البث المباشر

تفسير موجز للآيات 22 الى 24 من سورة سبأ

الإثنين 13 إبريل 2020 - 13:09 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- نهج الحياة: الحلقة 779

بسم الله الرحمن الرحيم

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصلي الله علي سيدنا محمد واله الطاهرين السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ومرحبا بكم إلى نهج الحياة حيث نواصل التدبر في الايات 22 حتي 24 من سورة سبأ المباركة والبداية مع تلاوة مرتلة للايتين 22 و23 من هذه السورة المباركة.

قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُم مِّن دُونِ اللَّـهِ ۖ لَا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِن شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُم مِّن ظَهِيرٍ ﴿٢٢﴾

وَلَا تَنفَعُ الشَّفَاعَةُ عِندَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ ۚ حَتَّىٰ إِذَا فُزِّعَ عَن قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ ۖ قَالُوا الْحَقَّ ۖ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ ﴿٢٣﴾ 

في هذا المقطع من الآيات يجرّ القرآن المشركين إلى المحاكمة في الوجدان والضمير ، وبالضربات الماحقة من خلال الأسئلة المنطقية، يحشرهم في زاوية ضيّقة، ثمّ يبيّن تفسّخ منطقهم الواهي بخصوص شفاعة الأصنام.

يلفت الباري تعالي اذهان المشركين ليعلموا أنّ هذه الأصنام أو الشركاء لا يستجيبون لدعائهم أبداً، ولا يحلّون لهم مشكلة، ثمّ تنتقل الآية إلى عرض الدليل على هذا القول، فيقول تعالى: لأنّهم (لا يملكون مثقال ذرّة في السموات ولا في الأرض وما لهم فيهما من شرك وما له منهم من ظهير).

فلو كانوا يستطيعون فعل شيء لكان لهم أحد هذه الأوصاف الثلاثة: إمّا مالكية مستقلّة لشيء في السماء أو الأرض، أو على الأقل مشاركة مع الله في أمر الخلق، أو مساعدة الخالق في شيء من هذه الاُمور. اذن فماذا تكون قضيّة شفاعة الشفعاء؟ تشير الآية الي انه لو كان هناك شفعاء لدى الله تعالى فانّهم لا يشفعون إلاّ بإذنه وأمره.وعليه فإنّ العذر الذي يتعلّل به الوثنيون بقولهم: (هؤلاء شفعاؤنا عند الله)، ينتهي بهذا الجواب، وهو أنّ الله سبحانه وتعالى، لم يجز شفاعتها أبداً...

ويبقى الفزع و الإضطراب سيد الموقف ، إلى أن يصدر عن الحكيم المتعال أمره بخصوص المتأهّلين للشفاعة.هنا يتواجه الفريقان ويتساءلان (قالوا: ماذا قال ربّكم) فيجيبونهم: (قالوا: الحقّ)، وما الحقّ إلاّ جواز الشفاعة لمن يستحق وعدمه لمن لا يستحق .وتضيف الآية في الختام (وهو العلي الكبير) وهذه العبارة متمّمة لما قاله "الشفعاء"، حيث يقولون: إنّ الله عليٌّ وكبير فأي أمر يصدره هو عين الحقّ، وكلّ حقّ ينطبق مع أوامره.

و إلى تعاليم تحفل بها الايات:

  • أن يتصور الانسان أن للكون خالقا غير الله تعالى يعبد فهو على تصور باطل .
  • إن الجهل والعجز والحاجة لدى الانسان هي التي تجعله يحتاج إلى شريك لتمشية أموره ولكن الله تعالى هو الغني عن العالمين .
  • إن الشفاعة لا تعني أن الشافع أكثر حنانا ورأفة من الله بل الله هو الذي يمنح الصلاحية لبعض العباد ليشفعوا لمن يستحقها .
  • سيأتي اليوم الذي يعترف الكفار والمجرمون بحقيقة كلام الله ورسله ولكن بعد فوات الاوان .

 

والان إلى تلاوة الاية 24 من سورة سبأ:

قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۖ قُلِ اللَّـهُ ۖ وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَىٰ هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ ﴿٢٤﴾

في هذه الآية يلج القرآن الكريم طريقاً آخر لإبطال عقائد المشركين، ويجعل مسألة "الرازقية" عنواناً بعد طرحه لمسألة "الخالقية" التي مرّت معنا في الآيات السابقة.

وهذا الدليل - أيضاً - يطرحه القرآن بصيغة السؤال والجواب من أجل إيقاظ وجدان هؤلاء و لفتهم إلى اخطاءهم من خلال اثارة الجواب في ذواتهم.يقول تعالى: (قل من يرزقكم من السموات والأرض).بديهي أن لا أحد منهم يستطيع القول بأنّ هذه الأصنام الحجرية والخشبية هي التي تنزل المطر من السماء، أو تنبت النباتات في الأرض، أو تسخّر المنابع الأرضية والسماوية لنا.الجميل أنّه - بدون إنتظار الجواب منهم - يردف تعالى قائلا: (قل الله).بمعند أنّ للسائل والمجيب رأياً واحداً، لأنّ المشركين يعتقدون بأنّ الله هو الخالق والرازق، والأصنام لها مقام الشفاعة فقط.

نستلهم دروسا من الاية منها:

  • في مجال التعليم والتربية يجب استخدام أسلوب إثارة السؤال من المتلقين لتحفيزهم على التفكير.
  • صحيح أن الانسان يقوم بانتاج مختلف الصناعات والمنتوجات إلا أن العلة الحقيقية للكائنات هو الله سبحانه وتعالى.
  • إن من مصاديق الأرزاق السماوية هي ضياء الشمس وحرارتها والسحاب والمطر و.. ومن الأرزاق الأرضية هي الفواكه والانعام و سائر بركات الأرض.
  • يبنغي مراعاة الأدب واحترام المقابل حتى وإن كان مخالفا معنا في الفكر والعقيدة و لا يجوز القول بأننا على حق و أنتم على باطل.

ايها الأكارم وصلنا إلى نهاية هذه الحقلة من برنامج نهج الحياة حتى ان نلتيقكم في حلقة قامة نستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة