وأضاف اللواء سلامي في كلمة ألقاها أمام جموع المصلين في مراسم صلاة الجمعة في طهران اليوم، أن (عملية طوفان الأقصى) الحدث الجاري منذ أسبوع من الآن هو صدمة عظيمة للعالم برمته وقد أغرق العالم في الدهشة والحيرة، وهو حدث غير مسبوق، فاق تصورات كافة أصحاب الرأي والمفكرين وصناع الإستراتيجيات والساسة في العالم، وقد رأينا في صباح السبت الماضي وهجاً استثنائياً في الكرة الأرضية، وكأنّ آيات المصحف الشريف قد فسرت على الأرض للفلسطينيين.
واعتبر اللواء سلامي عملية "طوفان الاقصى" نتاجاً لتراكم المحن على شعب شرده الغاصبون لبلاده، وأضاف بأن الذاكرة التاريخية لدى المسلمين لم تنسى أبداً الدعم الأميركي السخي للكيان الصهيوني طوال مئة عام على غصب فلسطين وكافة الحروب بين الدول الإسلامية والصهاينة منذ ذلك التاريخ وحتى الآن وعشرات آلاف المجازر الوحشية، وكذلك الفيتو الأميركي لكافة القرارات الأممية ضد "إسرائيل" الغاصبة، الى جانب الدعم الأميركي العسكري والإستخباري واللوجستي والحرب النفسية والإعلامية لحماية الصهاينة، فلم يتوانى الأميركيون عن تقديم أية مساعدة ممكنة والمساندة بأعلى مستوياتها.
وأكد القائد العام لحرس الثورة أن أهمية وثقل هذه الهزيمة لـ"إسرائيل" تكمن في قدرة الفلسطينيين على توجيه أشد ضربة مهلكة وقاصمة للمنظومة الأمنية والجهاز الإستخباري والجيش الصهيوني، دون مشاركة من أية جهة أخرى، والقضاء على الأسطورة المصطنعة بأن هذا الكيان لا يهزم، وان أهمية هذه العملية هي أيضاً في اعتراف "إسرائيل" بتلقي الهزيمة وانتصار فلسطين، فالهزيمة كانت مدوية جداً وانتصار فلسطين كان مبهر.
وتابع، "كما نعلم جميعاً فإن سر حياة وبقاء الكيان الصهيوني يعتمد على 4 عناصر هي، الدعم الخارجي من بعض القوى كأميركا وبريطانيا والمانيا وفرنسا وبعض الدول الأخرى، فالكيان الصهيوني ليست له جغرافيا سياسية مستقلة وهو جزء من الجغرافيا السياسية الأميركية، إن هذا الكيان هو ولاية أميركية منفصلة وهي ولاية مسمومة ومجرمة ومحتلة ودون رحمة، وقاتلة للأطفال وسفاكة للدماء، فـ"إسرائيل" هي ترجمة للسياسات الأميركية في العالم الإسلامي، وهزيمتها مهمة لأنها لها صلة عميقة بأميركا المجرمة.
أما العنصر الثاني هي الأسطورة الزائفة للقوة الأمنية والإستخبارية لهذا الكيان الذي كان يظهر نفسه أمام العالم بأنه من المستحيل هزيمته، وفي الحقيقة هو مجهز بمعدات وأدوات إستخبارية متطورة، ووضع طوقاً من البالونات التجسس التي تحمل كاميرات الرؤية الليلية والنهارية وأجهزة التنصت والأشرطة الشائكة المزودة بمجسات الكترونية، أمام قطاع غزة، إضافةً الى الطائرات المسيرة والأقمار الصناعية ونفوذ العملاء والشبكة المخابراتية الصهيونية التي كان يقال إنها عصية على الإختراق، لكن قدرة حماس على إدخال أكثر من ألف شخص (الى الأراضي المحتلة) متجاوزة كل هذه الإجراءات الإحترازية الصهيونية، وفشل الأجهزة المخابراتية الصهيونية في رصد خيط واحد من خيوط هذه العملية التي ربما ستتوضح بأن الإعداد لها استغرق عاماً واحداً، يظهر عظمة انتصار فصائل المقاومة الفلسطينية.
وأضاف: عندما وصل المجاهدون الفلسطينيون كان هؤلاء نائمون، وهذا ليس إلا نصرةً وإمداداً ربانياً، فهذه النصرة الإلهية هي التي أغشتهم وجعلتهم لايبصرون الجنود الربانيين، إن هذه المنظومة الأمنية المتواجدة في الحقيقة، قد تلقت الهزيمة في أكبر حرب إستخباراتية في العالم ولا يمكن التعويض عنها وجبرها.
وأشار اللواء سلامي الى العنصر الثالث وهو وجود جيش مجهّز (لدى الصهاينة)، لكن مع هذا الرد الفعل الضعيف جداً فإن الثقة بالجيش الصهيوني قد انهارت في الكيان، إن العملية الأخيرة أثبتت بأن الصهاينة ليس عندهم رجال حرب ولا يستطيعون المواجهة وجهاً لوجه مع المجاهدين الفلسطينيين، وهذه الأركان الثلاثة قد وضعت عليها علامة استفهام كبيرة.
أما العنصر الرابع من أسرار بقاء هذا الكيان كانت القدرة على الاخافة وتنفيذ حرب نفسية قل نظيرها والمدعومة بالدعم السياسي الغربي، لكن عملية "طوفان الأقصى" نزعت هذا الغشاء وهالة الحرب النفسية، عن وجه الصهاينة، وكشفت الحجم الحقيقي لقوة هذا الكيان.
وأكد القائد العام لحرس الثورة أن الكيان الصهيوني قد فقد العناصر الاربعة لبقائه في العملية الأخيرة التي نفذها الفلسطينيون ، كما عجز الأميركيون عن فعل أي شيء قبل بدء هذه العملية، والآن وبعد تنفيذها نراهم يحاولون انعاش الكيان الصهيوني والتنفس الاصطناعي، ويستخدمون الآن كامل طاقتهم لإعادة المعادلة النفسية المتهشمة عبر إبادة الفلسطينيين، لكن هذا ليس ممكناً في الحقيقة، وتلك الهزيمة لايمكن التعويض عنها.
وشدد اللواء سلامي على أن نقاط ضعف هذا الكيان وضآلة عمقه الاستراتيجي، لا يمكن التعويض عنهما ، ان خط الدفاع الاول في المعركة هو أهم الخطوط حيوية وأقواها، وعندما ينهار خط الدفاع الامامي للكيان الصهيوني ، أين هو خط الدفاع الثاني ؟ وأين نقطة الايقاف ؟ ان هذا الامر يمكن تكراره والجميع أصبحوا يعلمون الآن، بعدم وجود مسافة كبيرة بين هزيمة الكيان الصهيوني في عملية عسكرية واحدة وبين الهزيمة النهائية له.
وأشار اللواء سلامي الى أن حالة الضياع الإجتماعي والإحباط والإضطراب والخشية الداخلية من اتساع دائرة الحرب، تلف الآن الأراضي المحتلة، وأن أميركا هي من تدير الهجوم على الفلسطينيين في غزة، وبالطبع فإن هذا عمل في غاية الخطورة، إن الوصفة الأميركية ليس فيها دواء ناجع لحل هذه القضية وكما فشلت الوصفة الأميركية في سوريا واليمن وأفغانستان والعراق، فإنها محكوم عليها بالفشل أيضاً بالنسبة للكيان الصهيوني.
وتابع، "نقول للأميركيين بأنكم صنعتم تاريخاً لدى الأمة الإسلامية مليء بالحقد والكراهية تجاهكم، ففي العراق كنتم تداهمون المنازل ليلا، ومارستم التعذيب في سجن ابوغريب، وسفكتم دماء مئات آلاف العراقيين، وفي النهاية ارغمتم على مغادرة العراق، فتدخلكم في العراق لم يجر على العراق الا القتل والابادة ولم تجنوا سوى فقد اعتباركم، و20 عاماً من تواجدكم في أفغانستان لم يكن له إنجاز إلا انسحابكم المذل، والحل الوحيد هو تغيير السياسات الاميركية والاعتراف بقيام الدول المستقلة في غرب آسيا، ولا سبيل أمام أميركا للنجاة من المستنقعات سوى هذا الطريق".