وقالت مجلة "ريسبونسبل ستيت كرافت" إنّ البيت الأبيض والكونغرس والصحافة يصرون على أنّ "أوكرانيا هي الضحية البريئة، وأن القوات الروسية ستهدد أوروبا بأكملها إذا لم يتم إيقافها، وأنّ الولايات المتحدة يجب أن تقف إلى جانب أوكرانيا طالما استغرق الأمر لضمان النصر".
وأشارت المجلة إلى أنّ "الخروج عن هذا الإجماع أمر شبه مستحيل، وحتى في الفترة التي سبقت غزو العراق عام 2003 صرخت بعض الأصوات المنعزلة من أجل ضبط النفس، لكن منذ أن انغمست واشنطن في حرب أوكرانيا أصبح من الصعب العثور على مثل هذه الأصوات".
وتابعت: "من الهرطقة، إن لم يكن خيانة، أن نقترح أن تتحمل جميع أطراف النزاع الأوكراني بعض اللوم، وأن تجادل بأنّ الولايات المتحدة لا ينبغي أن تصب أسلحة متطورة في منطقة حرب نشطة، أو أن نتساءل عما إذا كان لدينا أي مصلحة حيوية في هذا الصراع".
وأوردت المجلة أنّه في "أروقة السلطة السياسية بواشنطن، أصبحت أوكرانيا فكرة شبه صوفية، إنه ليس مكاناً جغرافياً بقدر ما هو مستوى كوني تتكشف فيه معركة حاسمة من أجل مستقبل البشرية".
ووفق المجلة، فإنّ الولايات المتحدة قدمت الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي "كبطل عالمي جديد للحرية".
لكن في المقابل، جرى تصوير الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على أنّه يمتلك "كل الصفات الحقيرة والمنحلة"، فهو يلبي الحاجة إلى "تركيز الكراهية ليس على بلد أو حركة أو فكرة - وهذا منتشر للغاية - ولكن على الفرد".
وتابعت: "لسنوات، احتفلنا بتفوقنا الأخلاقي على الأعداء الملونين مثل فيدل كاسترو ومعمر القذافي وصدام حسين. يتناسب بوتين تماماً مع هذه الكوكبة، وإن وجود مثل هذا العدو الشرير الكارتوني يكاد يكون مطمئناً مثل وجود القديس زيلينسكي كحليف".
وبحسب المجلة، لا يوجد بلد في حالة حرب، بشكل مباشر أو بالوكالة، يشجع النقاش بشأن ما إذا كانت الحرب فكرة جيدة.
وأضافت: "الولايات المتحدة ليست استثناء، حيث قام أبراهام لينكولن ووودرو ويلسون بسجن منتقدي الحروب التي خاضوها، وتمت محاكمة بعض معارضي حرب فيتنام"، موضحةً أنّ "الغياب الشبحي للجدل بشأن انخراط الولايات المتحدة مع أوكرانيا يمثل آخر انتصار لتشكيل السرد الرسمي".
ويجري حشد الأميركيين بسهولة لكراهية أي بلد يُطلب منهم أن يكرهوه، إذا كانت هذه الدولة هي روسيا، وفق المجلة.
أما السياسيون في واشنطن "فيعتقدون أنّه قد يتم مسامحتهم لأنّهم قفزوا إلى ممر حرب أوكرانيا، ويفترضون أنّ الناخبين، الذين لديهم مخاوف أكثر إلحاحاً، لن يعاقبوهم وأن صانعي الأسلحة سيكافؤونهم بسخاء".
ومن الأمور التي ركزت عليها المجلة هي دور الصحافة في الحرب في أوكرانيا، إذ أصبحت إلى حد كبير المشجع الرئيسي للسرد الرسمي لأوكرانيا.
وأشارت إلى أنّ عدم التوازن في التقارير يقود إلى افتراض أنّ الجيش الأوكراني لم يرتكب أي جرائم حرب، كما هو الحال حين قوبل التقرير الصادر عن منظمة العفو الدولية بشأن استخدام الأوكرانيين للدروع البشرية في المعركة بالغضب والإدانة.
وتابعت المجلة: "يبدو أن الكثيرين ممن يكتبون عن هذا الصراع يعتقدون، كما فعل أسلافهم خلال الحرب الباردة، أنّ حكومة الولايات المتحدة هي فريق وأنّ الصحافة لها دورها في ضمان النصر لفريقنا".
وشددت المجلة أنّ المهمة الأساسية هي تحدي الروايات الرسمية، وليس تضخيمها بلا تفكير، وأنّ هذا هو الفرق بين الصحافة والعلاقات العامة.
وختمت المجلة بالقول إنّ "الإجماع الخانق الذي يربط الأحزاب الأميركية السياسية ووسائل الإعلام يمنع النقاش العميق".