البث المباشر

إهتداء البرفسور الالماني (حسن مانكولد بالفطرة الحسينية)

الأحد 21 أكتوبر 2018 - 19:29 بتوقيت طهران

السلام عليكم إخوتنا الأكارم وأهلاً بكم في أولى حلقات هذا البرنامج الذي نستنشق فيه أريج الهداية الحسينية عبر التطواف على قصص الذين إهتدوا الى الحياة الطيبة ببركة أخلاق الحسين وسيرته ونهضته ومظلوميته صلوات الله وسلامه عليه...  وسنختار لكم أيها الأعزاء نماذج من مختلف عصور التاريخ الإسلامي قبل الملحمة الحسينية وبعدها والى عصرنا الحاضر... 

كما سنختار نماذج للمهتدين ببركة سيد الشهداء الحسين(عليه السلام) من مختلف الأديان والأقوام والجنسيات وخاصة في العصور الأخيرة والعصر الحاضر على نحو التحديد الذي سيكون له الحظ الأوفر من هذا البرنامج...

وقصة هذا اللقاء ستكون عن إهتداء إستاذ جامعه(هامبورغ الألمانية) البرفسور جرهارد مانكولد كما أننا في هذا البرنامج سنحرص على تقديم إشارات عقائدية للأصول الشرعية للهداية الحسينية كالتي ستستمعون لها بعد قليل فكونوا معنا.
 

أيها الأعزّة الأفاضل..
إنّ فلسفة الأديان جميعا قائمة على الإصلاح والصلاح، فمن الله جلّ وعلا أسباب الإصلاح، ومن الناس السعي لبلوغ الصلاح. ومن هنا أحبّتنا المؤمنين فاضت الرحمة الإلهية الشاملة للأكوان والكائنات، ولجميع المخلوقات فكانت وجودا منظّماً وفق سنن محكمة حكيمة، ووجوداً مرزوقاً يسبح في رحاب الله تبارك وتعالى، ويسبّح في هداية ربّانية باصرة: ولكنّ الله سبحانه وتعالى– أيها الإخوة – اختصّ الإنسان بكرامات، فخلقه في أحسن تقويم، ثمّ وجّه اليه البعثات والنبوّات والرسالات، ليهتدي على نور الإرشاد الإلهي من خلال الكتب السماوية النيرة، والوصايا النبوية المصلحة الخيرة... فالأنبياء، والأوصياء، وجودات قدسية مصلحة، وكذا الأئمّة الأبرار عليهم السلام، هم وجودات هداية مرشدة؛

ذلك أنّ الرسالات والنبوّات لم تتكامل مراحلها، ولم تبلغ أهدافها، إلاّ من خلال الوصيات التي بلّغوها عليهم السلام بأمر الله تعالى وتعيينه في خلفائهم وأوصيائهم، كما أثبت ذلك المؤرّخ الشهير عليّ بن الحسين المسعودي صاحب كتاب (مروج الذهب)، وذلك في مؤلّفه النافع (إثبات الوصية)، حيث ذكر هذا الباحث التاريخيّ من خلال تاريخ الأديان والأمم أنّ جميع الأنبياء والمرسلين صلوات الله عليهم أجمعين، كان لهم أوصياء واصلوا منهجهم على مستوى البيان والتوضيح والتأويل، وعلى مستوى التطبيق والإعمال في جميع شؤون الحياة الإنسانية: الفردية منها والأسرية، وكذا الحياة الاجتماعية.
 

ثمّ أيها الإخوة الأعزّاء – كان للنبيّ المصطفى محمد صلى الله عليه وآله أوصياؤه، سنّة مطّردة من عهد آدم عليه السلام، وهذا المعنى العقائدي السامي نقرأه في دعاء إمامنا المهديّ حجّة الله على عباده، وهو(دعاء الندبة) المبارك، حيث يقول فيه: "وَكُلٌّ شَرَعْتَ لَهُ شَريعَةً، وَنَهَجْتَ لَهُ مِنْهاجاً، وَتَخَيَّرْتَ لَهُ اَوْصِياءَ، مُسْتَحْفِظاً بَعْدَ مُسْتَحْفِظٍ مِنْ مُدَّةٍ اِلى مُدَّةٍ، اِقامَةً لِدينِكَ، وَحُجَّةً عَلى عِبادِكَ، وَلِئَلّا يَزُولَ الْحَقُّ عَنْ مَقَرِّهِ وَيَغْلِبَ الْباطِلُ عَلى اَهْلِهِ، وَلايَقُولَ اَحَدٌ لَوْلا اَرْسَلْتَ اِلَيْنا رَسُولاً مُنْذِراً وَاَقَمْتَ لَنا عَلَماً هادِياً فَنَتَّبِـعَ آياتِكَ مِنْ قَبْلِ اَنْ نَذِلَّ وَنَخْزى، اِلى اَنِ انْتَهَيْتَ بالأمْرِ اِلى حَبيبِكَ وَنَجيبِكَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ"، إلى أن يقول الإمام المهديّ عجل الله تعالى فرجه الشريف: "ثُمَّ جَعَلْتَ اَجْرَ مُحَمَّدٍ صَلَواتُكَ عَلَيْهِ وَآلِهِ مَوَدَّتَهُمْ"أي مودّة قرباه أهل بيته – في كِتابِكَ فَقُلْتَ: "قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى"(سورة الشورى:۲۳) وَقُلْتَ: "قُلْ مَا سَأَلْتُكُم مِّنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ"(سورة سبأ:٤۷)، وَقُلْتَ: "قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِلَّا مَن شَاء أَن يَتَّخِذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلاً".

(سورة الفرقان:٥۷)، فَكانُوا هُمُ السَّبيلَ اِلَيْكَ وَ الْمَسْلَكَ اِلى رِضْوانِكَ، فَلَمَّا انْقَضَتْ اَيّامُهُ اَقامَ وَلِيَّهُ عَلِيَّ بْنَ اَبي طالِب صَلَواتُكَ عَلَيْهِما وَآلِهِما هادِياً، اِذْ كانَ هُوَ الْمُنْذِرَ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ. (۱)
روى الحافظ الحاكم النّيسابوريّ الشافعيّ في (المستدرك على الصحيحين) (۲) وغيره من علماء أهل السنة عن عبدالله بن عبّاس أنّه قال: لمّا نزلت الآية "إِنَّمَا أَنتَ مُنذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ"(سورة الرعد:۷) وضع النبيّ صلى الله عليه وآله وسلّم يده على صدره فقال:«أنا المنذر» ثمّ قال:«ولكلّ قوم هاد».

وأومأ صلى الله عليه وآله بيده إلى منكب عليّ عليه السلام فقال: "أنت الهادي يا عليّ، بك يهتدي المهتدون بعدي".
 

نعم أيها الأحبّة الموالون، بعد ذلك يتوالى أئمّة أهل البيت عليهم السلام بعد رسول الله ووصيه، ينهضون فيبينون ويشرحون ويوضّحون، ويطبّقون معالم الدين الحنيف، ويترجمون آيات الرحمان وسنّة النبي المختار إلى الواقع العقليّ والنظريّ، والعمليّ والحياتيّ...

فيكونون لهذه الأمّة المرحومة أسباب هداية ورحمة، ونجاة وفوز، وكان منهم: الإمام أبو عبدالله الحسين بن عليّ صلوات الله عليه وعلى آبائه وأبنائه الميامين، إذ عيّنه الله تعالى ولياً له ووصياً لرسوله، الذي سيقوم بهداية الملأ، فيمتحن الناس به...

وقد سبق أن نبّه النبيّ أمّته إلى ذلك، حيث روى ابن شاذان من طريق العامّة، بإسناده إلى عبدالله بن عمر أنّ رسول الله صلى الله عليه وآله قال:" بي أنذرتم، وبعليّ بن أبي طالب أهتديتم"، وقرأ صلى الله عليه وآله: "إنّما أنت منذر ولكلّ قوم هاد"، ثمّ قال:"وبالحسن أعطيتم الإحسان، وبالحسين تسعدون، وبه تشقون. ألا وإنّ الحسين باب من أبواب الجنّة، من عانده حرّم الله عليه ريح الجنّة".
مستمعينا الأفاضل... طالت بنا المقدمة العقائدية في هذا اللقاء بعض الشيء بحكم أنه لقاؤنا الأول بكم ضمن هذا البرنامج ولذلك نختار قصة قصيرة يضطرنا ضيق الوقت المتبقي الى بعض الإختصار في نقلها لكم.
إنها قصة إهتداء برفسور ألماني ناهز العقد السابع من عمره وبلغ من النضوج الفكري ما يبعده عن أن تكون مواقفه نابعة عن الحماس أو قلة التجربة مثلاً...

إنه البرفسور الألماني (جرهارد مانكولد)، وهو إستاذ في جامعة هامبورغ الألمانية، وقد إختارته رئاسة الجامعة ممثلاً عنها للتفاوض مع مجلس محافظة مدينة كربلاء المقدسة بشأن دعوة وجهها المجلس للجامعة الألمانية وطلب فيها من الجامعة تخصيص مقاعد دراسية في كلية الطب لطلبة عراقيين من كربلاء لتلبية إحتياجاتها في الإختصاصات الطبية...
وجاء هذا الإستاذ الجامعي العراق وزار كربلاء الحسين للتفاوض مع مجلس محافظتها... فجذبه ما لايعرف كنهه في المشهد الحسيني المبارك...

عاد الى وطنه المانيا وأفكار هذه الجذبة الغريبة تعتمل في قلبه وروحه وعقله... ثم قرر أن يزور كربلاء ثانية ولكن ليس ممثلاً لجامعة هامبورغ بل جاء ممثلاً لقلبه.. ولم يأت للتفاوض عن إستقبال البعثات الدراسية بل جاء لكي يقول للعالم: إنني بالحسين إهتديت...
إلتقى الإستاذ (جرهارد مانكولد) الذي إختار لنفسه اسم (حسن) بأمين عام العتبة الحسينية في أربعينية الإمام الحسين ع عام ۱٤۳۲ للهجرة...
 

وقال في هذا اللقاء: عند دخولي صحن المقام الحسيني أحسست باحساس غريب لم أشعر به من قبل... كان هذا – مستمعينا الأكارم – وصفاً لحالة الطمأنينة والسكينة التي شعر بها البرفسور الإلماني(حسن مانكولد) في المرة الأولى...

حالة من وجد ما كان يفتقده طويلاً – بدافع فطرته – وهو لايعرف ما هو... وأضاف البرفسور حسن قائلاً بكل وضوح: إن هذه هي زيارتي الثانية للعراق... وقد جئت خصيصاً لإشهار إسلامي في مرقد الحسين... عندما رأيت حشوداً من الزائرين يقطعون آلاف الكيلومترات للوصول الى هذا المقام شعرت أنني قريب جداً من هذا الدين وهذه العقيدة...

أحسست أن الله قريب مني جداً وأنا في المشهد الحسيني... فأحببت أن أعتنق الإسلام عن طريق هذه العقيدة، عقيدة الحسين، لأنها لامست قلبي وتفكيري...

إنني مرتاح روحياً في كربلاء... أحس أن العراق أصبح بلدي وكربلاء مدينتي وأنا مسرور باسلامي في كربلاء وتأديتي لزيارة الحسين... أشعر بالسرور وأنا أرى الملايين وهم يأتون الى هذه المدينة المقدسة لزيارة الحسين...

أتمنى أن تكون لي زيارة أخرى مع عائلتي هذه المرة لكربلاء وللحسين الذي به اهتديت...
كانت هذه مستمعينا الأكارم خلاصة قصة البرفسور الألماني حسن مانكولد إستاذ جامعة هامبورغ الألمانية وإهتدائه للدين الحق ببركة الحسين عليه السلام... وبها ننهي الحلقة الأولى من برنامج (بالحسين اهتديت) إستمعتم لها من اذاعة طهران صوت الجمهورية الاسلامية في ايران... شكراً لكم ودمتم بكل خير...

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة