وناقشت الندوة القضايا التي تهم المسلمين والمؤسسات الإسلامية في أوروبا والتحديات التي تواجهم، لاسيما الإسلاموفوبيا، وسبل تقليل انعكاساتها.
وتطرقت إلى الأحداث السياسية العالمية الأخيرة وانعكاسها على الوجود الاسلامي في أوروبا وخاصة الحرب الدائرة بين روسيا وأوكرانيا.
وشارك في الندوة من بريطانيا الكاتب والمحلل السياسي الأستاذ عادل الحامدي، ومن تركيا نائب رئاسة الشؤون الدينية التركية السيد سليم أرقون، والكاتب والمحلل محمود عثمان.
وأدارت الندوة الناشطة في المجال الحقوقي والاجتماعي من بريطانيا السيدة رغد التكريتي.
ودعا المشاركون إلى تفعيل الوجود الإسلامي في الغرب، وترجمة مفهوم المواطنة على أكمل وجه، بما يدعم أسس الاستقرار والسلام للمسلمين في الدول الأوروبية، التي أصبحوا جزءا أصيلا فيها.
وقدم الدكتور سليم أرقون نائب رئيس الشؤون الدينية في تركيا، عرضا مفصلا عن التعاطي التركي الرسمي مع قضايا المسلمين الأتراك والمسلمين عامة في أوروبا، أكد فيه على وجود صعوبات كبيرة يضعها السياسيون الغربيون أمام المؤسسات الإسلامية العاملة في أوروبا.
وذكر أن تركيا التي لها مؤسسة خاصة بالشؤون الدينية وضمنه قسم خاص بالمسلمين في الغرب، تبذل جهودا كبيرة من أجل الإسهام في الحفاظ على الهوية الإسلامية، وإعداد الأجيال الأوروبية في مؤسسات جينية تأخذ بالمناهج التعليمية الحديثة وتقدم الفهم المعتدل والمتسامح للإسلام الحقيقي، بعيدا عن المفاهيم المتطرفة والمنحرفة.
وأشار إلى أن لمؤسسة الشؤون الدينية التركية مشاريع تعليمية في عدد من الدول الأوروبية، وأنها تعد أئمة ووعاظا يتخرجون بشهادات علمية معتمدة في الدول الغربية. وفق صحيفة "عربي21".
ولاحظ أرقون أن مؤسسته تعي جيدا المخاوف التي يروج لها البعض مما أسماه بـ"الإسلام القنصلي"، أي الإسلام الذي يأخذ تعليماته من قنصليات بعض الدول الإسلامية في الغرب، وأيضا ما أسماه بـ"الإسلام الأوروبي"، الذي يسعى دعاته لعزل مسلمي أوروبا عن بقية مسلمي العالم، وتقديم مفاهيم غير دقيقة عن الإسلام، بشكل من شأنه أن يضر بالقيم الإسلامية الحقيقية.
من جانبه شارك مسؤول قسم أفكار بصحيفة "عربي21"، عادل الحامدي بورقة، ركز فيها على الحالة البريطانية، والأريحية التي تتعامل بها المؤسسات الحكومية الرسمية مع الأقلية الإسلامية.
وذكر الحامدي أن المسلمين البريطانيين الذين هم أصحاب الديانة الثانية في بريطانيا بنسبة تفوق الـ5% من عدد سكان بريطانيا، يمتلكون مجالات واسعة للفعل في الساحة البريطانية، وأن القوانين البريطانية تحفظ لهم حقوقهم الدينية، على الرغم من ظهور بعض الدعوات المعادية للإسلام.
وأكد الحامدي أن ظاهرة إقالة رئيسة اتحاد الطلبة البريطانيين شيماء دلالي ووقف عمل لجنة التحقيق في كراهية المسلمين داخل حزب المحافظين، وغيرها من مظاهر التضييق على المسلمين في بريطانيا، ليست إلا انعكاسا لحجم نفوذ اللوبي الموالي للاحتلال الإسرائيلي في المملكة المتحدة، وأن هذا دليل على جدية الوجود الإسلامي في بريطانيا.
أما المداخلة الثالثة فكانت للباحث السوري محمود عثمان، وكانت حول تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية على الأقليات الإسلامية في أوروبا من بوابة تأثيرها على تركيا..
وقدم عثمان عرضا مفصلا أشار فيه إلى أن الحرب مدمرة في كل الأحوال، وأن تداعيات الحرب على العالم جميعا كانت بائسة، وأن تركيا تأثرت من ذلك، لجهة غلاء الأسعار، لكنه أكد أن علاقات الانفتاح التركية مع جميع الأطراف ذات الصلة بالحرب الروسية الأوكرانية مكنها من إبداع حلول لعلاج التداعيات الاقتصادية الهائلة للحرب.
وشهدت الجلسة نقاشا مطولا شارك فيه عدد من قيادات العمل الإسلامي الأوروبي قدموا إلى إسطنبول من عدد من الدول الأوروبية شرقا وغربا.. قبل أن يقدم الدكتور عصام عميش رئيس التحالف الليبي-الأمريكي مداخلة حول الوجود الإسلامي في أمريكا، الذي وصفه بأنه وجود فاعل ويتمتع بهامش كبير من الحريات على خلاف ما يشاع.
وأكد عميش، أن الأجيال الجديدة من مسلمي أمريكا، أصبح لهم الآن وجود في المؤسسات التشريعية، (الكونغرس) وأن وجودهم تطور ليشمل مجالس الولايات والمجالس المحلية في عدد من الدوائر الأمريكية.
وتأتي ندوة تحديات الوجود الإسلامي، التي دعا لها مجلس مسلمي أوروبا، على هامش اجتماعات مجلس شورى المجلس، الذي يناقش بالإضافة لقضاياه التنظيمية، سبل التعاطي مع تصاعد موجة اليمين المتطرف في عدد من الدول الأوروبية.
وكان لافتا للانتباه حضور عدد من الرؤساء السابقين لمجلس مسلمي أوروبا، بدءا من أحمد الراوي وشكيب بن مخلوف وسمير الفالح، وهي رسالة لأن المجلس معني بتكريس سنة التداول على المسؤوليات في إدارة الشأن الخاص بالمسلمين في الغرب.
يذكر أن مجلس مسلمي أوروبا هو الاسم الحديث لاتحاد المنظمات الإسلامية في أوروبا، الذي تم الإعلان عنه في بريطانيا نهاية العام 1989، وهو هيئة إسلامية أوروبية جامعة تشكل إطاراً موحداً للمنظمات والمؤسسات والجمعيات الإسلامية الأوروبية الأعضاء فيه.. ويضم المجلس اليوم هيئات ومؤسسات ومراكز في 27 بلداً أوروبياً.
ويسعى المجلس إلى الحفاظ على الوجود الإسلامي في أوروبا والارتقاء بمستواه العام وخدمة مصالحه وتمكينه من أداء رسالته في التعريف بالإسلام والدعوة ضمن الأطر القانونية الأوروبية.