بداية مع صحيفة الديار التي رأت أنّ ارتفاع منسوب التوتر على الحدود الجنوبية لم يكن مفاجئًا، وكذلك التصعيد العسكري المحدود الذي لم يتجاوز حدود تبادل الرسائل النارية، فما يجري منذ مدة على السياج الحدودي، سواء في ادعاءات "اسرائيل" عن تجاوز المقاومة للخطوط الحمراء في مزارع شبعا عبر نصب خيمتين هناك او من خلال الاستفزازات اليومية عبر التجاوزات المتكررة للخط الازرق من قبل جرافات العدو، اعطى اشارات واضحة على منحى تصعيدي مضبوط عشية التمديد الروتيني للقوات الدولية ليونيفل.
لكن المشهد المتوتر زاد تعقيدا مع اكتمال الاحتلال العملاني للقسم اللبناني من قرية الغجر وضمه الى المناطق المحتلة في القسم السوري، ما استدعى بيانا شديد اللهجة، وذات دلالات واضحة من قبل حزب الله، سيكون له ما بعده حتما، اذا لم تتم معالجة الاحتلال الجديد بالطرق الدبلوماسية. وما شهدته المناطق الحدودية من تبادل لاطلاق القذائف، لم تتبناه المقاومة من الجانب اللبناني، كشف من جهة حالة من الارباك الاسرائيلي في التعامل مع الحدث اثر التخبط لساعات في محاولة تفسير ما جرى، وعكس حالة الغليان السائدة في منطقة حساسة وفق تعبير قوات اليونيفيل التي كررت دعوة الجميع للهدوء وضبط النفس، فيما المطلوب منها ازالة التعديات الاسرائيلية على الاراضي اللبنانية، منعا لاي احتكاك قد يخرج عن السيطرة.
كما تقول مصادر معنية بهذا الملفاشارت الى ان ما جرى كان بمثابة رسالة ميدانية مضبوطة تهدف الى منع "اسرائيل" من فرض الوقائع وتعديل قواعد الاشتباك.
فقبل نحو شهر من التجديد الروتيني لقوات اليونيفيل واصلت قوات الاحتلال الاسرائيلي استفزازاتها على الحدود جنوبا، وقد تصاعد التوتر بالامس من خلال استهداف المدفعية الاسرائيلية لمناطق مفتوحة في كفرشوبا ومزرعة حلتا، ردا على ما قالت انه اطلاق صاروخ استهدف منطقة مفتوحة قرب قرية الغجر التي استكمل الجيش الاسرائيلي احتلال القسم اللبناني وضمه الى القسم السوري المحتل... وقد بذلت قوات «اليونيفيل» جهودا حثيثة لتطويق الحادث ومنع تطوره إلى صدام واسع واجرت اتصالات بكافة الاطراف، محذرة من التمادي في التصعيد في منطقة تشهد تطورات حساسة» للغاية.
وبرز الارباك الاسرائيلي من خلال تناقض المعلومات والتصريحات طوال يوم امس، حيث نفت مصادر امنية اسرائيلية عند بداية الاحداث اطلاق اي قذيفة من الجانب اللبناني، كما نفى الناطق بلسان الجيش الإسرائيلي الخبر، وقال إنه لم يحصل أي إطلاق صاروخي في المنطقة، ورجّح أن يكون الانفجار ناجماً عن لغم أرضي قديم. ثم عاد وقال في بيان مقتضب، إن انفجاراً وقع على الجانب اللبناني خلف السياج الأمني بالقرب من قرية الغجر، ولم يذكر أي تفاصيل بشأن إطلاق صاروخ من الجنوب. وشدد على أنه لا يوجد حدث أمني داخل حدود "إسرائيل". تحذيرات المقاومة.
ووفقا، لمصادر معنية بهذا الملف، فانه يمكن اعتبار ما صدر عن حزب الله بمثابة البيان رقم واحد، وهو يحمل انذارا شديد للهجة لكافة الاطراف بضرورة تحمل مسؤولياتها، والا ستكون له خطوات عملية، لن يكشف عنها الآن، وانما ستكون رادعة وتعيد الامور الى نصابها، لكن المجال لا يزال راهنا مفتوحا امام المعالجات الدبلوماسية الهادئة. وما حصل بالامس كان رسالة واضحة لكل من يعنيهم الامر حول جدية المسألة، خصوصا ان القذيفة الصاروخية استهدفت حافة الجزء الجنوبي للقسم السوري من قرية الغجر، وهذا بالطبع ليس مجرد مصادفة.
تجدر الاشارة الى ان الأشغال الإسرائيلية لتثبيت السياج الجديد الذي ضمّ كامل الجزء الشمالي اللبناني من بلدة الغجر المحتلة إلى الأراضي السورية المحتلة، انتهى قبل ايام، وبذلك، باتت الغجر كاملة تحت الاحتلال الإسرائيلي وخارج السيادة اللبنانية، حتى في ظل عدم وجود أي جندي إسرائيلي على أرضها، وبات الجزء الشمالي من الغجر منفصلاً كلياً عن السيادة اللبنانية، وخارج الوصاية الكلية لقوات «اليونيفيل» التي لا يُسمح لها بالدخول إليها باعتبارها خارج نطاق عملها، وذلك في خرق واضح للقرار1701.