البث المباشر

عن دوافع محاربة أحاديث الحوض المحمدي

الثلاثاء 29 يناير 2019 - 11:51 بتوقيت طهران

الحلقة 130

بعد مضي ساعات من بدأ واقعة كربلاء وقتل اصحاب الامام الحسين الاوفياء واهل بيته النجباء، وقف الامام (عليه السلام) في ساحة المعركة وحده وكان جده رسول الله (صلى الله عليه وآله) يرقب الحركة من عالم هو غير العالم الذي يحيى فيه الناس، ام سلمة سوف تراه في المنام بعد قتل ابي عبد الله الحسين وعلى لحيته التراب ويقول له شهدت قتل الحسين انقا، لقد وقف سيد الشهداء (عليه السلام) في خاتمة عمل فذ لا يقدر عليه سواه فأقام به الحجة الدائمة التي شاء الله ان يجعلها بالغة دامغة تضرع الذاكرة على امتداد التاريخ، وتدفع بالفكر الحي الى طريق البحث عن الحقيقة، وكانت في مواجهة الحسين (سلام الله عليه) ان البشرية تعيش حالة الانفصال الذميم بين الاقوال والافعال، خرجت من خيام فيها الكثير من التقيح والفساد الذي يغلق ابواب الامل ولم يرفع الامام يده استسلاماً لهذه الانماط، لم يرفع الامام يده وانما تصدى للخيام التي تضم حشداً من الجرائم وتكتظ بالقتل والاثام فواجه العدوان البهيمي المتوحش الذي ليس له نظير، كان الامام ابو عبد الله في احلك الظروف يدعو الى اقامة الدين وكان خصومه الذين ترعرعوا تحت ثقافة الغدر والسب وامام بيوت المال يعملون من اجل الحصول على حزمة من الدنيا قذرة، كانوا يعملون من اجل كيس من النقود وكانوا يجهدون ليضعوا العقبات امام الحسين لكي يظل غير قادر على تحقيق ما يريد في حين يبلغ كل منهم ما اراد.
امام الجموع التي تقرقع انيابها كقرقعة الحيتان وقف الامام الحسين (صلوات الله عليه) والدماء تغطي وجهه القدسي بعد ان ضربه رجل من كندة على رأسه الشريف فقطع البرز وادمى الرأس فقال لهم (سلام الله عليه) أعلى قتلي تحاثون، اما والله لا تقتلون بعدي عبداً من عباد الله، الله اسخط عليكم لقتله مني وايم الله اني لارجو ان يكرمني الله بها منكم ثم ينتقم لي منكم من حيث لا تشعرون، اما والله ان لو قتلتموني لا لقى الله بأسكم بينكم وسفك دمائكم، ثم لا يرفع لكم بذلك حتى يضاعف لكم العذاب الاليم.
وكان (سلام الله عليه) قال: «اني لم اخرج اشراً ولا بطراً ولا مفسداً ولا ظالماً وانما خرجت لطلب الاصلاح في امة جدي واسير بسيرة جدي محمد (صلى الله عليه وآله) وابي علي بن ابي طالب فمن قبلني بقبول الحق فالله اولى بالحق ومن رد علي هذا اصبر حتى يقضي الله بيني وبين القوم الظالمين».
كان ابا عبد الله الحسين (صلوات الله عليه) يذكر ويقيم الحجة وكان الذين تجمعوا في قبالته تلمع في عقولهم دنانير عبيد الله بن زياد، كما لمع العجل في قلوب بني اسرائيل، كان (عليه السلام) يلقي عليهم كلمات فيها حياتهم وبها يعيشون احراراً وكانوا هم يبحثون عن حجارة ليردموه بها، هو يريد حياتهم وهم يريدون قتله وصاح الحسين مالك يا بن سعد قطع الله رحمك ولا بارك الله لك في امرك وسلط الله عليك بعدي من يذبحك على فراشك، كما قطعت رحمي ولن تحفظ قرابتي من رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ثم رفع (عليه السلام) صوته وتلا قوله تعالى «إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ، ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِن بَعْضٍ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ» كان يذكرهم بما يعرفون وبما يخفون، وتعالت الاصوات، الحق مع آل معاوية، وقطع ضجيجهم صوت الحسين «نعم الرب ربنا وبئس العبيد انتم يا امة السوء بأس ما خلفتم محمداً في عترته».
وبعد ان حذرهم التحذير الاخير رماه حصين بن تميم بسهم فوقع في فمه فجعل الامام يتلقى الدم من فمه ويرمي به الى السماء ثم حمد الله واثنا عليه ثم جمع يديه وقال «اللهم احصهم عدداً واقتلهم بدداً ولا تذر على الارض منهم احداً».
وقف الامام ابو عبد الحسين امام رحله الذي فيه ما تركته السيوف من بقايا اجساد ابناءه وقف طويلاً وحده لا يأتيه احد حتى نزف دمه وبعد ان ارتوت الارض من دماءه المقدسة نادى شمر بن ذي الجوشن ويحكم ماذا تنتظرون بالرجل فأقتلوه ثكلتكم امهاتكم وعندئذ حمل الرجال من كل جانب على الحسين وضربه ذرعة بن شريك على كتفه اليسرى وضرب على عاتقه ثم انصرفوا عنه وهو ينوء ويكبوا ثم جاء‌ اليه سنان بن ابي عمرو فطعنه بالرمح فوقع (صلوات الله عليه)، يقول عبد الله بن عمار رأيت الحسين حين اجتمعوا عليه يحمل على من على يمينه حتى انذعروا عنه فوالله ما رأيت مكسوراً قط قد قتل اولاده واصحابه اربط جأشاً منه ولا امضى جناناً منه، والله ما رأيت قبله ولا بعده مثله، وعندما جاء الشقي شمر بن ذي الجوشن ليجهز على الامام نظر اليه الامام وقال صدق الله ورسوله، قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كأني انظر الى كنز يقبع في دماء اهل بيتي، وكان شمر ابرص فقد شاهراً سلاحه على الامام المظلوم.
لقد شاء الله عزوجل ان تكتمل حركة الامام الحسين في هذه البقعة من الارض لتبدأ الحركة بصورة اخرى على امتداد التاريخ وروي ان الحسين سأل عن هذه البقعة فقالوا كربلاء فقال صدق الله ورسوله كرب وبلاء وفي رواية الطبري صدق رسول الله ارض كرب و بلاء. وهكذا تكون دائرة الكرب مدخلاً الى دائرة البلاء وهكذا كان للواقعة حكمة لها هدف كبير يظل يذكر ويحرك طيلة الزمان، فسلام على الحسين وعلى اولاد الحسين وعلى اصحاب الحسين الذين بذلوا مهجهم دون الحسين (عليه السلام).

*******

 

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة