البث المباشر

العجوز المواسية لعيالات الرسول(ص) إمرأة من بني بكر بن وائل زوجة عبد الله بن عمير

الأربعاء 26 يونيو 2019 - 08:53 بتوقيت طهران
العجوز المواسية لعيالات الرسول(ص) إمرأة من بني بكر بن وائل زوجة عبد الله بن عمير

وكم حرة حسرى بدت من خباً لها

وليس عليها ساتر غير مرفق

هنالك لو شاهدتها تنفث الشجى

بقلب من الوجد المبرح محرق

لعز امير المؤمنين خروجها

عليك بحال احزنت كل مشفق

بات حريم رسول الله صلى الله عليه وآله ليلة الحادي عشر من المحرم في اوحش حال وارهبه، حيث الفاجعة العظمى بقتل ولي الله الحسين واهل بيته وذويه واصحابه، وها هي ابدانهم الزاكية مقطعة متناثرة تملأ صحراء كربلاء، وتلك اخبية الركب الحسيني وخيامه يتعالى منه دخان الحرائق، والقوم كذئاب تحيط من كل جانب بعد غارات اريد بها السلب والنهب، فلا غيرة تردعهم ولا انسانية ولا حياء، بعد ان لم يكن لهم دين ولم يؤمنوا بيوم المعاد، ولم يصبحوا احراراً من شهواتهم الدنيوية الحيوانية.
وفي تلك الليلة، كان هنالك نسوة مؤمنات صالحات، واسين حرم النبي في مصيبتهن العظمى، فلذن بهن، وتجمعن معهن، وشاركنهن نكبتهن، وان خيم عليهن الرعب، والاضطراب وكان من بينهن امرأة نجيبة لم يتعرف عليها التأريخ الا كونها عجوزاً اضعف قواها الزمن فعادت ضعيفة البدن، ومع ذلك كانت غيورة تطفح شهامة وعزة وولاءً لاهل البيت عليهم السلام، فما قصتها تلك؟
ذكر اصحاب المقاتل ان عجوزاً حضرت واقعة الطف يوم عاشوراء مع الامام الحسين عليه السلام، وذاك توفيق لم يتسن لكثير من الرجال، فشاهدت تلك العجوز بأم عينيها ما جرى على آل الرسول صلى الله عليه وآله من المصائب والمحن، وشاركتهم في ذلك كله، وبعد شهادة زوجها بين يدي سيده ومولاه الحسين سلام الله عليه نهضت العجوز رضوان الله عليها تقدم ولدها وفلذة كبدها ليدافع عن امام زمانه ابي عبد الله الحسين عليه السلام وعن عياله الاطهار وتلك قصتها يوم عاشوراء.
في كتابه (مقتل الحسين عليه السلام) كتب الخطيب الخوارزمي الحنفي ثم خرج من بعد ذلك شاب قتل ابوه في المعركة، وكانت امه عنده فقالت له: يا بني اخرج وقاتل بين يدي ابن رسول الله حتى تقتل، فأجابها ولدها: افعل فخرج.
فقال الحسين عليه السلام: هذا شاب قتل ابوه، ولعل امه تكره خروجه!
فقال الشاب: امي امرتني بذلك يا ابن رسول الله فخرج وهو يقول:

اميري حسين ونعم الامير

سرور فؤادي البشير النذير

عليٌّ وفاطمة والداه

فهل تعلمون له من نظير!

ثم قاتل رضوان الله عليه حتى قتل، فاحتز القوم رأسه ورموا به نحو عسكر الحسين، فاخذته امه وخاطبته بقولها: احسنت يا بني، يا قرة عيني وسرور قلبي. ثم قامت فأخذت عمود خيمة وحملت على قوم عمر بن سعد وهي تقول:

اني عجوز في النسا ضعيفة

بالية، خاوية، نحيفة

اضربكم بضربة عنيفة

دون بني فاطمة الشريفة

قال الراوي: فضربت رجلين فقتلتهما، فامر الامام الحسين عليه السلام بصرفها وارجاعها الى خيمتها، وقد دعا لها.
عادت تلك العجوز الى خيمتها، لكنها في الحادي عشر من المحرم ابت الا ان تنضم الى ركب السبايا من آل البيت عليهم السلام.
ولم تزل كربلاء تحدثنا عن المواقف الشامخة، من نساء اخذتهن الغيرة على كرائم الوحي وبنات الرسالة، ولو كان الامر اليهن لقاتلن مثل الرجال، واخترن الاسر مع آل النبي على الحرية مع اعدائهم.
ذكر السيد ابن طاووس في كتابه (اللهوف على قتلى الطفوف) وكذا بان نما في "مثير الاحزان"، عن حميد بن مسلم قال: رأيت امرأة من بني بكر بن وائل، كانت مع زوجها في اصحاب عمر بن سعد، فلما رأت القوم ـ أي بعد انتهاء المعركة ـ قد اجتمعوا على نساء الحسين عليه السلام وفسطاطهن وهم يسلبوهن، اخذت تلك المرأة سيفاً واقبلت نحو الفسطاط "أي المخيم" وصاحت: يا آل بكر بن وائل! اتسلب بنات رسول الله؟! لا حكم الا لله! يا لثارات رسول الله! فأخذها زوجها وردها الى رحله.
وفي تاريخ الطبري وتاريخ ابن كثير البداية والنهاية، وانساب الاشراف/للبلاذري والكامل/لابن الاثير، ان رجلاً من بني عليم اسمه عبد الله بن عمير نزل الكوفة، فلما راى الحسين قد جعجع به نحو كربلاء قال: اني لارجو الا يكون جهاد هؤلاء الذين يغزون ابن بنت نبيهم ايسر ثواباً عند الله من ثوابه اياي في جهاد المشركين، ثم اخبر زوجته بالامر فقالت له: اصبت اصاب الله بك ارشد امورك، افعل واخرجني معك، فخرج بأمرأته ليلاً حتى اتى الحسين فأقام معه، فلما كان القتال برز عبد الله بن عمير مستئذناً مولاه الحسين، فأذن له قائلاً: اني لاحسبه للأقران قتالاً، واذا بامرأته وتدعى ام وهب، تأخذ عموداً وتقبل نحو زوجها تقول له: فداك ابي وامي قاتل دون الطيبين من ذرية محمد، فأخذ يردها نحو النساء وهي تجاذبه ثوبه وتقول له: لن ادعك دون ان اموت معك فناداها الحسين: جزيتم من اهل بيت خيراً، ارجعي فانه ليس على النساء قتال، فانصرفت، ثم انضمت الى نساء الحسين تندب الشهداء ومنهم زوجها، ثم واصلت معهن مسير ركب السبا.

*******

 

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة