وتقتفي هذه الأعمال الفنيّة، المعروضة في متحف “إثراء” في مدينة الظهران رحلة الكيلومترات الأربعمئة التي قطعها النبي محمد في الصحراء، في ثمانية أيام، بعد اشتداد الاضطهاد الوثنيّ في مكّة، قبل 1444 عاماً.
واُفتتح المعرض للجمهور هذا الأسبوع، وسيبقى لمدة تسعة أشهر في المتحف بمدينة الظهران في شرق البلاد، قبل انتقاله في جولة داخل البلاد ثم في الخارج، مع وجهات محتملة في آسيا وأوروبا.
ويقول الباحث السعودي عبد الله حسين القاضي، الذي قطع طريق الهجرة بنفسه 60 مرة، إن معظم المسلمين يعرفون الخطوط العريضة لقصة الهجرة، إلا أنها لم تُعرض يوماً بهذه الطريقة المفصّلة والشاملة، إذ يضمّ المعرض مختلف أنواع المقتنيات والوسائط، من قطع أثرية تعود إلى قرون مضت إلى لقطات حديثة التقطتها طائرات مسيّرة.
أما الجمهور من غير المسلمين، فيأمل القاضي في أن يشكّل المعرض فرصة لهم للاطّلاع على قصّة الهجرة وما فيها من “رسائل تسامح مع المهاجرين، وهو موضوع يمكن ربطه بالحاضر”.
“كلنا لاجئون”
استغرق التحضير للمعرض ثلاث سنوات، وهو يضم أعمالاً لأكاديميين وفنانّين من 20 دولة.
تصوّر أفلام قصيرة للمخرج الأمريكي أوفيديو سالازار كيف تآمر شيوخ قريش على قتل النبي، ما دفعه للخروج من مكّة، ولقاء سراقة بن مالك، الذي أراد أول الأمر تسليم النبيّ لقريش في مقابل 100 ناقة، قبل أن يؤمن بنبوّته.
ومن المعروضات في المتحف نسخة بالحجم الطبيعي من ناقة النبي، وصور معاصرة من طريق الهجرة، ومنسوجات من المسجد النبوي في المدينة المنورة.
من المشاركين في المعرض الفنانة السعوديّة زهرة الغامدي، التي سبق أن عرضت أعمالها في بينالي البندقية والمتحف البريطاني، وهي تعرض عملاً من القماش المغمّس بالصلصال والطين يستعيد روح التضامن بين سكان المدينة.
وتقول زهرة الغامدي “أردت من هذا العمل استعادة مفهوم الأخوة الذي يعطي معنى للحياة”.
وتروي كتب التاريخ الإسلامي أن النبي نجح في تأسيس دولة في المدينة قامت على تضامن غير مسبوق بين أبناء قبائل كان بينها تاريخ مرير من الحروب، وعلى تكافل اقتصادي بين سكّان المدينة، أو “الأنصار”، والهاربين إليهم من الاضطهاد الوثني، أو “المهاجرين”.
وقال رئيس قسم البرامج في متحف “إثراء” أشرف إحسان فقيه “هذه هي رسالة المعرض تحديداً، نحن جميعاً لاجئون في هذا العالم، نحن جميعاً مهاجرون”.