البث المباشر

تفسير موجز للآيات 77 الى 80 من سورة يس

الثلاثاء 14 إبريل 2020 - 00:29 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- نهج الحياة: الحلقة 813

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الذي لا يحمد على مكروه سواه وصلى الله على أفضل الخلق أجمعين محمد وآله الطاهرين .. السلام عليكم مستمعينا الكرام ورحمة الله وبركاته يتجدد لقاءنا بكم ضمن برنامج نهج الحياة والحديث عن تعاليم سورة يس المباركة إذ نواصل الكلام حول الأيات 77 حتى 80 منها. والبداية مع الانصات إلى تلاوة الايات 77 و79 من هذه السورة المباركة ..

أَوَلَمْ يَرَ الْإِنسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِن نُّطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُّبِينٌ ﴿٧٧﴾

 وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ ۖ قَالَ مَن يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ ﴿٧٨﴾ 

قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ ۖ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ ﴿٧٩﴾

نقلت أغلب التفاسير عن الإمام أبي عبدالله الصادق (ع) أنّه قال: "جاء أُبيّ بن خلف (أو العاص بن وائل) فأخذ عظماً بالياً من حائط ففتّه ثمّ قال: إذا كنّا عظاماً ورفاتاً إنّا لمبعوثون خلقاً؟" فأنزل الله هذه الآيات للرد عليه لأنه أنكر قدرة الله تعالى على إعادة خلق الإنسان بعد أن خلقه من نطفة بحيث قال تعالى: (قال من يحيي العظام وهي رميم قل يحييها الذي أنشأها أوّل مرّة وهو بكلّ خلق عليم).

الحقيقة هي أن الدافع وراء هذا الاستنكار و التساءل المغرض هو غفلة الإنسان أو تغافله عن قدرة الباري تعالى . و عليه فإن الايات التالية تذكر الانسان بالقدرة الالهية التي خُلِق بها الانسان ُمن نطفة فالله الذي خلق الانسان من نطفة ألا يمكنه خلقه مرة أخرى من تراب ؟

الان أيها الأكارم نتوقف مع أهم الدروس التي تتحفنا بها هذه الأيات:

  • إن العناد والعصيان مع تعاليم الدين والعصيان تجاه أوامر الله عزوجل مصدره الغفلة عن حقيقة تكوين الإنسان نفسه .
  • يفتقد منكرو يوم القيامة لبرهان يقدمونه لمزاعمهم الناكرة للمعاد واليوم الآخر.

في تناول مبدء المعاد يجب الاهتمام إلى نقطتين أساسيتين هما:

  • القدرة الالهية في خلق الإنسان من جديد و ثانيا علم الباري تعالى اللامحدود بالبشر وبما يصدر منه من سلوكيات وما يضمره من نوايا .
  • إذا كان السؤال بدافع الزيادة المعرفية فهو سؤال حسن وإيجابي ولكن فيما لو كان السؤال بدافع من التشكيك والتعنت و الاستهزاء فلا خير في هذا النوع من السؤال .

 

والان أحبتنا الأكارم نستمع إلى تلاوة الاية 80 من سورة يس المباركة:

الَّذِي جَعَلَ لَكُم مِّنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ نَارًا فَإِذَا أَنتُم مِّنْهُ تُوقِدُونَ ﴿٨٠﴾

تنتقل هذه الآية لتتحدث عن إحدى الظواهر البيئية الطبيعية في عالم الخلق وهو مثال بسيط وواضح يمكن فهمه واستيعابه من قبل الغالبية وهو مثال النار التي توقد من احتكاك الحطب . والمراد من الشجر هو شجر "المرخ و هو سريع الوَرْي و يُقْتَدَح به والعَفَارُ و هي شُجَيْرَةٌ يُتَّخَذُ منها الزِّنَادُ فيسرع الوَرْي و كان العرب قديماً يأخذون منهما على خضرتهما، فيجعلون العفار زنداً أسفل ويجعلون المرخ زنداً أعلى، فيسحق الأعلى على الأسفل فتنقدح النار بإذن الله. وفي الواقع فهو يمثّل الكبريت في عصرنا الحالي. والله سبحانه وتعالى يريد القول بأنّ الذي يستطيع إشعال النار من هذا الشجر الأخضر له القدرة على إلباس الموتى لباس الحياة.

إنّ مسألة إشعال النار في خشب الأشجار مع أنّها مسألة بسيطة في نظرنا، ولكن بقليل من الدقّة نجد أنّها من أعجب المسائل، لأنّ المواد التي يتشكّل منها خشب الأشجار في أغلبها ماء وتراب، وكلاهما غير قابل للإشتعال، فما هي تلك القدرة التي خلقت من الماء والتراب والهواء- وهي مواد- طاقة لا زالت حياة البشر ومنذ آلاف السنين مرتبطة بها بقوّة؟!

فالماء والنار شيئان متضادّان، فمن يستطيع جعلهما معاً في مكان واحد، قادر على جعل الحياة والموت معاً في مكان واحد. فالذي يخلق (النار) في قلب (الماء) و (الماء) في قلب (النار) فمن المسلّم أنّ إحياء بدن الإنسان الميّت لا يشكّل بالنسبة له أدنى صعوبة.

نستلهم من الاية بعضا من الدروس والمفاهيم هي :

  •  إن معرفة الكون والعلم بالقوانين الحاكمة عليه يوفر الأرضية اللازمة لحصول الايمان بالله تعالى و قدرته وحكمته .
  • إن أشعة الشمس التي تصل إلى الأشجار فهي لا تنعدم بل إنها تُدَّخر في أغصانها واوراقِها و عندما تحترق الأشجار فهي في الواقع تحترق الطاقة التي ادُّخِرَت فيها طوال السنين إثر اصابتِها بأشعةِ الشمس .

 

بهذا انتهت حلقة أخرى من حلقات برنامج نهج الحياة شكرا لحسن تواصلكم و جميل اصغائكم والى اللقاء .

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة