جاء ذلك في كلمة ألقاها سماحته في احتفال أقامته المؤسسة الاسلامية للتربية والتعليم - مدارس المهدي (ع)، وذلك في الذكرى الثلاثين على تأسيسها اليوم الخميس، في ثانوية المهدي (عج) – الحدث.
استهل السيد نصر الله كلمته مباركاً للبنانيين الذكرى العطرة في الخامس عشر من شعبان ذكرى ولادة الامام المهدي (ع)، كما بارك لكل المعلمين والمعلمات عيد المعلم.
وقال سماحته: "ما نحن فيه هو نتيجة تضحيات الجميع منذ ثلاثين عاماً ودائماً أؤكد أننا لا ننسب الفضل لأي شخص لوحده فالإنجاز هو تعب الجميع".
أضاف السيد نصر الله: "مما لا شك فيه كما عُرض في التقارير ان المؤسسة تطورت بشكل طبيعي وتدريجي رغم كل الظروف الصعبة. تطورت المؤسسة على المستوى الكمي أي عدد المدارس والطلاب وعلى المستوى النوعي وتطوير المناهج والتعاون الخارجي والانفتاح على المدارس الأخرى، ورغم الصعوبات في فترة كورونا استطاعت المؤسسة ان تتأقلم وتتطور وتبذل الجهود المطلوبة حتى لا يتوقف جهد التعليم".
وتوجه إلى القيمين على مؤسسة التربية والتعليم بالقول: "في ظل الظروف المعيشية الصعبة صمودكم في المؤسسة في مواقع التعليم وصفوفكم هذا أمر يُقدر جداً. أؤكد إيماننا بكم كإدارة ومعلمين ومسؤولين ونعتبر أنكم كنتم لائقين بمستوى المسؤولية وستكونون دائما كذلك".
وأشار إلى أنه رغم الصعوبات في فترة كورونا استطاعت المؤسسة أن تتأقلم وتتطور وتبذل الجهود المطلوبة حتى لا يتوقف جهد التعليم، وقال: "نؤكد أننا سنبذل كل الجهود للحفاظ على بنية هذه المؤسسة وكادرها بالرغم من كل الظروف الصعبة وسنجد طريقة ما للتغلب عليها".
وأعلن السيد نصر الله أنه سيتم العمل على دعم مؤسسة التربية والتعليم "ليس فقط للحفاظ عليها بل لتطويرها وتوسعة ميدان عملها على كل صعيد".
ونبّه سماحته إلى أن كل شيء مفتوح أمام الأجيال الحالية نتيجة وجود الهاتف والانترنت في يد كل طفل وبدون ضوابط، واليوم الكثير مما هو عيب في عاداتنا وحرام في ديننا يُعمل على مسحه ليكون البديل هو التفلت، محذراً من "أن الإدارة الأميركية هادفة في نقل الثقافة الغربية الشيطانية إلى مناهجنا".
وأوضح السيد نصر الله أن من جملة المخاطر التي تتهدد الأجيال الحالية "المواد المخدرة وانتشار المخدرات"، مؤكداً "أن من يروج للمخدرات ويتاجر بها هو من أسوأ أنواع المفسدين في الأرض".
وقال: "إن التحصين هو الأساس والتربية هي المؤدية إلى ذلك وهناك صرخة في مدارس الغرب نتيجة التفلت وعدم التحصين، وهناك من لديه علم ويستغل الناس والاستفادة من أسوأ الظروف لاستغلالهم ولذلك نؤكد على التربية".
وأشار السيد نصر الله إلى أن وظيفة المعلم والمعلمة والمؤسسة التربوية بأن لا تبقى فقط مهنة بل يجب أن يُضاف إليها روح رسالية وإنسانية، موضحاً أن المطلوب من المعلم في المدارس أن يكون رسالياً أي أن يكون همه استفادة الطلاب ونجاحهم وتفوقهم.
ولفت سماحته إلى أن "الأستاذ قدوة لذلك عليه أن ينتبه لسلوكه وتعاطيه مع الطلاب لأنه يمارس الدور التربوي وبالتالي هو يطبع شخصيته على هؤلاء الطلاب"، وأن مسؤولية المؤسسة بالدرجة الأولى هي "بناء أجيال ترفض الظلم والطغيان وتؤسس للعدالة".
وأوضح أن الظروف التي استجدت مؤخرًا أثّرت على كل أطراف العملية التربوية، وتأثرت رواتب المعلمين وأصبحت الرواتب لا تقدم ولا تؤخر، وتأثرت أيضاً المؤسسات التربوية، ولذلك هناك مخاطر على وجود القطاع فالمدارس الرسمية أغلقت فترة طويلة.
وتابع السيد نصر الله: "في المدارس الخاصة أنا أقدّر أنهم يريدون زيادة الأقساط لتحسين رواتب المعلمين لكن هل يمكن ألا نربح هاتين السنتين أو نربح بشكل معقول ومتواضع... اعتبروها مساهمة إنسانية أو مساعدة أو عملية إنقاذية"، مشيراً إلى أن "هناك مدارس خاصة مصرّة على الربح الوفير ولدي أرقام على ذلك.. هناك جشع بشع عند بعض التجار ونحن نطلع على الأسعار فوجدنا أن هناك شيئاً لا إنسانياً ومتوحشاً".
وتطرق السيد نصر الله إلى إضراب المعلمين والأساتذة في المدارس الرسمية والجامعة اللبنانية، وقال: "المعلمون معهم حق، وأقدموا على إضراب فبات العام الدراسي في خطر، وعلى الحكومة تنفيذ ما قدّمته للمعلمين".
ودعا سماحته المعلمين أن يعتبروا ما تبقى من العام الدراسي "مساهمة انسانية وأخلاقية وهذا من العمل الصالح الذي تجدونه حاضرًا يوم القيامة"، وأن يواصلوا العام الدراسي وعدم العودة إلى الإضراب.
واعتبر السيد نصر الله أن "أكثر ما نحتاج إليه في هذه الأيام روح الأمل"، وقال: "إن الله أعدّ للبشرية منقذان ومخلصان عظيمان هما السيد المسيح والإمام المهدي عليهما السلام".
وتابع: ""الإسرائيلي" عندما احتل لبنان اشتغل على بثّ روح اليأس الذي له نتائج سياسية واجتماعية وأخطر نتائجه هو القبول بالاحتلال بعيداً عن كرامتك وسيادتك وشرفك... المقاومة واجهت وقاومت وفرضت معادلة أننا نستطيع أن نهزم هذا العدو فكانت المقاومة التي صنعت انتصارات سريعة".
وشدد على أن "المقاومة هي الأمل التي صنعت انتصارات سريعة ضد العدو "الإسرائيلي"، موضحًا أن المقاومة استمرت عام 2000 بهذا الأمل وعام 2006 صمدت المقاومة بالأمل".
وأضاف: "مضت سنوات قليلة وتبين سقوط مشروع الشرق الأوسط الجديد ومشروع أميركا في العراق بفعل الأمل والمقاومة... في ما مضى أيضاً وبهدف تعزيز روح اليأس لدينا من أهم الوسائل كانت القتل والمجازر والتهجير وهدم المنازل".
ولفت إلى أن مجزرة بئر العبد التي استشهد فيها ما يزيد عن 75 شهيداً وكانت أميركا هي التي أرسلت سيارة مفخخة، كانت بهدف بث روح اليأس، مؤكداً أن بعض الذين يدعون السيادة في بلدنا أيديهم متورطة بالدم في تفجير مجزرة بئر العبد".
وأشار السيد نصر الله إلى أن أكثرية الشهداء الذين سقطوا في مجزرة بئر العبد كانوا نساءً وأطفالاً، منوّهاً إلى أن المجزرة أرتكبت في اليوم العالمي للمرأة.
وأكد أن "هدف مجزرة بئر العبد كان بثّ الرعب واليأس في قلوبنا وكانت محاولة اغتيال السيد فضل الله ضربة قاسية لنا".
وتابع السيد نصر الله: "كل من يهددنا بالقتل وبالحرب العسكرية والتجويع فهذا لا يهددنا ولو قتلتم نساءنا وأطفالنا ورجالنا لا يمكن أن نشعر بالضعف أو الوهن لأننا نعتمد على الله ونثق بشعبنا... لا تتوقعوا منا استسلاماً وانصياعاً وخضوعاً".
وتوجه إلى اللبنانيين قائلاً: "إن الرسالة الأساسية يجب أن تكون عدم اليأس لأن نتيجة اليأس الاستسلام، والمطلوب منّا الاستسلام"، مؤكداً أن "أبواب الحل موجودة ولا يجب ان نستسلم للشروط الدولية والاقليمية والذين استسلموا لم ينجوا".