البث المباشر

شرح فقرة: (ساسة العباد وأركان البلاد)

الإثنين 15 إبريل 2019 - 13:59 بتوقيت طهران

الحلقة 13

نتقدم في هذا اللقاء بسمات اخرى من السمات التي رسمها الامام الهادي(ع) بالنسبة الى شخصيات الائمة عليهم السلامن حيث ورد عنهم انهم عليهم السلام (ساسة العباد واركان البلاد) ... ان هاتين السمتين اللتين نلاحظهما في الزيارة الجامعة تظلان مرتبطتين في ظاهرهما بالمؤسسة الادارية للمجتمعات ولكن ليس في دلالتهما التي تنصرف اليها اذهاننا بالنسبة الى هذا المجتمع السياسي او ذاك بل في الدلالة العبادية او الوجودية التي خلق الله تعالى الانس والجن ليعبدوه. اننا اذا انسقنا مع المقولة العبادية المعروفة ونعني بها ان لكل عصر او جيل او زمان شخصيته التي اصطفتها السماء لعباده وان النبي(ص) والأئمة المعصومين الخلفاء لرسالته يجسدون المعنى المذكور حينئذ نستطيع ان نتبين دلالة ما تعنيه السمة القائلة بانهم عليهم السلام (ساسة العباد) و (اركان البلاد) ... فماذا نستخلص منهما؟
ولكن دعنا نتساءل قائلين لماذا انتخب الامام الهادي(ع) الموقع الجغرافي العام للوجود من خلال عبارة انهم عليهم السلام (ساسة العباد)؟ أي بصفة ان "العباد" مصطلح لا يجسد بحسب لغة علماء الاجتماع مجتمعاً محلياً بل المجتمع العالمي وحينئذ فان الائمة عليهم السلام يشكلون الساسة للمجتمع المذكور بينما يرسمهم الامام(ع) في السمة الثانية بانهم اركان البلاد حيث ان البلاد تنصرف منه الاذهان الى تصور مجتمع اقل حجماً من المجتمع الدولي كالاقليم مثلاً.
ان قارئ هذه الزيارة عندما يواجه امثلة هذه السمات تعنيه اذا كان زائراً جاداً وواعياً للشخصية المزورة ان يتبين بوضوح معنى هذه العبارات ... فماذا تعنيه؟
من الواضح ان "الساسة" لغوياً وعرفياً يقصد بهم اداريي المجتمع المحلي او الاقليمي او الدولي ...الخ، أي السلطة العليا المضطلعة بادارة المجتمع وعندما تقرر زيارة الجامعة بانهم عليهم السلام ساسة العباد فهذا يعني انهم ساسة الوجود باكمله، قديماً وحديثاً ولاحقاً أي ان الله تعالى ما انتخب محمداً(ص) خاتماً لرسالات السماء، حينئذ فان المهمة الرسالية له(ص) ولخلفائه هي اداء الرسالة وان كانت المجتمعات العلمانية لا تعي هذه الحقيقة ولكن ما نحن وامثلة هذه المجتمعات المنعزلة عن السماء ومبادئها!! ان الله تعالى الذي وعدنا بالاستخلاص وبان الارض يرثها عباده الصالحون رسم لمختلف المجتمعات الادوار غير المرئية ظاهراً او غير المفكر بها بحيث تميد الارض باهلها لو لا ان حجج الله تعالى يضطلعون بالادوار السياسية الخاصة لهم.
وهذا فيما يتصل بالطابع السياسي للمجتمعات الوجودية أي العباد بعامة ... ولكن ماذا بالنسبة الى انهم عليهم السلام اركان البلاد؟ ان "الركن" في دلالته اللغوية يعني المنعة والعز وما يتقوى به بحيث يعتمد عليه واذا اخذنا هذه الكلمة بمعناها الاستعاري نجد انها تعني بان الائمة عليهم السلام هم الجانب الذي تتقوى به البلاد ولكن السؤال هو هل ان البلاد يقصد بها كما هو مستخدم في لغتنا المعاصرة او حتى في عصر نزول الرسالة الاسلامية بانها مركب سكاني محدود في نطاق ما يسمى بالدولة مثلاً؟
ان القرآن الكريم يستخدم البلد والبلاد في اكثر من دلالة ولكنه حينما يقسم قائلاً (لا اقسم بهذا البلد) مثلاً او حينما يقول (وهذا البلد الامين) مثلاً، او يقول: (الذين طغوا في البلاد) فان الذهن ينصرف الى المجتمع المحلي المعروف "مكة".
بالنسبة الى البلد وبيئته فرعون في مجتمعه بالنسبة الى "البلاد" وفي الحالات جميعاً تستهدف الاشارة الى ان قارئ الزيارة لابد وان ينصرف ذهنه "والله اعلم بطبيعة الحال" الى الموقع الجغرافي المحدود ومن ثم ينصرف الى ان الركن الذي يتقوى به هو البيئة المنتسبة الى الاسلام وليس مطلقاً وذلك لجملة احتمالات منها: ان ثبات المجتمعات او المجتمع الاسلامي وتقويته واستمراريته بالرغم من محاولات الاعداء في مختلف العصور وفي شتى انماطهم تظل فارضة وجودها بسبب الاركان التي تحفظها من السوء.
المهم ان كلام المعصومين(ع) وهو معصوم من الخطأ في التعبي يظل محتملاً لتفسيرات مفتوحة كل واحد يتقدم بما تمليه ذائقته وجهازه المعرفي ولكن في الحالات جميعاً يظل الادراك بان النبي(ص) وخلفاءه المعصومين هم الساسة بعامة وهم الاركان وان الله تعالى منحهم هذه العطاءات لانه تعالى اعلم بمتطلبات الموقف.
نسأله تعالى ان يوفقنا الى زيارة حججه عليهم السلام في الدنيا وشفاعتهم ومجاورتهم في الحياة الاخرة وصلى الله تعالى على محمد(ص) وآله الاطهار.

*******

أما الآن نتابع تقديم برنامج امناء الرحمن بهذا الاتصال الهاتفي مع سماحة الشيخ حسان سويدان اهلاً ومرحباً بكم:
الشيخ حسان سويدان: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
المحاور: سماحة الشيخ مع تقديمنا للشكر على مشاركتكم للبرنامج واجابتكم عن اسئلتنا نسألكم حول قضية وسائط الفيض في كثير من فقرات الزيارة الجامعة نلاحظ اوساط لهم سلام الله عليهم يفهم منها بانهم اشبه ما يكون بوسيلة او نقطة وصل بين الله تعالى وبين عباده؟ فما المقصود من ذلك؟ تفضلوا...
الشيخ حسان سويدان: بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين. هناك حقيقة قرآنية واضحة قال عزوجل في محكم التنزيل (وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون) هذه حقيقة عقائدية واضحة لا يسع اي مسلم من المسلمين ان يشكك او ينكر ولا شك ولا ريب ان هذا التعبير هو اقوى‌ ادوات الحصر فان النفي ما الا هو اقوى ادوات الحصر في اللغة العربية بالاتفاق. لا شك فيها، لان شكك البعض في انما وغيرها في افادتها الحصر لم يشكك احد في ان صيغة النفي مع الا هي حصر صريح اذن الله عزوجل ما خلق الجن والانس الا ليعبدوا الله نعلم ان هناك في الناس من ليس بعابد لله الملاحدة هناك من الناس من يعبدوا الله على حق فان اصابه خير اطمئن به وان اصابتة فتنة انقلب على وجهه نعوذ بالله من الفريقين: هناك من الناس المنافقون هناك من الناس المومنون الذين خلطوا عمل صالح وآخر فاسداً لا يوجد في الناس من كملت عبوديته سوى الانبياء والاوصياء‌ بشكل كامل وتام، فعندما يقول الله عزوجل ما خلقت الجن والانس الا ليعبدوا فالهدف من الخلقة لم يحققوا في هذا الكون بشكله الكامل الاتم الا ثلة صالحة هي المعصوم الذي كل حركاته وسكناته عبودية‌ لله يعني يعبدوا الله في كل اناء ‌ليله واعتراف نهاره بل في كل انفاسه بل في كل حركاته وسكناته. على هذا الاساس هؤلاء الذين لاجلهم خلقت الارض خلق الخلق للعبادة ‌يقتضي ان تكون هذه الارض مخلوقة لافضل العابدين لاجل احسن العابدين فهي مخلوقة لاجل الانبياء والاوصياء طيب سيد الانبياء‌ ثبت في محله انه محمد المصطفى(ص) وسيد الاوصياء ثبت في محله ايضا انه علي المرتضى عليه افضل الصلاة والسلام وثبت ان الوصي، الحقيقي الشرعي بعد علي هم اولاده صلوات الله وسلامه عليهم اجمعين وثبت في محله عصمته اذن هنا يمكننا ان نفهم بشكل دقيق الاحاديث الكثيرة الذي يقوله النبي الاعظم(ص) انهم امان لاهل الارض الاحاديث الكثيرة التي تقول بانهم بهم نرزق، بهم تمطر السماء، انهم اوتاد الارض الى ما هنالك اذن هم حفظة هذا الكون اذا كان وجودهم في هذه الارض في هذه المعمورة هو الحافظ لها اذن فكل فيض من الله سبحانه وتعالى ينزل على الخلق.
المحاور: يكونوا بتوسطهم؟
الشيخ حسان سويدان: بلا شك ولاريب لانه لولا وجودهم في الحديث المتفق عليه لساخت الارض بآله وعلى هذا الاساس فكل نفس نتنفسه، كل هواء نستنشقه كل قطرة ماء ‌تنزل على هذه الارض يجب علينا ان نعتقد ان هذه بركة وجودهم صلوات الله وسلامه عليهم هذه فكرة سريعة‌ ولمحة عابرة عن حقيقة انهم واسطة الفيض الالهي وهناك تجليات اخرى لهذه الحقيقة للاسف الشديد ان الوقت لايتسع.
المحاور: ان شاء الله نوكلها الى الحلقة المقبلة‌ جزاكم الله خيراً سماحة الشيخ حسان سويدان على ما تفضلتم به وجزاء ‌الله مستمعينا الافاضل جزيل الخير على طيب متابعتهم لهذا البرنامج، نسأل الله تبارك وتعالى ان يوفقنا واياهم للحصول على معرفة من مراتب معرفة‌ اولياء الله تبارك وتعالى تعيننا على الاستفاضة ‌والحصول على المزيد من البركات الالهية: اللهم آمين، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

ذات صلة

المزيد
جميع الحقوق محفوظة