البث المباشر

تفسير موجز للآيات 1 الى 4 من سورة الزمر

الثلاثاء 14 إبريل 2020 - 19:44 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- نهج الحياة: الحلقة 849

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة على رسول الله محمد و آله الأطهرين.. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..و أهلا بكم إلى برنامج نهج الحياة ..بدء من هذه الحلقة نشرع في الحديث عن تفسير ميسر لسورة الزمر المكية و هي السورة التاسعة والثلاثون وهي تتحدث حول مبدء التوحيد و النبوة و المعاد. بداية لنستمع إلى تلاوة مرتلة للايتين الأولى والثانية من هذه السورة المباركة:

تَنزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّـهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ ﴿١﴾ 

إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللَّـهَ مُخْلِصًا لَّهُ الدِّينَ ﴿٢﴾

تشير الايتان إلى مكانة القران الكريم في الإسلام وتؤكد أن القران هو كلام الله وليس كلام الرسول محمد (ص) كما أن الكتب السماوية السابقة لم تكن أقوال المرسلين كالنبي عيسى وموسى (عليهما السلام) بل كانت كلام الله تعالى والغاية من نزولها هي هداية الناس إلى معرفة الخالق وإزالة كل أنواع الشرك والانحراف عن جادة الصواب.

صحيح أن الإنسان يعرف بفطرته أن للسموات والأرض خالقا إلا أنه يخطئ في التعرف على المصداق الحقيقي له، فيجعل لله تعالى شركاء ما أنزل الله بها من سلطان. وعليه فقد أنزلت الكتب السماوية ليبتعد الناس عن الخرافات والأفكار الباطلة وليتمسكوا بالكتاب الذي صدر من عزيز حكيم ولا يصدر من العزيز الحكيم إلا الحكمة والعزة والرشاد.

من تعاليم هاتين الايتين هو:

  • صحيح أننا لا يمكننا رؤية الله تعالى إلا أننا نتمكن من سماع كلامه وأدراكه من خلال التأمل والتدبر فيه.
  • لا تنال العزة الحقيقية إلا في ظل العلم والحكمة وهما متلازمان دوما.
  • ينبغي أن تكون العبودية لله تعالى خالصة دون أي شرك أو كفر أو خرافات.

 

و الان نستمع إلى تلاوة الاية 3 من سورة الزمر:

أَلَا لِلَّـهِ الدِّينُ الْخَالِصُ ۚ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّـهِ زُلْفَىٰ إِنَّ اللَّـهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ ۗ إِنَّ اللَّـهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ ﴿٣﴾ 

تضيف هذه الايات أن الدين الخالص لا يمكن الحصول عليه إلا من عند الله تعالى و كل ما صنعه البشر من سنن و قوانين فهي ممزوجة بالشرك والانحراف و الخرافات و الله تعالى لوحده القادر على أن يعرف الانسان إلى سبيل الهداية والعبودية المخلصة .و الله عزّوجلّ لا يقبل سوى الدين الخالص، والإستسلام الكامل له من دون أيّ قيد أو شرط، ولا يقبل أي عمل فيه رياء أو شرك، أو خلط للقوانين الإِلهية بغيرها من القوانين الوضعية.و ما يؤكد هذا المعنى الحديث الوارد عن رسول الله (ص)، جاء فيه أن رجلا قال له: يا رسول الله! إنّا نعطي أموالنا التماس الذكر، فهل لنا من أجر؟ فقال رسول الله(ص): لا، قال: يا رسول الله! إنّا نعطي التماس الأجر والذكر، فهل لنا أجر؟ فقال رسول الله (ص): "إن الله تعالى لا يقبل إلاّ من أخلص له، ثمّ تلا هذه الآية: (ألا لله الدين الخالص)". ترشدنا الايات إلى تعاليم منها:

  • مهما بلغت المدارس الفكرية البشرية إلى بعض المقامات العرفانية والمعنوية إلا أنها تظل تعاني من خيوط الشرك والانحرافات.
  • يقوم أصحاب المدارس المنحرفة بتبرير معتقداتهم ليكسبوا الاخرين نحوهم و لذلك فإن الكفار كانوا يعتبرون الأصنام شفعائهم عند الله.

 

لنستمع الان إلى تلاوة الاية 4 من سورة الزمر المباركة:

لَّوْ أَرَادَ اللَّـهُ أَن يَتَّخِذَ وَلَدًا لَّاصْطَفَىٰ مِمَّا يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ ۚ سُبْحَانَهُ ۖ هُوَ اللَّـهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ ﴿٤﴾ 

المشركون إضافة إلى أنّهم يعتبرون الأصنام وسيطاً وشفيعاً لهم عند الله، كما استعرضت ذلك الآيات السابقة، فقد اعتقدوا - أيضاً - أن بعض المخلوقات - كالملائكة - هي بنات الله، الآية المباركة ترد على هذا الإعتقاد الخاطىء والتصور القبيح بالقول: (لو أراد الله أن يتخذ ولداً لاصطفى ممّا يخلق ما يشاء سبحانه هو الله الواحد القهار). إن ّالابن مطلوب إمّا لتقديم العون أو لمؤانسة الروح، وبفرض المحال فإنّ الله عزّوجلّ لو كان محتاجاً لمثل هذا الأمر، لاصطفى لهذا بعضاً ممّن يشاء من أشرف خلقه، فلم يتخذ ولداً؟

ولكن لكونه الواحد الذي لا نظير له والقاهر والغالب لكل شيء والأزلي والأبدي، فإنّه لا يحتاج إلى مساعدة أيّ أحد، ولا يستوحش من وحدانيته حتى يزيلها عن طريق الأُنس مع الآخرين، لهذا فهو منزّه ومقدّس عن الولد، حقيقياً كان أو منتخباً.

إذن الاية ترشدنا إلى :

  • أنه ليس لله من ولد لأن طلب الولد علامة على الحاجة والله سبحانه وتعالى غني عن كل شيئ.
  • إن الله سبحانه وتعالى لا شريك له ولا شبيه. فكل مبدء أو عقيدة تفرض لله تعالى شبيها أو مثيلا فإنها مرفوض جملة وتفصيلا.

 

أيها الأكارم .. بهذا تنتهي حلقة أخرى من حلقات برنامج نهج الحياة شكرا لكم والى اللقاء.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة