وأوضح الجماعي أنه رغم مقاطعة الغنوشي جميع الجلسات من محاكمة وتحقيق واستنطاق، إلا أن حكماً صدر ضده رغم أنه لم يحضر الجلسة، مؤكداً أن الغنوشي يواجه ثلاث قضايا، وبهذا الحكم أصبحت لديه بطاقتا إيداع بالسجن.
وأكد أن أي حكم قابل للاعتراض عليه، وبالتالي فهذا الحكم ليس باتاً.
يشار إلى أن ملف القضية يتعلق بشكاية كان قد تقدّم بها نقابي أمني ضدّ راشد الغنوشي، وذلك بخصوص عبارة "طواغيت"، التي اتهم الغنوشي بالتصريح بها أثناء تأبينه أحد قيادات حركة النهضة إثر وفاته، جنوبي تونس.
وفي وقت لاحق، أصدرت "جبهة الخلاص الوطني" المعارضة في تونس بيانا، دعت فيه إلى الكف عن التنكيل بالمعارضين.
وأوضحت أن الحكم الصادر "في حق الشيخ راشد الغنوشي، رئيس مجلس نواب الشعب المنتخب ورئيس حركة النهضة، بسبب كلمة تأبين ألقاها في مدينة قابس، ثمّن خلالها مناقب الفقيد قائلا إنه قضى حياته في مقاومة الطاغوت، وقد اعتبر أحد أعضاء النقابات الأمنية أن الأمنيين هم المقصودون بالطاغوت".
وأضافت أن "الغنوشي سبق أن مثل أمام قاضي التحقيق للرد على هذه التهمة الكيدية، ولكنه رفض المثول أمام الدائرة الجناحية معتبرا أن القضية ملفقة ولا سند لها في الواقع والقانون".
واعتبرت الجبهة أن "إيداع إحدى أبرز الشخصيات السياسية السجن بسبب تصريحات يقع تأويلها على خلاف منطوقها ومدلولها، يثبت من جهة أن السلطة لم تستطع إثبات أي أعمال مادية مجرمة في حق رئيس حركة النهضة وعموم السياسيين الموقوفين، وتقيم دليلا إضافيا من جهة أخرى على أن الاعتباط حل محل القانون في الحياة العامة، وأن لا أحد من المعارضين مهما كان موقعه أو انتماؤه في مأمن من مصادرة حريته والزج به في السجن".
ونبهت إلى أن "الحكم الصادر هذا اليوم يضاف إلى إيداع أكثر من عشرين شخصية سياسية بالسجن للشهر الثالث على التوالي، من دون حجة أو تبرير سوى كيل التهم جزافا والانحراف بالسلطة والقانون".
وأشارت إلى أنه "في سياق هذه التبعات الجائرة، يندرج إيقاف النائب الصحبي عتيق هذا الأسبوع والناشط السياسي يوسف النوري، اللذين يشنان إضرابا مفتوحا عن الطعام منذ تاريخ إيقافهما وحتى الإفراج وكف الضيم عنهما".
واعتبرت الجبهة أن "سياسة القمع هذه نتيجة مباشرة للانقلاب (انقلاب الرئيس التونسي قيس سعيّد) على الدستور والانفراد بالحكم المطلق، وهي ملاذ السلطة في وجه إخفاقها في إدارة الشأن الاقتصادي وفشلها في معالجة الأزمة المالية والاجتماعية الخانقة التي تجتازها البلاد".
وجددت التأكيد على أن "سياسة القمع لا تفرق بين المعارضين والمخالفين في الرأي، سواء كانوا سياسيين أو نقابيين أو إعلاميين أو قضاة أو محامين أو مدونين، وهي سياسة تدفع بالبلاد إلى عدم الاستقرار وخطر الانهيار".
وشددت على أن "واجب القوى السياسية والمدنية جمع كلمتها من خلال حوار وطني جامع لرسم خريطة طريق للخروج من الأزمة وإعلاء سلطة القانون وتجديد المؤسسات الدستورية من خلال انتخابات رئاسية وتشريعية مبكرة".
بدورها، أصدرت حركة النهضة بيانا ندّدت فيه بالحكم الصادر في حق الغنوشي، مشددة على أنه "حكم سياسي ظالم"، داعية إلى إطلاق سراحه فورا.
وقالت إن "الإيقافات الظالمة وغير القانونية تتواصل في حق المعارضين السياسيين وبطاقات الإيداع من دون التحقيق مع الموقوفين"، مشيرة إلى أن "السلطة تمر إلى المحاكمات السياسية الجاهزة، وذلك بعد إصدار حكم بالسجن في حق رئيس حركة النهضة الأستاذ راشد الغنوشي، على خلفية تأبينه أحد الصحافيين وذكر مناقبه في مقارعة الاستبداد والنضال من أجل الحرية والكرامة".
وأكدت النهضة أن "الغنوشي، المعتقل من أجل التعبير عن رأيه على خلفية تصريح مدلّس، لم يتردد أبدا في الحضور أمام قاضي التحقيق في مناسبات سابقة، ولكن لمّا تبيّن له التنكيل المتعمد به، قرر عدم المثول أمام قضاء خاضع للسلطة السياسية ولم تعد تتوفر شروط المحاكمة العادلة".
وذكّرت "بتصريحات وكتابات الأستاذ راشد الغنوشي المناهضة للتطرف والإرهاب والداعية للوسطية والاعتدال ونضاله الطويل من أجل الحرية والوحدة الوطنية".
وكان الغنوشي قد رفض، الثلاثاء الماضي، مغادرة سجن إيقافه بالمرناقية، وامتنع عن المثول أمام قاضي التحقيق في المحكمة الابتدائية بسوسة 2، في ما يُعرف بقضية "شركة أنستالينغو".
و"أنستالينغو" شركة مختصة في صناعة المحتوى والاتصال الرقمي بسوسة، وشملت التحقيقات فيها عدداً من الشخصيات، منها الغنوشي، ورئيس الحكومة الأسبق علي العريض، وسيد فرجاني، وشخصيات أمنية وإعلامية أخرى، فوجهت إلى المتهمين تهم "ارتكاب جرائم تتعلّق بغسل الأموال في إطار وفاق، والاعتداء المقصود به تبديل هيئة الدولة، وحمل السكان على مواجهة بعضهم بعضاً، وإثارة الهرج والقتل والسلب بالتراب التونسي، وارتكاب أمر موحش ضدّ رئيس الدولة، والاعتداء على أمن الدولة الخارجي، وذلك في محاولة للمسّ بسلامة التراب التونسي"، حسب القانون المتعلق بمكافحة الإرهاب ومنع غسل الأموال.
والأحد، حذرت حركة النهضة التونسية، في بيان، من خطورة "بعض الممارسات التي من شأنها المسّ بحقوق رئيس الحركة راشد الغنوشي"، المعتقل منذ 17 إبريل/نيسان الماضي، مشيرة إلى تفعيل شريحتي (خطي) هاتف له من طرف جهة غير معلومة وهو قيد الاعتقال.