وفي كلمة وجهها لمناسبة عيد النوروز وبدء العام الإيراني الجديد صباح اليوم الأربعاء، قال سماحته: إذا أردنا تحقيق قفزة في الإنتاج، علينا إضفاء الطابع الشعبي على الإقتصاد، وأن نفسح المجال امام الشعب بصورة ملموسة، وإزالة العوائق أمام حضوره.
وأضاف: إن هناك قدرات كبيرة في القطاع الشعبي، سأشرحها إن شاء الله، ويجب تفعيل هذه القدرات، والإستفادة منها لصالح الوطن والشعب. ولذلك، بهذه المناسبة، أطلقت شعار "قفزة الإنتاج بمشاركة الشعب" على هذا العام.
وفيما نص كلمة قائد الثورة الإسلامية:
بسم اللّه الرّحمن الرّحيم،
يا مُقلّبَ القُلوبِ والأبصار، يا مُدبِّرَ اللَّيلِ والنّهار، يا مُحَوّلَ الحَولِ والأحوال، حَوّل حالَنا إلى أحسَنِ حال
أبارك لأبناء الشعب الإيراني العزيز حلول عيد النوروز، والعام الجديد الذي اقترن هذا العام بشهر رمضان المبارك؛ ربيع القلوب وربيع القيم المعنوية. كما أبارك، على نحوٍ خاصّ، لعائلات المضحّين وجميع الشعوب الأخرى التي تحتفي بالنوروز.
وهنا لابدّ من أن نستذكر الشهداء الأعزّاء وإمام الشّهداء (الإمام الخميني) الذي شرّع هذا السّبيل أمام الشّعب الإيراني، آمل أن ينتفع الشّعب الإيراني من كِلا الرّبيعين؛ ربيع الطّبيعة وربيع القيم المعنوية.
لنُلقِ نظرة على العام 1402 هـ. ش. الذي اختُتِم في هذه اللحظة، ونظرة أخرى على العام الذي ندخله. كان العام 1402 هـ. ش. كغيره من سائر الأعوام؛ حافلاً بالمسرّات والمرارات، والأمور المرغوبة والمكروهة. هذه هي طبيعة الدُّنيا وطبيعة الحياة. فقد جرى فيه تحقيق تقدّم ملحوظ في قضايا البلاد المحليّة على المستويات العلميّة والتكنولوجيّة ونتاجات البنية التحتيّة في أرجاء البلاد، وكان هذا ضمن الأخبار السّعيدة. من ناحية أخرى، كانت مشكلات الشعب الإقتصاديّة والمعيشيّة ضمن الأخبار المريرة، فيما كانت المشاركة الملحميّة للشعب في مسيرات «يوم القدس» و«22 بهمن» (11 شباط/فبراير)، وإقامة المسيرات الضّخمة في أجواء آمنة، وإجراء الانتخابات أواخر العام في ظل أجواء آمنة وسليمة، وسائر أنواع المشاركات الشعبيّة الأخرى، كلّها كانت ضمن الأخبار السعيدة والأمور المحبّبة والعذبة في العام المنصرم.
ومن بين الأحداث المريرة كانت «حادثة كرمان» في الذكرى السنويّة لاستشهاد سليماني، وسيل بلوشستان في أواخر العام، وكل ما تعرّض له عناصر الأمن والمدافعون عنه في الأشهر الفائتة، والاكثر مرارة منها كلّها كانت حادثة غزّة التي تُعدّ من قضايانا الدوليّة المهمّة، فلم نشهد هذا العام حادثةً أمرّ منها. في القضايا الخارجيّة، كان تحرّك الحكومة على الصعيد الدولي في شتّى الساحات الاقتصاديّة والسياسيّة في عداد الأخبار العذبة والأحداث المحبّبة، وكانت حادثة غزّة – كما أسلفنا القول – من بين أمرّ الأحداث، بل أمرّها في قضايانا الخارجيّة. نسأل الله تعالى أن يجبر المرارات ويَمُنّ على الشّعب الإيراني والشعوب المسلمة باستمرار المسرّات ويتلطّف عليهم بما هو مدعاة خير وبركة للأمّة الإسلاميّة ومدعاة خير وبركة للشّعب الإيراني.
في ما يرتبط بشعار العام 1402 هـ. ش. الذي كان عام «كبح التضخّم ونموّ الإنتاج»، أُنجزت أعمالٌ جيّدة. ثمة أعمال جرى إنجازها في كِلا القسمين من الشعار، وجرى تحقيق بعض التقدّم أيضاً، طبعاً لم يكن ذلك بالقدر المنشود، وسوف أعرض تفاصيله للشعب الإيراني في خطاب اليوم، إن شاء الله. إنّ ما تمّ إنجازه كان جيّداً، لكن ينبغي أن يستمرّ، وهذا الشّعار ليس شعاراً يمكننا توقّع تحقيقه بالنّحو المرجوّ في غضون عام واحد (بل) سيظل هذا الشّعار مستمراً.
في العام الذي دخلناه، هناك أعمالٌ كثيرة يجب أن تُنجز، ولا بدّ من أن نلزم أنفسنا تجاهها، سواء مسؤولو البلاد وأعضاء الحكومة ومجلس الشورى الإسلاميّ والسلطة القضائيّة وغيرهم وكذلك كل المواطنين؛ يجب علينا جميعاً أن نُلزم أنفسنا بتلك الأعمال في مختلف المجالات. وفي هذا العام أيضاً، يُعدّ الاقتصاد القضيّة الأساس للبلاد، إذْ إنّ نقطة الضعف الرئيسة هي قضيّة الاقتصاد. يجب أن نعمل بشكل فعّال في هذه المجالات.
لقد خلصتُ بعد مطالعتي آراء الخبراء في هذه القضيّة إلى نتيجة مفادها أنّ المفتاح الأساس لحلّ مشكلات البلاد الاقتصادية هو قضيّة الإنتاج؛ الإنتاج المحلّي والوطني. لهذا السّبب أيضاً ركّزنا خلال هذه الأعوام القليلة الماضية على الإنتاج. وفي حال تحقّق نموّه والتقدّم في الإنتاج الوطني بالنّحو المرجوّ، فإنّ كثيراً من المشكلات الاقتصاديّة المهمّة من قبيل قضيّة التضخّم، وتوفير فرص العمل، وقيمة العملة الوطنيّة، ستتّجه هذه القضايا الأساسيّة في الاقتصاد إلى الحلّ بنحو جيّد. إذن، قضيّة الإنتاج قضيّة مهمّة، وهذا ما يجعلني أشدّد هذا العام على هذه القضيّة أيضاً، وأتوقّع أن تتحقّق هذا العام قفزة في الإنتاج، كما إنني أعتقد بنحو جادّ أنّ هذه القفزة لن تتحقّق من دون مشاركة الشعب، وبعيداً عن حضوره. إذا أردنا أن نحقّق قفزة في الإنتاج، ينبغي لنا أن نجعل الاقتصاد شعبيّاً، وأن نفسح المجال بنحو ملموس أمام مشاركة الشعب لخوض ميدان الإنتاج، وأن نزيل عقبات حضوره.
تتوفّر في القطاع الشعبي طاقات كُبرى - سأوضح هذا الأمر إن شاء الله - يجب أن تُفعّل ويُستفاد منها بما يخدم مصلحة الشعب والبلاد. عليه، وبهذه المناسبة، جعلتُ شعار هذا العام: «قفزة الانتاج بمشاركة الشعب». هذا هو شعار العام. نأمل أن يتحقّق على أكمل وجه، إن شاء الله. فليعدّ المخطّطون في البلاد الخطط، وليُجرِ الخبراء تعاوناً على المستوى الفكري، وليشارك الناشطون الاقتصاديّون في هذا الصدد بنحوٍ عمليّ، إن شاء الله.
أسأل الله تعالى أن يوفق الشعب الإيراني العظيم والعزيز، واوجّه بخضوع السلام لبقيّة الله – أرواحنا فداه –، وأسأل الله التعجيل في فرجه ، وهو فرجُ البشريّة.
والسّلامُ عليكم ورحمةُ الله وبركاته