موضوع البرنامج:
دلالات لقب القائم
من صفات انصار المهدي(ع) البدء بأحاديث معرفه الامام(ع) في منهج السيد علي القاضي في تربية طلاب السيروالسلوك
التفاعل والتجسيد الوجداني لمعرفة الامام(ع) في دعاء الندبة

قال رسول الله صلى الله عليه وآله: (والذي بعثني بالنبوة انهم ليستضيئون بنوره وينتفعون بولايته كالانتفاع بالشمس إن سترها سحاب).

المذيع: بسم الله الرحمن الرحيم. الحمدلله والصلاة والسلام على صفوة خلقه محمد وآله اللهم صل على ولي أمرك القائم المؤمل والعدل المنتظر وحفه بملائكتك المقربين وأيده بروح القدس يا رب العالمين.
السلام عليكم مستمعينا الاكارم ورحمة الله وبركاته، أهلاً بكم ومرحباً في الحلقة التاسعة والاربعين بعد الثلاثمائه من حلقات هذا البرنامج وفي محطتها الاولى نتناول الحديث عن أحد الالقاب المشهورة للامام المهدي ارواحنا فداه وهو لقب القائم الذي ورد ذكره في كثير من الاحاديث الشريفة والادعية والزيارات المروية عن اهل بيت النبوة عليهم السلام ومنها الدعاء الذي اخترنا منه المقطع الذي افتتحنا به هذه الحلقة وهو دعاء الافتتاح المندوب لتلاوته في ليالي شهر رمضان المبارك. وقد اشتمل على عدة فقرات من الدعاء للامام المهدي عليه السلام كانت بدايتها الفقرة المتقدمة. وقدجاء وصفه عليه السلام بثلاثة القاب من القابه، الاول عام يشترك فيه مع باقي آبائه عليهم السلام وهو ولي الامر. والثاني وهو لقب القائم اختص به اكثرمن باقي آبائه. أما الثالث فقد اختص به عليه السلام بالكامل.
روى الشيخ الصدوق في كمال الدين والخزاز في كفاية الاثر مسنداً عن يونس ابن عبد الرحمن قال: "دخلت على موسى ابن جعفر عليهما السلام فقلت له يابن رسول الله أنت القائم بالحق؟ فقال أنا القائم بالحق ولكن القائم الذي يطهر الارض من اعداء الله عزوجل ويملأها عدلاً كما ملئت جوراً وظلما هو الخامس من ولدي له غيبة يطول أمدها خوفاً على نفسه يرتد فيها اقوام ويثبت فيها آخرون. ثم قال عليه السلام طوبى لشيعتنا المتمسكين بحبلنا في غيبة قائمنا الثابتين على موالاتنا والبرائة من اعدائنا اولئك منا ونحن منهم قد رضوا بنا أئمة ورضينا بهم شيعة فطوبى لهم ثم طوبى لهم وهم والله معنا في درجتنا يوم القيامة".
وروي في كتابي كمال الدين وكفاية الاثر ايضاً مسنداً عن السيد عبد العظيم الحسني رضوان الله تعالى عليه قال: "دخلت على سيدي محمد ابن علي عليه السلام يعني الامام الجواد عليه السلام وأنا أريد أن اسأله عن القائم أهو المهدي أم غيره؟ فابتدأني قبل أن أسأله فقال لي يا ابا القاسم ان القائم منا هو المهدي الذي يجب ان ينتظر في غيبته ويطاع في ظهوره هوالثالث من ولدي" وفيهما ايضاً مسنداً عن الامام الجواد عليه السلام قال "إن الامام بعدي ابني علي امره امري وقوله قولي وطاعته طاعتي والامام بعده ابنه الحسن ان من بعد الحسن ابنه القائم بالحق المنتظر" فسأله الراوي يا بن رسول الله لم سمي بالقائم؟ قال "لانه يقوم بعد موت ذكره وارتداد اكثر القائلين بإمامته".
وروى الشيخ المفيد في كتاب الارشاد عن الامام الرضا عليه السلام أنه قال: "إذا قام القائم عليه السلام دعا الناس الى الاسلام جديداً وسمي بالقائم لقيامه بالحق" وفي رواية للشيخ الطوسي في كتاب الغيبة عن الامام الصادق عليه السلام قال: "إنه يقوم بأمر عظيم"، وفي رواية للصدوق عن الامام الباقر سلام الله عليه ذكر أن سبب تسمية المهدي بالقائم هوكونه الذي ينتقم به الله من قتلة الحسين عليه السلام وقال مؤلف كتاب الذخيرة (إن المهدي مسمى بلقب القائم في الزبور الثالث عشر وأن معنى هذا اللقب هو أنه القائم بأمرالله تعالى لانه دائب في الليل والنهار بإعداد أمر الله عزوجل لكي يظهر فور حصول الأذن الالهي) ولذلك وصف بعض الاولياء الامام المهدي ارواحنا فداه بأنه ومنذ بدء غيبته في حالة التأهب القصوى استعداداً وانتظاراً لظهوره عجل الله فرجه.
تبين النصوص الشريفة المتقدمة جملة من الدلالات المهمة التي يشتمل عليها هذا اللقب المبارك من القاب مولانا المهدي ارواحنا فداه. اولها أنه عليه السلام قائم بأعباء الامامة وبأمر الله في زمان غيبته ايضاً كما أنه يقوم في غيبته الطويلة بالأعداد والتمهيد لظهوره عجل الله تعالى فرجه الشريف. أي أن الامامة غير معطلة ولا مجمدة في عصر الغيبة هذا اولاً وثانياً فان في هذا اللقب الشريف دلالة تنبيهية للمؤمنين تحذرهم من أن يسمحوا بموت ذكره في قلوبهم بسبب طول أمد الغيبة وعليهم ان يحذروا من السقوط في أسر الغفلة عن كونه عليه السلام هو القائم بأمرالله في غيبته الطويلة ويهتموا بأمر الثبات على الايمان القلبي والوجداني بأمامته وقيامه بمهامها طوال غيبته فلا تقسو قلوبهم عن ذكره والتفاعل الوجداني النقي مع قضيته بسبب طول الغيبة فهذه الغفلة والقسوة القلبية هي إحدى مصاديق الردة والارتداد عن الايمان الصادق به التي يشير حديث الامام الكاظم عليه السلام المتقدم الى سقوط اكثر القائلين بأمامته عجل الله فرجه فيها بمعنى أنهم يقولون نظرياً بأمامة المهدي لكنهم يرتدون قلبياً عن ذلك.
ونلاحظ مستمعينا الافاضل في مواعظ آية الله العظمى العارف الشيخ محمد تقي بهجت تأكيدات كثيرة على هذه الدلالة التنبيهية المتقدمة فهو يقول مثلاً: إنما هو اهم من الدعاء بتعجيل فرج مولانا المهدي عجل الله فرجه الدعاء من الله بحفظ الايمان وثبات العقيدة والنجاة من انكاره عليه السلام. فالخروج من العقيدة الصحيحة علة الموت الأبدي والخلود في النار ولذلك فأن من مهمات الادعية والدعاء الذي أمر المؤمنون بتلاوته في عصر الغيبة وهو "يا الله يا رحمن يا رحيم يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك"، إنتهى قوله حفظه الله ويلاحظ أن المطلوب في الدعاء هو تثبيت القلب على الايمان فهذا أهم من الايمان النظري.
وتتضح مما تقدم اعزاءنا المستمعين إحدى الصفات المحورية لانصار المهدي ارواحنا فداه في غيبته وهي صفة عدم الغفلة عن ذكره والتفاعل الوجداني مع قضيته والايمان القلبي بقيامه بأمرالله في غيبته مهما طالت. ولا يخفى أن من الوسائل المهمة لذلك هو التعمق في معرفة إمام العصر عليه السلام وتقوية المحبة والمودة الفطرية له عجل الله فرجه. وخير منابع هذه المعرفة هو الاحاديث الشريفة التي بينت مقاماته ارواحنا فداه ولاريب أن المعرفة بامام زماننا هي منبع كل خير وفاتحة السير والسلوك إلى الله عزوجل لانها باب معرفة الله، يقول بعض تلامذة استاذ عرفاء الامامية في القرن الأخير آية الله السيد علي القاضي كانت سنة المرحوم السيد علي القاضي في تربية السالكين إلى الله تقوم على محور ثابت هوالبدء بتدريس وتوضيح الاحاديث الشريفة المتحدثة عن غيبة إمام العصر وظهوره عجل الله فرجه.
وقبل الانتقال ايها الاخوة والاخوات إلى فقرة الحوار مع ضيف البرنامج نشير الى أن لقب القائم من الالقاب التي سجلها ديوان الشعر العربي في وقت مبكر كأهم القاب المهدي الموعود عجل الله فرجه. فقد لاحظنا أن الشاعر الشهير ابوتمام الطائي قال في قصيدته التي مدح بها الامام الجواد عليه السلام وهو يذكر تتمة الائمة الاثني عشر.

والزكي الامام مع نجله القائم

مولى الانام نور الظلام

المذيع: بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم احباءنا ورحمة الله وبركاته. في هذه الفقرة من فقرات البرنامج وفي هذه الحلقة نختم الحديث الذي فتحناه منذ عدة حلقات مع سماحة الشيخ محمد السند عن دعاء الندبة الشريف وهو من اعظم الادعية ومن اهم الادعية المرتبطة بتربية المؤمنين على روح نصرة الامام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف والتمسك بولايته في غيبته، سماحة الشيخ محمد السند بينتم جزاكم الله خيراً في الحلقات السابقة كثيراً من الدلالات والقبسات النورانية في الواقع المستفادة من هذا الدعاء الشريف، لا يتسع الوقت لتلخيص لها ولكن اطلب من سماحتكم في هذه الحلقة وهي الحلقة الختامية أن تبينوا لنا الثمرة الاساسية من هذا الدعاء الشريف وكيف ينبغي للمؤمنين أن يدعو به.
الشيخ محمد السند: بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على افضل الانبياء والمرسلين محمد وعلى آله الطاهرين. وبعد في الواقع ربما المغزى المحوري في دعاء الندبة والثمرة الكبيرة الجمة في دعاء الندبة هو عكس العقيدة التي هي عقيدة اعتقادية او نستطيع أن نقول نظرية بامامة الامام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف وحياته ووجوده ودوره الفاعل عكس هذه العقيدة وانعكاسها وترجمانها على الجانب العملي.
المذيع: نعم.
الشيخ محمد السند: فحينئذ الانشداد الذي يولده دعاء الندبة أثمرما يثمره هو التعايش العملي والترجمان العملي لتلك العقيدة.
المذيع: صحيح.
الشيخ محمد السند: لان إن لم يكن للعقيدة ترجمان عملي في الواقع هذه العقيدة ستكون جافه تجريدية من ثم مما إمتاز به مذهب أهل البيت عليهم السلام عن بقية المذاهب الاسلامية أن في مذهب أهل البيت ليست هناك عقيدة بالتوحيد جافة وتجريدية أو عقيدة برسالة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم والمعاد ايضاً جافة تجريدية.
المذيع: نعم.
الشيخ محمد السند: بل هناك ترجمان عملي لعقيدة التوحيد والمعاد والنبوة وهي توحيد في التشريع والمعاد وهو توحيد في الغاية والخلوص، ترجمان عملي في مقام العمل وهو الطاعة.
المذيع: نعم.
الشيخ محمد السند: الامامة يعني الطاعة.
المذيع: وليست طاعة عادية، طاعة مقترنة بالمحبة والحب بهذا الوقود يعني الذي....
الشيخ محمد السند: نعم والطاعة.
المذيع: وإلا هنالك قد تطيع شخصاً وأنت لا تحبه.
الشيخ محمد السند: نعم.
المذيع: هذه الطاعة لايمكن أن تشكل...
الشيخ محمد السند: فلم تكن حينئذ طاعة.
المذيع: حقيقية نعم.
الشيخ محمد السند:تقف هذه الطاعة عند حد وثم في الواقع تنتهي بخلاف ما إذا كانت الطاعة وليدة المحبة فلن يكون هناك امد لتلك الطاعة مادام المنبع وهو المحبة يغذيها ويولدها.
المذيع: نعم.
الشيخ محمد السند: فبالتالي في الواقع إذن عملية الترجمان العملي نفس الامامة وإن كانت هي من اصول العقيدة لانها ترجمان عملي للتوحيد. لانه نوع من توحيد الله في مقام العمل والحاكمية السياسية التي لانجد هذا اللون من الوان التوحيد بهذه الدرجة من الايمان ربما غير عند مذهب اهل البيت، بل تحقيقاً عند غير مذهب اهل البيت. فأذا كانت إذن الامامة هي نافذة من نوافذ التوحيد وهي الطاعة العملية. اذن هذه النافذة كيف حينئذ تكون مترجمة على صعيد السلوك وصعيد التعايش النفسي والحياة النفسية في الفرد وفي المجتمع، إلا بأن يكون هناك انشداد إذن للطاعة ونوع من شدة المحبة والمتابعة والانقياد. وهذا لايمكن توليده كما ذكرنا إلا بكثرة الذكر والتوجه والتوسل، فكيف أن في العبادة فيها الذكر الاعظم لله تعالى ثم لرسوله ايضاً صلى الله عليه وآله ثم لأهل بيته بالصلاة على محمد وآله في التشهد.
المذيع: اللهم صل على محمد وآل محمد.
الشيخ محمد السند: نعم وفي تسليم الصلاة وما شابه ذلك، ففي الواقع إذن العبادة كيف هي من أهم ثمراتها حالة التوجه. إذن التوجه لله ولرسوله ولاوليائه هذا التوجه والذكر والالتفات والانشداد مطلوب على الدوام.
المذيع: نعم.
الشيخ محمد السند: وهذا لا يؤمنه إلا ماذا؟ إلا نوع من التوجه عبر الزيارة او التوسل او الدعاء او ماشابه ذلك. من ثم دعاء الندبة الظريف سمي من قبل محدثين بعدة تسميات سمي بزيارة سمي بدعاء سمي بتوسل.
المذيع: نعم.
الشيخ محمد السند: سمي بتوجه بهم عليهم السلام.
المذيع: نكته جداً مهمة لطيفة نعم.
الشيخ محمد السند: فهذا مايدلل على ماذا؟ مما يدلل على أن هذه إذن ألوان تتجمع في دعاء الندبه للوصول الى هذا المغزى وهو الارتباط الحيوي الفاعل الدائم الوثيق المتين بأعلى درجاته، كي يؤمن في الواقع حينئذ الطاعة الأئتمامية والانقياد نحو الامام عجل الله تعالى فرجه الشريف ولن يستصعب طاعة وانصياع وانقياد مع وجود محبة.
المذيع: نعم.
الشيخ محمد السند: ولن يكتب انقيادمع وجود نفرة والعياذ بالله او فاصل نفساني. نعم وفجوة نفسانية بين القائد والمقود وبين الامام والمأموم.
المذيع: سماحة الشيخ محمد السند شكراً جزيلاً على تفضلكم بهذه البيانات في هذه الحلقة وفي سابقاتها.
الشيخ محمد السند: اهلاً وسهلاً بكم.
المذيع: جعلنا الله واياكم مستمعينا الافاضل من المتقربين لله تبارك وتعالى بالتحقق بمضامين دعاء الندبة وفي الحقيقة الفوز برضا الامام سلام الله عليه من خلال محبته الدافعة الى طاعته رزقنا الله وإياكم رؤية طلعته الرشيدة وغرته الحميدة، السلام عليكم.

*******

*يمكن الاستفادة من البرنامج مع ذكر المصدر