لا نزال مع الزيارة الجامعة للأئمة عليهم السلام وقد حدثناك في لقاء سابق عن مقدمة هذه الزيارة حيث تتضمن الشهادتين (التوحيد والنبوة) وحيث قلنا في حينه ان استهلال الزيارة بهذين التشهدين يعني ان الزيارة المشار اليها او سائر الزيارات بطبيعة الحال تعلن عن الهوية المنتسبة اليها في خطها الاسلامي العام، لكن اضفنا الى ذلك بان هذين التشهدين قد اقترنا بجملة نكات لها اهميتها في ميدان الوعي العبادي منها: اقتران العبارة القائلة (اشهد الا اله الا الله) وهي الهوية المعبرة عن التوحيد قد اقترنت بكلمات هي (وحده لا شريك له)، وان العبارة النبوية قد اقترنت بكلمات هي ان محمداً (صلى الله عليه وآله عبده)، فهنا نلحظ ان شهادة الا آله الا الله قد الحق بها انه تعالى "وحده لا شريك له" وان شهادة محمد رسول الله قد الحق بها انه(ص) عبد الله وان الله تعالى يصلي عليه، وكذلك على آله هذه الاضافات على تنوعها تعني ان جملة مفهومات عبادية يجدر بالزائر ان يتعرف عليها حتى يفاعل بها وعيه العبادي وما يترتب على ذلك من المسؤولية والجزاء ...
اذن: لنتحدث عن هذه الاضافات ...
الاضافة الاولى لعبارة (لا اله الا الله) هي (وحده لا شريك له) .. هنا الا يتساءل الزائر مثلاً فيقول اليست عبارة "ان لا اله الا الله"تكفي للتعبير عن وحدانية الله تعالى؟ بخاصة انها صيغت وفق عبارة بلاغية فائقة هي اداة الحصر التي تنفي أي قوة اخرى تشترك مع الله تعالى او اداة الاستثناء التي تستثني كل شيء الا الله تعالى وحده؟ نقول: أليس الحصر والاستثناء بصياغتهما المتقدمتين كافيتين للتعبير عن الوحدانية باكمل صورها؟ اذن: لماذا نجد عبارة اضافية او تكميلية هي "وحده لا شريك له"؟
نعتقد ان الزائر او أي سامع لعبارة "وحده لا شريك له" لم يدقق طويلاً في دلالتهما وهو اثر يقتادنا الى لفت النظر اليها.
كلمة "وحده" تعني ان الله تعالى لا يشاركه موجود آخر وعبارة "لا شريك له" تعني ايضاً انه تعالى لا يشاركه موجود آخر واذن ما هو الفارق بينهما؟ ... هذا من جانب بالاضافة الى جانب آخر سبق ان قلناه وهو ان عبارة "لا اله الا الله" ايضاً تعني انه لا يشاركه موجود آخر ... اذن: العبارات الثلاث باجمعها تؤمي الى دلالة واحدة هي انه لا شريك لله تعالى فما هو ـ اذن ـ الفارق بينهما؟
لا نتأمل طويلاً حتى نصل الى نتيجة هي ان "التوكيد" لشيء ما يأخذ مسارات متنوعة وانه أي التوكيد يظل "من الزاوية النفسية" واحدة من الاساليب التي تترك اثرها في تعميق الدلالة المستدلة واذ نتجه الى ما نحن بصدده نجد ان العبارات التوحيدية الثلاث"لا اله الا الله" و"وحده" و"لا شريك له" كل واحدة منها تجسد توكيداً لدلالة "التوحيد" ولكن النكتة هي ان كلاً منها تفصح عن الدلالة في احد وجوهها ... كيف ذلك؟
عندما نحصر الظاهرة في نطاق واحد وهو ما عبرت العبارة القائلة لا اله الا الله نكون بذلك قد تهيأنا ذهنياً للتسلم باله واحد لا سواه والاله لغوياً هو "المعبود" بالقياس الى مصطلحات اخرى كالملك او الرب كما في قوله تعالى (قل اعوذ برب الناس / ملك الناس / اله الناس /...) حيث ان لا اله ينطوي على دلالة المعبود بينما تنطوي عبارة الرب عن المدبر وعبارة الملك عن المهيمن المالك ...، وفي ضوء هذه الحقيقة نجد ان ارداف الاله الذي هو معبود بعبارة وحده ترمز الى نفي ما انحرف فيه الجهال عندما اتخذوا معبوداً آخر سواءاً كان المعبود خرافياً او كان رمزاً لمطلق ما يعبده المنحرفون من قيم مادية او معنوية توجه سلوكهم.
واما نفي الشريك وهو العبارة الثالثة فتعني ان المعبود المتفرد أي لا اله الا الله وحده لا يشاركه معبود آخر، حيث ان المنحرفين يتخذون اوثاناً مادية او معنوية أي الافكار والايدلوجيات العلمانية التي نلاحظ حضورها المنحرف في مختلف الازمنة والامكنة والعناصر.
اذن: التوكيد للوحدانية من خلال ثلاثة اساليب يظل تعبيراً عن مفهوم توحيدي مكتمل دلالياً لا سبيل الى التشكيك به وهو اثر تستهدفه الزيارة حيث تردف ذلك بعبارة (الله اكبر) لتفصح بذلك عن نكات جديدة نحدثك عنها في لقاء لاحق ان شاء الله تعالى.
*******
أما الآن نتابع تقديم برنامج امناء الرحمن بهذا الاتصال الهاتفي مع سماحة الشيخ حسان سويدان اهلاً ومرحباً بكم:
الشيخ حسان سويدان: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
المحاور: سماحة الشيخ جزاكم الله خيراً في الحلقتين السابقتين بينتم لنا اعتبار زيارة الجامعة الكبيرة من جهة اعتبار المصادر التي روتها وكذلك اشرتم الى التكامل النسختين او وجود نسخة اكمل التي رواها الشيخ الكفعمي ثم ان المصادر المعتبرة الى الوسائل والبحار ايضاً اهتمت بنقلها نحن الآن لدينا سؤال في ما يرتبط بالسند الزيارة اجمالاً حسب الامر الذي يلائم المستويات غير التخصصية ما هو اعتبار السند؟
الشيخ حسان سويدان: بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين لا شك ان الاعتبار واعتماد على زيارة في الزيارات لاينحصر برجال السند كما تعلمون قضية السند من حيث الاثاث قضية نحتاجها وبشكل آليد فالروايات التي ترتبط بالاحكام الشرعية التفصيلية لانه سبق في اصول الفقه ان مشهور العلماء ان الحجة في مقام العمل هو خصوص الرواية المعتبرة ان في مثل الزيارات وكذلك في امثال خطب الامام علي عليه السلام في نهج البلاغة والى ما هنالك الادعية ايضا من هذا القبيل يمكن للعالم المحقق الحاذق ان يذن هذه الزيارات بقدر ما اوتي طبعاً من حس رفيع وانثن عال وراق بكلام اهل البيت عليهم السلام على هذا الاساس الزيارة الجامعة هي من الزيارات القليلة طبعا التي وصلتنا باسناد متصل السند الرئيسي لها بطبيعة الحال هو الشيخ الصدوق رضوان الله تعالى عليه الذي يرويها عن مشايخه الثلاثة علي بن احمد بن محمد بن موسى بن عمران الدقاق ومحمد بن احمد السناني والحسين بن ابراهيم بن هشام يرويها عن هؤلاء المشاييخ الثلاثة وهم مشايخه الذين اعتاد ان يروي عنهم في كتبه وترضى عليهم مراراً يرويها عن هؤلاء المشاييخ الثلاثة عن الشيخ الثقة الجليل محمد بن جعفر بن عون الاسدي الكوفي الذي وفقه صريحا الشيخ النجاشي اعلى الله مقامه الشريف عن محمد بن اسماعيل البرمكي صاحب الصومعة هذا شخصية معروفة ايضاً وفقه الشيخ النجاشي اعلى الله مقامه الشريف والى هنا ليست لدينا مشكلة فنية في السند المشكلة هنا تبرز حيث ان البرمكي يرويها عن موسى بن عبد الله النخعي ليس بن عبد الله النخعي ليس له في كتب الرجال ولكن للاسف الشديد هو شخصية مجهولة لانعرف عنه شيء لكن هذا لا يعني التقليل من شان هذه الزيارة العظيمة اولا الشيخ الصدوق اخذ على نفسه انه لا يودع في كتاب الفقيه الا ما يفتي به في ما بينه وبين الله. صرح بشكل واضح اذن هو جازم بصحة هذه الزيارة وهو كما تعلمون العارف بلحن وطريقة احاديث اهل البيت عليهم السلام وهو من المتشددين جداً ايضاً في القضايا السندية تبعاً لشيخه ابن الوليد هذا اولاً، ثانياً تجد انكبات كبار المحققين والعلماء حتى شخصية صناعية مدققة في الاساريد مثل السيد الخوئي اعلى الله مقامه الشريف عندما يصل الى الزيارة الجامعة يصرح في كتابه مصباح الفقاهة بان الزيارة الجامعة تستغني عن السند لماذا؟ سيدنا يقول لان اقل تامل في مضامينها يجعل العارف باساليب اهل البيت عليهم افضل الصلاة والسلام جازماً وقاطعاً بان هذه المضامين ما كانت لتصدر عن غيرهم يعني كانه اعلى الله مقامه الشريف يريد ان يقول ربان هذا الكلام فوق كلام المخلوق ودون كلام الخالق كما قيل بالنسبة لجملة من الخطب الموجودة في الكتاب الشريف نهج البلاغة انا لا اظن ان احداً من علماءنا ممن يشار اليه بالبنان والتحقيق والجلالة والفقاهة يشكك في هذه الزيارة.
المحاور: عفواً سماحة الشيخ حسان سويدان الوقت المخصص في هذه الحلقة انتهى لو سمحتم ان شاء الله فيما يرتبط في هذه الموضوع وموضوعات اخرى ترتبط بهذه الزيارة نوكلها الى الحلقة المقبلة.
الشيخ حسان سويدان: ان شاء الله.
المحاور: شكراً جزيلاً سماحة الشيخ حسان سويدان على ما تفضل به وشكراً لكم مستمعينا الافاضل على طيب المتابعة على هذا البرنامج نستودعكم الله بكل خير والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
*******