وأعتبر ربيقة أنّ "هذه التفجيرات استهانت بحياة الإنسان ومستقبل الأجيال في الجزائر"، لأن آثار التفجيرات وإشعاعاتها في برقان (أدرار) واينيكر (تمنراست) شملت كل عناصر الطبيعة.
وأضاف ربيقة خلال إشرافه على أشغال لقاء علمي نظم بشأن التفجيرات النووية الاستعمارية في حموديا برقان، أقصى جنوب الجزائر، في ذكراها الـ63، أنّ "هذه المناسبة أصبحت تاريخاً مشؤوماً لدى الجزائريين، وكل سكان الأرض يستبصرون من خلالها الأخطار والمآسي الناجمة عن هذه التفجيرات النووية".
وأشار إلى أنّ تلك التفجيرات النووية "سممت المحيط ولوثت الغلاف الجوي، وخلفت وفيات وتشوهات في الأجنة، وأتلفت أنواع لا حصر لها من النباتات التي كانت تزخر بها المنطقة، فتسببت بالتصحّر وتفشي أمراض عدة، والأخطر من ذلك كله الإرهاصات المنتظرة على الشفرة الوراثية للإنسان والحيوان والنبات".
وتابع: "هذه المكونات ستكون كلها عرضة لطفرات وتغيرات لا يمكن التكهّن بمداها، لما تحمله من أخطار ظاهرة وكامنة على عوامل الحياة بالمنطقة".
ودعا ربيقة العلماء والباحثين المختصين في المجالات المتصلة بالظاهرة على المستويات البيولوجية والأيكولوجية والجينية إلى "تسليط الضوء على هذه المخاطر، للوصول إلى دراسات أعمق، تضمن توفير الجانب العلمي للتكفل بآثار هذه الجريمة الاستعمارية".
كذلك، جرت الإشارة إلى أنّ إجمالي عدد التفجيرات والتجارب النووية في جنوب الجزائر بلغ 60 تفجيراً، وتجربة سطحية وباطنية بلغت قوتها الإجمالية 700 كليو طن.
وأبرز المشاركون في اللقاء أنّ التفجيرات النووية الفرنسية'>التفجيرات النووية الفرنسية في الجزائر كانت "جريمة دولة ضد الإنسانية، تمت بتخطيط من سلطات فرنسية، وتصميم علماء فرنسيين، وتنفيذ عسكريين فرنسيين"، جرى تكريمهم من طرف فرنسا، وحظي بمباركة ساسة فرنسيين ودعم دبلوماسيين فرنسيين، ما يؤكد أنّ "الدولة الفرنسية وبكل مكوناتها كانت ضالعة في هذه الجريمة النووية".
ودعوا إلى "إعادة التحقيق في ظروف إجراء تلك الجريمة النووية التي انطوت على خديعة مبيتة حول خطورة التفجيرات النووية الفرنسية"، التي ادعت فرنسا "سلميتها"، وبأنّ أهدافها كانت "علمية".
ورغم مرور زهاء ستة عقود على استقلال الجزائر عن الاحتلال الفرنسي، تظل ملفات الإرث الاستعماري عالقة بين البلدين، ولعل ملف التجارب النووية يُعَدُّ من أهم النقاط الخلافية بين حكومتَيْ باريس والجزائر العاصمة، خصوصاً أنّ معاناة سكان المناطق التي احتضنت هذه التجارب ما زالت قائمة حتى يومنا هذا.
ولم يكن اختيار فرنسا للجزائر لتشهد هذا الحدث المرعب مفاجئاً. فمنذ أواخر الخمسينيات، قرَّرت السلطات الفرنسية أن تكون صحراء الجزائر مسرحاً لعمليات تفجير القنبلة النووية التي تعمل عليها. ففي كانون الثاني/ يناير 1957، زار الجنرال شارل إيلغيي المناطق المرشَّحة من أجل اختيار المكان الأصلح للقيام بالتجارب الأولى، حيث أعدَّ تقريراً تقنياً خلص إلى أنّ منطقة تنزروفت جنوب الجزائر، هي الأنسب لاحتضان هذا النوع من التجارب.
وشكَّلت القنبلة الأولى بداية سلسلة طويلة من التجارب النووية التي وصل عددها إلى 57 تجربة فُجِّر خلالها 17 قنبلة نووية، أربع منها بالجو وكانت ملوثة للغاية، ثم بعد ذلك 13 قنبلة باطنية وسط الجبال.
وقالت فرنسا على منبر الأمم المتحدة إنها "اختارت الصحراء الجزائرية للقيام بتجاربها النووية كون المنطقة مهجورة وقاحلة وغير مأهولة بالسكان"، وهذا ما تكذّبه الوقائع.