحاور: يعني غضبها او رضاها يكشف عن رضى او غضب الله؟ 
الشيخ حسان سويدان: في عالم الثبوت رضى الله يرضيها وغضبه يغضبها وفي عالم الانكشاف لاننا لا يمكننا ان نصل الى هذا الا من خلال الادلة الالهية وهم(ع) ادلة ملموسة عملية في حياتنا يمكننا من خلالهم ان نكتشف مواطن الرضا والغضب الالهي.
المحاور: سماحة الشيخ حسان سويدان شكراً ‌جزيلاً وشكراً لكم احباءنا على طيب المتابعة نستودعكم الله بكل خير والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

ذات صلة

المزيد
جميع الحقوق محفوظة