البث المباشر

شرح قوله عليه السلام: (حملة كتاب الله...) حوار مع الشيخ حسان سويدان طبيعة العلاقة بين القرآن والعترة ودلالات حديث الثقلين

الإثنين 15 إبريل 2019 - 14:39 بتوقيت طهران

الحلقة 24

موضوع حديثنا هو: الزيارة الجامعة للأئمة عليهم السلام. و قد حدثناكم في لقاءات سابقة عن الزيارة المذكورة حيث تتميز ببلاغة خاصة، و بدلالات عبادية في غاية الأهمية من حيث عرضها لشخوص الائمة عليهم السلام بصفتهم خلفاء الرسول(ص). لقد حدثناكم عن جملة مقاطع منها و نواصل حديثنا عن سائر مقاطعها، و منها المقطع البادئ بعبارة (السلام على محال معرفة الله)الى ان يقول: (و حفظة سر الله، و حملة كتاب الله، و اوصياء نبي الله و ذرية رسول الله صلى الله عليه و آله و رحمة الله و بركاته)... هذا المقطع من الدعاء يتضمن اربعة موضوعات او اربع سمات للأئمة عليهم السلام هي انهم حفظة الله، و حملة كتاب الله و اوصياء نبي الله و ذرية رسول الله ... و قد حدثناكم في لقاء سابق عن السمة الاولى و هي انهم عليهم السلام(حفظة سر الله)... و اما الآن فنحدثكم عن السمة الثانية، و هي انهم (حملة كتاب الله) ... و هذا ما نبدأ به... لعلك تتساءل عن هذه السمة المتمثلة بان الأئمة عليهم السلام هم حملة كتاب الله تعالى، بصفة ان صلتهم عليهم السلام بالكتاب من الوضوح بمكان... و لكن المطلوب هو ملاحظة النكات الواردة في هذا الموضوع، و هو ما نبدأ بتوضيحه... و لعل من الحقائق المألوقة لدى الجميع، ان القرآن الكريم فيه المتشابه و الجمل و المطلق و العام .... كما انه من الواضح بان البحث عن المفصَّل و المبيَّن... الخ، لا يمكن الركون اليه الا من خلال النص الشرعي أي النص الوارد عن النبي(ص) و المعصومين عليهم السلام، حيث ورد النهي عن التفسير بالرأي... في ضوء هذه الحقيقة فان المفسر للنص القرآني ينحصر في المعصوم عليه السلام ، و هذا ما اضطلع به النبي(ص) و خلفاؤه، و لا نحتاج الى تكرار الحقيقة الذاهبة الى ان النبي(ص) علم الامام علي(ع) كل ما يرتبط بالكتاب الكريم، و ان الامام علياً(ص) اوصل بدوره هذه المعرفة الى الامام من بعده، و هكذا الى الامام المهدي(ع).
من هنا فان العبارة القائلة بإن الأئمة عليهم السلام هم (حملة كتاب الله) تعني ان معرفة الكتاب الكريم من حيث المستويات جميعاً تنحصر في شخص النبي ومن ثم في شخوص المعصومين عليهم السلام... و هذه الملاحظة لها اهميتها الكبيرة في ميدان السلوك العبادي للمسلمين، بصفة ان الامر اذا كان منحصراً بالنبي(ص) و خلفائه، فان مصادر المعرفة الاخرى تسقط من الحساب اساساً، أي ان ما نلاحظه من تراث ينتسب الى الاسلام لا قيمة له البتة في حالة ما اذا استقى مادته من غير النبي وخلفائه. 
هنا يتعين علينا ان ننتبه على الصياغة البلاغية لعبارة ان الائمة عليهم السلام هم (حملة كتاب الله) أي: ملاحظة الاستعارة الذاهبة الى انهم عليهم السلام (حملة الكتاب) حيث نتساءل عن السر الكامن من وراء الاستعارة المذكورة، بمعنى ان ثمة نكتة خاصة تكمن وراء التعبير المذكور حيث كان من الممكن ان تقول الزيارة إنهم عليهم السلام مثلاً (مفسرو كتاب الله) او لديهم علم الكتاب...، فماذا جاءت العبارة بانهم (حملة الكتاب) دون سواها من العبارات؟ الذي نحتمله ان لهذه العبارة نكتة مهمة، وهي: ان الحامل للكتاب يعني: انحصار الملكية به، فكما ان (اليد) بحسب الاصطلاح الفقهي هي الحجة لملكية الشخص، كذلك فان الحامل للشيء يظل هو المالك له دون سواه ممن يدعي الملكية... و لذلك، عندما يقرر النص الشرع بأن الائمة عليهم السلام هم (حملة الكتاب) فهذا يعني ان ملكية (معرفته) منحصرة بهم عليهم السلام دون سواهم من الاشخاص او الطوائف او التيارات التي شهدتها الساحة الاسلامية... وهذا امر كما كررنا له خطورته حيث ان الانحراف عن الائمة عليهم السلام يعني الانحراف عن النبي(ص) و عن الله تعالى، و عن المبادئ التي رسمها القرآن الكريم... اذن: امكننا ان نتبين أهمية هذه العبارة الاستعارية القائلة إن الائمة عليهم السلام هم (حملة كتاب الله)، و هو امر يقتادنا الى التمسك بهم دون سواهم، حيث نرجو ان نوفق الى ذلك و منه تعالى نستمد التوفيق.

*******

أما الآن نتابع تقديم برنامج امناء الرحمن بهذا الاتصال الهاتفي مع سماحة الشيخ حسان سويدان اهلاً ومرحباً بكم:
الشيخ حسان سويدان: وعليكم السلام ورحمة الله.
المحاور: سماحة الشيخ في الحلقة السابقة بينتم قضية الترابط بين معرفة الله تبارك وتعالى وبين معرفة الامام في هذه الحلقة لدينا سؤال حول كتاب الله تبارك وتعالى ومعرفة الامام من اين تنشأ هذه العلاقة‌ وماهي ابعادها بطبيعة الحال بما يتسع له وقت هذه الفقرة من البرنامج؟
الشيخ حسان سويدان: بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله الطاهرين بعد تحياتي الحارة لكم وللاخوة والاخوات المستمعين نقول هذا الموضوع موضوع مهم وله شؤون مفصلة ويمكن التحدث عنه من زوايا مختلفة نختار في هذه العجالة نفتتح الكلام حوله بحديث رسول الله(ص) المتفق عليه وعلى نقله بين المسلمين وهو قوله(ص)(اني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي اهل بيتي) هكذا روي في اغلب المصادر الخاصة واهل بيتي كان في كثير من المصادر العامة وفي بعضها القليل توجد كلمة وسنتي عموماً لاشك في محله ان المراد من العترة الذين هم قرناء الكتاب في الهداية المراد منهم علي والزهراء وولديهما واولاد الحسين(ع) المعصومون منهم طبعاً والسر في هذا هو ان الكل متفق وقابلون بأن لا يوجد معصوم فيمن ادعوا له سوى الخلافة او بقية ابناء او بنات النبي بناءاً على ان البنات بنات النبي لا ربائبه وكذلك ابناء علي والزهراء(ع)والاحفاد والاسباط متفق انهم غير معصومين الا من ثبتت عصمته وهم ائمة اهل البيت(ع)، اقول الحديث بنفسه يشير بشكل واضح الى الترابط الاساسي بين المعصوم وبين القرآن وهو مصدر هداية جنباً الى جنب مع القرآن وعليه فلا معنى بعد هذا للتوقف والتسائل عن قضية الترابط والعلاقة بين القرآن وبين العترة لابد ان نقول بصراحة ووضوح ان القرآن هو النسخة الالهية الصامتة والعترة هي النسخة الناطقة، القرآن الناطق تعلمون ويعلم الناس ما للقدوة الصالحة المتجهدة المتجسمة قولاً وعملاً من اثر على الهداية وحفظ على النفوس الانسانية التي هي امارة بالسوء الا ما رحم ربي بالاضافة الى ان القرآن الكريم يحتاج الى معلم يحتاج الى مزكي، النبي(ص) هو صاحب مقام التعليم والتزكية كما ورد في سورة الجمعة «ويزكيهم ويعلمهم» وبعد النبي من صدق النبي ذلك والحديث الشريف واضح لان الهداية ما كانت لتحصل بشكل حقيقي الا بالتمسك بالقرآن والعترة معاً جنباً الى جنب هذا مضافاً الى الآيات الكثيرة التي امرتنا بالتمسك بالعترة فقوله تعالى «قل لا اسئلكم عليه اجراً الا المودة في القربى» ووردت الروايات عند السنة والشيعة في المراد من هؤلاء القربى، «اطيعوا الله واطيعوا الرسول واولي الامر منكم» ووردت عندنا روايات عديدة تشير الى ان اولي الامر طاعتهم قبل طاعة الرسول غير معقول ان يطاع كل انسان يتولى وهو غير معصوم قد يأمر بالباطل وتقرن طاعته بطاعة رسول الله ثم بطاعة‌ الله سبحانه وتعالى او قوله تعالى «اتقوا الله وكونوا مع الصادقين» الصادق هو الصادق على الاطلاق لان من يصدق ويكذب لا يصلح على الاطلاق ان يقال عنه انه صادق ولا يوجد صادق على الاطلاق الا المعصوم(ع) هناك عشرات الوثائق في الكتاب والسنة الواضحة الى انه لا يوجد اي انفصال بين القرآن وبين السفير الالهي المعصوم الذي يجسد تعاليم القرآن ويهدي الى القرآن. 
المحاور: سماحة الشيخ هل يمكن القول بأن التمسك بأي منهما لا يكون حقيقياً الا اذا اقترن بالتمسك بالآخر يعني التمسك بالقرآن لا يكون حقيقياً الا اذا اقترن بالتمسك بالعترة والعكس صحيح؟
الشيخ حسان سويدان: لا يمكن اصلاً ان يتمسك متمسك بالقرآن ويقول انا متمسك بالقرآن الا اذا عمل بآية القرآن الكريم وآيات القرآن تأمر كما كانت تأمر «ما اتاكم الرسول فخذوه» هذه الآيات التي تلوتها وغيرها العديد من الآيات مقرونة بالاحاديث الكثيرة جداً في مصادر الفريقين تأمر بالتمسك بهم فلا يمكن التمسك الحقيقي بالقرآن الا على قاعدة (يؤمنون ببعضه ويكفرون ببعضه) والعياذ بالله.
المحاور: شكراً جزيلاً لسماحة الشيخ حسان سويدان لما تفضل به وشكراً‌ لكم احباءنا على طيب المتابعة والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

ذات صلة

المزيد
جميع الحقوق محفوظة