سبق ان لاحظنا في لقاءاتنا الماضية ان الزيارة الجامعة للأئمة عليهم السلام قد استهلت بذكر السمات الرسالية التي رسمها النص من حيث صلة الائمة عليهم السلام بالنبي(ص) من هنا نواجه القسم الآخر من السمات مطبوعة بعناصر معرفية واخلاقية وسواها جماً تترتب على صلتهم عليهم السلام بالنبي(ص) وقد جاءت السلسلة من السمات على هذا النحو "معدن الرحمة وخزان العلم ومنتهى الحلم، واصول الكرم" هذه سمات اربع لو دققت النظر فيها لوجدت انها تعبر عن مدلولات اخلاقية ومعرفية متجانسة فيما بينها حيث تأتي السلسلة بعد ذلك بسمات متجانسة اخرى تتصل بظواهر عبادية نشير اليها في حينه ان شاء الله تعالى اما الآن فحسبنا ان نشير اولاً الى هذه السمات وان نحدد دلالتها البلاغية وكمالها بحسب ما لاحظنا من اشارة الراوي لهذه الزيارة واتسامها بالقول البليغ الكامل.. والسؤال ما هي العناصر البلاغية والكمالية لهذه السمات الاربع؟
ان قارئ الزيارة سوف يلاحظ معنا ان السمات الاربع وهي: (الرحمة، العلم، الحلم، الكرم) هذه السمات رسمها النص من خلال الاستعارة حيث خلع صفة المعدن على الرحمة وصفة الخازن على العلم، وصفة الاصل على موضوع الكرم، بينما خلع صفة انتهائية على الحلم، وسنرى ان لكل استعارة نكاتها ووثائقها الدلالية التي تتناسب حقاً مع الشخصيات المعصومة.
هنا نلفت نظرك الى ان الرحمة والعلم والحلم والكرم، تظل خصائص يشترك البشرية في الصدور عنها ولكن النكتة هي ان الائمة عليه السلام لهم خصوصية فيها بحيث لا تحصل عند العاديين من البشر، وهذا هو قسم النكتة التي نعتزم توضيحها لك حيث ان الاستعارة تجسد خصوصية ما ذكرناه وهو امر نقف عند تفصيلاته وتسلسله ... ونبدأ اولاً مع ظاهرة الرحمة فماذا نجد؟
فيما لا شك فيه ان الرحمة تجسد احد طرفين لا ينفصل احدهما عن الآخر بالنسبة الى السلوك الصادر عن المشرع الطرفان هما القوة او القدرة مقترنتان بالرحمة فالقوة مثلاً بالنسبة الى التجارب البشرية لا قيمة لها اذا لم تقترن بالرحمة حيث يستغل القوي هذا الجانب ليمارس عدوانيته وهذا على العكس تماماً من الجانب الاخلاقي لدى المشرع أي ان الرحمة لا تنفصل عن القوة ولا يمكن لاحدهما ان يستقل بذاته فالرحمة وحدها بلا قوة لا يمكن تطبيقها نظراً للضعف البشري حيال السيطرة على الموقف والعكس هو الصحيح.
والآن: بعد هذه التمهيد لمعنى الرحمة نتجه الى ملاحظة صياغتها وانعكاساتها في سلوك الائمة عليهم السلام ...
اننا ندعوك الى مشاركتنا في التعقيب على الصورة التي رسمتها الزيارة بالنسبة الى الرحمة التي تسم سلوك الائمة عليهم السلام ...
الصورة خلعت طابع المعدن على ظاهرة الرحمة ترى ما هي النكات الكامنة وراء ذلك؟ قلنا ان البشر العادي يمتلك رحمة بشكل او بآخر ولكنه ليس معدناً لها، بل يستقي منها، لذلك فان المعدن الذي يتسم به الائمة عليهم السلام يظل التعبير الاكمل عن مفهوم الرحمة في اوسع دلالتها ... كيف ذلك؟
من الواضح ان المعدن هو المادة التي ترفد الاخرين بعطائها الآخر اذن وهم البشر العادي لا يمتلكون معدناً للرحمة بل يمتلكون نثاراً منها بعد ان يوزعها الائمة عليهم السلام على الآخرين.
ان المعدن لا نضوب فيه، وحتى في حالة ما اذا قلنا ان المعدن من الممكن ان يفيض على الآخرين ويتوقف فان الافاضة تظل بالنسبة الى المعصومين عليهم السلام غير منتهية الا ما يتناسب مع سلوك الاخرين ولكن بنحو عام، فان المعدن يظل بلا نضوب وهو ما توحي عبارة الزيارة مما يفسر لنا كيف ان الائمة عليهم السلام هم المصدر للرحمة، هم المعدن لها، واما التوجه الى سواهم فيجسد خساراً للشخصية الاسلامية وهو امر يدعونا الى ان نتمسك بهم، وندعو الآخرين الى ان يغترفوا من معنهم ان يفيدوا من المعدن والا فلا مفر الا اليهم عليهم السلام.
اخيراً سنحدثك عن السمات الاخرى بعد ان حدثناك عن سمة الرحمة وهو ما نؤجل الحديث عنه الى لقاءات لاحقة ان شاء الله تعالى.
*******
أما الآن نتابع تقديم برنامج امناء الرحمن بهذا الاتصال الهاتفي مع سماحة الشيخ حسان سويدان اهلاً ومرحباً بكم:
الشيخ حسان سويدان: وعليكم السلام ورحمة الله.
المحاور: سماحة الشيخ في الحلقة السابقة فتحتم باب الحديث عن آلاثار والبركات العظيمة التي تنشأ من سنة زيارة الاولياء سلام الله عليهم والانبياء صلوات الله وسلامه عليهم. ولكن او كلتم التفصيل الى هذه الحلقة تفضلوا.
الشيخ حسان سويدان: بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين صلى الله على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين. في الحقيقة آثار الزيارة كثيرة جداً لا يمكن شرح معالمها بشكل مفصل في هذا الوقت القصير لكن من باب الاشارة اولاً والحديث عن زيارة الاولياء والصلحاء وعلى رأسهم النبي والانبياء والائمة عليهم السلام، زيارة القدوة اولاً تمثل استحضار وشهادة بان هذا الذي ازوره هو قدوتي في المجتمع تمثل تاكيداً على ان هذه القدوة لا تزال قدوة بعد الممات كما كانت قدوة في الحياة فهذا اثر مهم يرتقي بها الانسان مع نفسه عندما يقف شاهداً امام قبر النبي، امام قبر الامام امام قبر الولي ليشهد لكل بالمرتبة التي فيها عارفاً بحقه من هنا نرى اثر من آثار التاكيد من زاره عارفاً بحقه، يشهد امامه وهو يسمع كلامه ويرى مقامه وهذا في الحقيقة يمثل بالدرجة الاولى الاعتراف بالقدوة الاعتراف العملي، ليس الاعتراف اللساني فحسب، عندما احمل نفسي واقطع الفيافي والبلدان واذهب الى قبر النبي الاعظم(ص) او الى قبر الامام الرضا او الى قبر الامام الحسين(ع) وعلى بقية ائمتنا عليهم جميعا افضل الصلاة والسلام فان هذا في الحقيقة يمثل بشكل واضح الارتباط الصحيح والسليم مع القدوة هذا اثر اول، الاثر الثاني الذي يتولد من هذا الاثر التاكيد على ان الارتباط مع القدوة هو ارتباط روحي يتجاوز الحدود الجسدية يعني كما انني ارتبط بهذه القدوة فيها لو كانت تعيش بيننا بجسدها يمكنني أن ارتبط بها من باب واسع بعد ارتحالها من الدنيا كما كان يمكنني ان ارتبط بها وهي في الحياة هذا يؤشر الى ان ارتباطي بها ايضاً عندما كانت في الحياة وارتباط الروحي، ليس ارتباطاً جسدياً يتجاوز حالة الجسدية وحالة الشخصانية، في الحقيقة يرتبط بهذا الموضوع ايضاً ان الانسان حينذاك يمكنه ان يعيش وهذه المرة يمكنه من خلال التعابير الواردة في الزيارات، لان الزيارات كما اكدت الروايات على نفس الزيارة اختار ائمتنا لنا تعابير راقية، مثلاً الزيارة الجامعة الكبيرة عندما تقرأ في الزيارة الجامعة الكبيرة انهم امناء الرحمن انهم خلفاء الله في ارضه انهم سيرجعون الى الدنيا وان رجعتهم حق انهم يشهدون مقامك ويسمعون كلامك الى ما هنالك من المفاهيم الكبيرة والراقية الزيارة تجعلني في الجملة اصل الزيارة تجعلني اعيش مع القيام التي كان يحملها هذه القدوة والتي لابد وان انا احمل تجاه هذه القدوة، ثانياً اذا دخلنا في تفاصيل الزيارات وهي تفاصيل رائعة وكثيرة جداً.
المحاور: يعني ترى هناك ارتباط اجمالي، روحي تعيش مع المزور هنا التعابير المختارة عن اهل البيت تعطي التفصيلات الارتباط على وفق ما يريده الله تبارك وتعالى.
الشيخ حسان سويدان: ترسم خط المشي في الحقيقة في الزيارة التي ينبغي ان نزور من هنا اكد على اخوان المؤمنين ان تكون زيارتهم بالروايات الماثورة وبالزيارات الماثورة عن اهل بيت العصمة والطهارة صلوات الله وسلامه عليهم.
المحاور: سماحة الشيخ على ما تفضلتم به هنالك قضية، قضية الزيارة والشرك تثار هذه الشبهة حبذاً لو يكون تناول اله ان شاء الله ولو اجمالي في الحلقة المقبلة.
شكراً لضيفنا الكريم سماحة الشيخ حسان سويدان على ما تفضل به وشكراً لكم مستمعينا الافاضل على طيب متابعتكم لهذا البرنامج.
*******