البث المباشر

تفسير موجز للآيات 29 الى 32 من سورة الزمر

الثلاثاء 14 إبريل 2020 - 23:31 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- نهج الحياة: الحلقة 857

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وأفضل صلوات المصلين على سيدنا محمد وآله الطاهرين . السلام عليكم أحبتنا القرانيين ورحمة الله وبركاته يتجدد لقائنا بكم عند مائدة القران الكريم لننهل من فيضه المبارك ونجعله منهاج حياتنا إن شاء الله . اليوم نتوقف عند آيات 29 حتى 32 من سورة الزمر المباركة .لنستمع بداية إلى تلاوة الاية 29 من سورة الزمر المباركة:

رَبَ اللَّـهُ مَثَلًا رَّجُلًا فِيهِ شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ وَرَجُلًا سَلَمًا لِّرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلًا ۚ الْحَمْدُ لِلَّـهِ ۚ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ﴿٢٩﴾ 

كما تابعتم في الحلقة الماضية فقد أشرنا إلى أن الله يأتي بالأمثلة ليتذكر الناس وتطبيقا لهذا الكلام يأتي بتمثيل عن أحوال الموحدين و المشركين ، وذلك ضمن إطار مثل ناطق وجميل، إذ يقول: (ضرب الله مثلا رجلا فيه شركاء متشاكسون)أي إنّ هناك عبداً يمتلكه عدّة أشخاص، كلّ واحد منهم يأمره بتنفيذ أمر معين، وهو في وسطهم كالتائه الحيران، لا يدري أي أمر ينفّذ، فالأمران متناقضان ومتضادان، ولا يدري أيّاً منهما يرضيه؟والأدهى من كلّ ذلك أنّه عندما يطلب من أحدهم توفير مستلزمات حياته، يرميه على الآخر، والآخر يرميه على الأوّل، وهكذا يبقى محروماً محتاجاً عاجزاً تائهاً. وفي مقابله هناك رجل سلم لرجل واحد فهذا الشخص خطه ومنهجه واضح، وولي أمره معلوم فلا تردد ولا حيرة ولا تضاد ولا تناقض، يعيش بروح هادئة ويخطو خطوات مطمئنة، ويعمل تحت رعاية فرد يدعمه في كلّ شيء وفي كلّ أمر وفي كلّ مكان. فهل أنّ هذين الرجلين متساويان ..؟

هذا المثال ينطبق على (المشرك) و (الموحد) فالمشرك يعيش في وسط المتضادات والمتناقضات، وكل يوم يتعلق قلبه بمعبود جديد، فلا استقرار في حياته ولا اطمئنان. فاللّه سبحانه وتعالى بذكره لتلك الأمثال يرشد إلى أفضل السبل، ويضع تحت تصرف الناس أوضح الدلائل لتشخيص الحقّ عن الباطل، فهل هناك نعمة أفضل من هذه، وهل هناك أمر آخر يستحق الحمد والشكر أكثر من هذه النعمة؟! ولكن أكثرهم لا يعلمون رغم وجود هذه الدلائل الساطعة، إذ أنّ حبّ الدنيا والشهوات الطاغية عليهم يجعلهم يضلون عن طريق الحقيقة: (بل أكثرهم لا يعلمون).

ترشدنا الاية إلى مواعظ نذكر منها :

  • يسعى الإنسان الموحد لكسب رضا الباري تعالى فحسب في حين أن المشرك يبحث لإرضاء أكثر من واحد و هوأمر صعب بل مستحيل في أكثر الأحيان .
  • لا تختص آثار التوحيد و الشرك بيوم الاخرة بل إن الموحد يعيش حياة مطمئنة في الدنيا والمشرك لا ينفك عن القلق والاضطراب في حياته.

 

حسنا أيها الأكارم لنستمع إلى تلاوة الايتين 30 و31 من سورة الزمر :

إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ ﴿٣٠﴾

 ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِندَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ ﴿٣١﴾

تكملة لبحث الآيات السابقة بشأن التوحيد والشرك، تتحدث الآية التالية عن نتائج الشرك والتوحيد في موقف القيامة إذ تبدأ بمسألة الموت الذي هو بوابة القيامة، وتبيّن لكلّ البشرية أنّ قانون الموت عامّ وشامل للجميع فهو طريق يجب أن يمرّ به الجميع في نهاية المطاف حتى أحب الناس إلى الله و هو رسول الله فهويدركه الموت أيضا. ثم ينتقل البحث إلى محكمة يوم القيامة، ليصور المجادلة بين العباد في ساحة المحشر، إشارة إلى المخاصمة التي تقع بين الأنبياء والمؤمنين من جهة، والمشركين المكذبين من جهة اُخرى يوم القيامة .

وإلى بعض من تعاليم الايات المباركة :

  •  إن الموت سنة إليهة محتمة لكل البشر ولا يستثنى منه أحد .
  •  إن محكمة يوم القيامة تشهد مجادلة بين مختلف الفئات محاولة منهم لتبرئة موقفهم وإيكال المسؤولية على عاتق غيرهم ولكن الحقيقة فإن الحكم بيد الله تعالى .

و هذه الاية 32 من سورة الزمر نستمع إليها:

 فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن كَذَبَ عَلَى اللَّـهِ وَكَذَّبَ بِالصِّدْقِ إِذْ جَاءَهُ ۚ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِّلْكَافِرِينَ ﴿٣٢﴾

القرآن الكريم يعطي صفتين لأصحاب المجموعة الأولى، أي الكافرين و هم يكذبون كثيراً على الباريء عزّوجلّ، فأحياناً يعتبرون الملائكة بنات الله، وأحياناً يقولون: عيسى هو ابن الله، وأحياناً اُخرى يعتبرون الأصنام شفعاء لهم عند الله، وأحياناً يبتدعون أحكاماً كاذبة في الحلال والحرام وينسبونها إلى الله، وما شابه ذلك. وأمّا الكلام الصادق الذي أنزل إليهم وكذّبوه فهو القرآن المجيد.خاتمة الآية تبيّن في جملة قصيرة جزاء أمثال هؤلاء الأفراد، قال تعالى: (أليس في جهنم مثوى الكافرين).

ترشدنا الاية إلى :

  • أن الظلم الفكري والثقافي هو أكبر من الظلم الاقتصادي والاجتماعي و مصداق ذلك هو الكذب على الله وتكذيب الكلام الصادق.
  • إن العناد والتعصب الجاهلي يجعلان الفرد يتصدى الحق والحقيقة.

إلى هنا وتنتهي حلقة اليوم من برنامج نهج الحياة السلام عليكم .

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة